مناورات أميركيّة تجمع المتقاتلين للمرّة الأولى... هل اقترب حلم توحيد الجيش اللّيبي؟

شمال إفريقيا 27-10-2025 | 06:24

مناورات أميركيّة تجمع المتقاتلين للمرّة الأولى... هل اقترب حلم توحيد الجيش اللّيبي؟

سيُنفَّذ التمرين المشترك تحت إشراف القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في مدينة سرت، للمرة الأولى على الأراضي الليبية، في خطوةٍ لافتة في مسار العلاقات العسكرية الأميركية – الليبية.
مناورات أميركيّة تجمع المتقاتلين للمرّة الأولى... هل اقترب حلم توحيد الجيش اللّيبي؟
نائب قائد "أفريكوم" الفريق جون برينان مصافحاً نجل قائد "الجيش الوطني" ونائبه صدام حفتر. (صفحة أفريكوم على اكس)
Smaller Bigger

تستعد الولايات المتحدة لجمع قوات عسكرية من شطري ليبيا، الشرق والغرب، في تمرين مشترك يُنفذ للمرة الأولى ضمن مناورات "فلينتلوك" المقررة في ربيع العام المقبل، في خطوةٍ تعكس مؤشراً إلى إمكانية تجاوز انقسام المؤسسة العسكرية، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل عامه السادس قبل أيام.
وسيُنفَّذ التمرين المشترك تحت إشراف القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في مدينة سرت، للمرة الأولى على الأراضي الليبية، في خطوةٍ لافتة في مسار العلاقات العسكرية الأميركية – الليبية، وتحديداً مع قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر الذي لطالما نُظر إليه كحليف استراتيجي لروسيا.
وكان نائب قائد "أفريكوم" الفريق جون برينان قد أعلن عن تنفيذ المناورات خلال زيارة رسمية للعاصمة طرابلس ومدينة سرت (وسط ليبيا)، التقى خلالها رئيس أركان قوات الغرب محمد الحداد، ونائب قائد "الجيش الوطني" نجله صدام حفتر. وأوضح برينان أن المناورات تهدف إلى تعزيز قدرات القوات الليبية في مواجهة التهديدات الأمنية، وتقوية التعاون بين الأجهزة العسكرية داخل البلاد، مؤكداً أن "القوات من الشرق والغرب بدأت العمل معاً بطرق غير مسبوقة"، في إشارة إلى التقدم في خطوات التنسيق الأمني بين شطري ليبيا.

 

واشنطن تنظر باهتمام إلى ملف توحيد الجيش الليبي. (صفحة أفريكوم على أكس)
واشنطن تنظر باهتمام إلى ملف توحيد الجيش الليبي. (صفحة أفريكوم على أكس)

 

