القفطان المغربي على قائمة التراث غير المادي للإنسانية
الرباط: كريم السعدي
صادقت اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، الأربعاء، في دورتها الـ20 المنعقدة في نيودلهي، بين 8 و13 كانون الأول /ديسمبر الجاري، على ملف تقدمت به المملكة المغربية لتسجيل القفطان المغربي تراثاً عالمياً.
وعبر المندوب الدائم للمغرب لدى منظمة اليونسكو في باريس سمير الظهر، خلال كلمة إلى المشاركين في أشغال هذه اللجنة، بعد المصادقة على الملف المغربي، عن سعادته وفخره، مشدداً على أن هذا الزي التقليدي يجسد الهوية المغربية وإلهام الشعب المغربي العريق وإبداعه.
وشدد السفير الظهر على أن هذا التسجيل لم يقم سوى بإحقاق الحق، إذ يعترف بمعارف مختلف المناطق في المغرب. ورأى أن "هذا العمل، الذي يحمل إيماناً راسخاً بضرورة الذود عن الهوية المغربية العريقة التي ما فتئت تتعزز في المملكة، يدعونا إلى الاعتراف بقوة المرأة المغربية، التي نقلت معارف الأجداد عبر الأجيال".

روح بلد وأناقته
اعتبر الظهر أن هذا التسجيل "يبين مدى الطابع الأصيل للقفطان وحماية الهوية الثقافية، لكي لا يكون أبداً عنصراً مجتثاً من عروقه وأصوله"، مشيراً إلى أن هذا الزي الذي تطور عبر العصور وصمد، لا يزال مصدر إلهام للمصممين المغاربة. وأَضاف: "كل غرزة، وكل تطريزة تمثلان ذاكرة لأمتنا. وهذا التسجيل هو اعتراف وتقدير لما قامت به مختلف المجموعات المحلية في المغرب، التي عملت على صون هذا التراث".
ورأى الظهر في صون هذا العنصر الثقافي "مسؤولية تقع على عاتقنا باعتبارنا دولة طرفاً في هذه الاتفاقية، لكي نحمي هذا العنصر من الاستخدام السياسي أو التسويق غير اللائق"؛ وذلك في إشارة إلى محاولات جزائرية لإدراج القفطان كتراث جزائري ضمن قوائم اليونسكو، قبل أن ينجح المغرب في إفشالها؛ وهي محاولات رأى فيها المغاربة محاولة "ترمي إلى السطو على التراث غير المادي المغربي".
وخلص الظهر إلى أن تسجيل القفطان "لا ينبغي أن يكون مصدراً للتجاذبات السياسية أو أن يخلق شرخاً بيننا". وأضاف: "بإدراج القفطان لا نسجل فقط لباساً جميلاً، بل نسجل روح هذا الشعب وما أبدعه".

غنى التراث المغربي
أوضح بيان لوزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية أن المملكة تقدمت بملف متكامل، يضم عناصر مهمة، تبرز غنى التراث الثقافي غير المادي المرتبط بالقفطان وتطوره، مشيرة إلى أنها سهرت على هذا الملف إلى جانب المندوبية الدائمة للمغرب لدى منظمة اليونيسكو.
وشدد بيان للوزارة على أن هذا الاعتراف الدولي بالقفطان المغربي يأتي تتويجاً لجهود المملكة بقيادة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يولي عناية للثقافة المغربية ولصون التراث الثقافي المغربي.
وتقول الوزارة المغربية، في معرض بيانها، إن القفطان المغربي هو أكثر من مجرد لباس، إذ هو رمز حيّ للهوية المغربية، يجري تناقله من الأم إلى الابنة، ومن المعلم إلى التلميذ، منذ أكثر من ثمانية قرون، كما يجسد تراثاً تقنياً وجمالياً استثنائياً، يحظى بالاحتفاء في جميع أنحاء العالم.
عالمية القفطان
فضلاً عن قيمته على المستويين الحضاري والتاريخي، صار للقفطان المغربي، منذ سنوات طويلة، حضور عالمي، بعد أن نال إعجاب المصممين العالميين بخصوصيته وتأثيره عليهم عبر السنوات، الشيء الذي حمله من البيوت والمناسبات المغربية الحميمة إلى العالمية على يد كبار المصممين، وجذب انتباه نساء من جنسيات أخرى، فيما صارت تقام له عروض بانتظام في عدد من المدن المغربية وفي كثير من عواصم الموضة عبر العالم.
ويرى المأخوذون بجمال الأزياء التقليدية المغربية في القفطان عنواناً لتميز الإبداع التقليدي المغربي على مستوى الأزياء، ويقولون إنه تحول إلى "أسطورة في عالم الأزياء" لجهة أنه يُقدم للناظرين، في علاقته بالنساء على الخصوص، "لوحة تجمع بين الثقافة الأصيلة التي لا تتخلص من الماضي كلياً، ولا تُهمل مسايرة العصر، محافظة بذلك على أناقة المرأة المغربية وحشمتها"، على رأي المصممة المغربية سميرة حدوشي، التي ترى أن الأمر يتعلق، باختصار، بثوب كالأحلام "يمنح الأنثى شخصية أقرب إلى الملكات في ثيابهن الأسطورية".
ولا تقف فرادة القفطان المغربي عند حدود الجمال الذي يفتن العين ويضفي على المرأة أناقة خلابة، طالما أنه "يفيض أنوثة ورقة وحشمة ووقاراً، ونطل عبره على تاريخ مغربي وحضارة حافلة بغناها وتألقها"، إذ يربط العارفون بتفاصيل الموضة تميز هذا الزي بـ "نوعية الأقمشة الفاخرة التي تُستخدم في صناعته، وألوانه الجريئة والمتناغمة، إضافة إلى التطريز بشكل كثيف أحياناً، والتصميم الذي يراعي عنصر الاحتشام، من دون أن يؤثر في الجمال العام للزي، بل ويضفي عليه، في كثير من الأحيان، نوعاً من الغموض والتألق".
نبض