وبرغم أن المناورات المشتركة تمثّل خطوة جديدة نحو إنهاء انقسام المؤسسة العسكرية، إلا أنها تظل محفوفة بالمخاطر، في ظل احتدام صراع النفوذ بين الفرقاء المحليين، وتشابك الأزمة السياسية مع فوضى السلاح. غير أن برينان اعتبر أن "إصلاح القطاع الأمني هو المفتاح لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الدائم".
وتُعدّ مناورات فلينتلوك أكبر تمرين سنوي للقوات الخاصة تنظمه "أفريكوم" في أفريقيا، وقد أُقيمت نسختها الأخيرة في ساحل العاج بمشاركة ثلاثين دولة.
من جانبه، يرى رئيس الائتلاف الليبي – الأميركي فيصل الفيتوري أن إقامة المناورات في ليبيا للمرة الأولى "إعلان أميركي بالعودة الميدانية إلى البلاد"، معتبراً أن التمرين يمثل "اختباراً لإمكانات التعاون بين قوات الشرق والغرب تحت مظلة واحدة، تمهيداً لإعادة هيكلة الجيش على أسس مهنية".
ويؤكد الفيتوري، في حديث لـ"النهار"، أن "واشنطن تنظر باهتمام إلى ملف توحيد الجيش، لضمان ألا تتحول ليبيا إلى ساحة تنافس دائم بين القوى الإقليمية والأوروبية".
ويعرب الفيتوري عن اعتقاده أن توحيد المؤسسة العسكرية يجب أن يسبق المسار السياسي، ويقول: "لا يمكن بناء دولة موحدة بجيش منقسم"، لافتاً إلى أن استعجال الولايات المتحدة لمشروع توحيد الجيش "يعكس إدراكها أن استقرار ليبيا هو مفتاح التوازن في البحر المتوسط ومنطقة الساحل، وغياب مؤسسة أمنية موحدة يمنح روسيا وإيران ودولاً أخرى مساحة للتغلغل في منطقة كانت لعقود ضمن دائرة النفوذ الغربي".
ويشير الفيتوري إلى أن اختيار واشنطن مدينة سرت لإقامة التمرين "يحمل رسائل سياسية واستراتيجية"، موضحاً أن سرت ليست مجرد مدينة تتوسط البلاد جغرافياً، بل "قلب ليبيا النابض، ونقطة التقاء بين الشرق والغرب والجنوب، ما يجعلها رمزاً للتوازن الوطني وأرضاً محايدة بطبيعتها"، كما أنها "الأكثر استقراراً أمنياً، وتمتد جنوباً نحو عمق أفريقيا، ما يجعلها حلقة وصل استراتيجية بين أمن ليبيا وأمن القارة الأفريقية".
أما المستشار العسكري الليبي العميد عادل عبد الكافي، فيشير إلى أن المناورات المشتركة "تتوج سلسلة اجتماعاتٍ عُقدت خلال السنوات الثلاث الماضية بين قائد الجيش الوطني ورئيس أركان قوات الغرب"، مضيفاً أن "قطعاً بحرية من الجانبين شاركت العام الماضي في مناورات أُجريت في تونس".
ويضيف عبد الكافي، لـ"النهار"، أن "الهدف من هذه التحركات هو تشكيل قوة مشتركة تحت إشراف أفريكوم، تتولى حماية الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة، إضافة إلى قطع طرق تهريب الأسلحة الروسية إلى أفريقيا عبر الأراضي الليبية"، موضحاً أن "القوة الليبية الناشئة ستكون تحت الإشراف الأميركي، سواء عبر الدعم اللوجستي والمعلوماتي أو من خلال التسليح والتدريب، بما يحقق الاستراتيجية الأميركية في المنطقة".
ويشير عبد الكافي إلى أن اختيار سرت جاء "لقربها من قاعدة الجُفرة الاستراتيجية، التي تنتشر فيها قوات روسية، ما يحمل رسالة شديدة اللهجة"، لافتاً إلى أن القوات الأميركية كانت قد شاركت في عملية تحرير سرت من تنظيم "داعش" عام 2016، المعروفة باسم "البنيان المرصوص".
لكن المستشار العسكري الليبي يرى أنه من المبكر الحديث عن توحيد فعلي للجيش الليبي، في ظل تحديات عدة تواجه هذا المشروع، قائلاً: "حفتر يسعى إلى حكم ليبيا، وهناك رفض من كتل سياسية وعسكرية في الغرب لمشروعه". ويضيف: "صحيح أن هناك قوات في الغرب الليبي على تواصل مع أفريكوم ونجل حفتر، لكنها لا تملك التأثير الكافي لفرض واقع جديد على القوى المسلحة الكبيرة المناوئة له".
في المقابل، يرى الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية محمد امطيريد أن مناورات سرت "جزء من مشروع الاستقرار الأمني الذي كشف مستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس عن مشاوراتٍ جارية حوله مع القيادات الليبية".
لكنه يشير، في تصريح لـ"النهار"، إلى أن مسألة توحيد الجيش لا تزال نقطة خلاف جوهرية، موضحاً أن "رؤية قيادة الجيش الوطني تقوم على دمج المجموعات المسلحة في الغرب تحت مظلتها بشراكة مع المجتمع الدولي، لكن الجمع بين قوات من الشرق وميليشيات من الغرب أمر مرفوض، لأنه لا يمكن المساواة بين جيش نظامي منظم يمتلك العتاد والسيطرة على 70 في المئة من الأراضي الليبية، ومجموعات مسلحة غير منضبطة وخارجة عن السيطرة".


الأكثر قراءة

لبنان 10/25/2025 8:33:00 PM
وُلد حمدان في 19 كانون الثاني (يناير) عام 1944، في قرية عين عنوب، قضاء الشوف في لبنان.
لبنان 10/26/2025 5:22:00 PM
اعتداء إسرائيلي جديد في جنوب لبنان...
ايران 10/26/2025 6:06:00 PM
 المسؤول هو سردار عمار، القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني ورئيس "الفيلق 11 ألف" التابع لفيلق القدس بقيادة إسماعيل قاآني