أطلق سياسي ليبي معارض للزعيم الراحل معمر القذافي مبادرة لجمع الكفالة التي اشترطت السلطات اللبنانية دفعها لإطلاق سراح نجله هانيبال، بعد نحو عقد من الاحتجاز، في خطوة تمثل تطوّراً لافتاً في مسار إغلاق القضية التي لطالما أثارت جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والقانوني.
وأمرت السلطات القضائية في لبنان، الأسبوع الماضي، بإطلاق سراح النجل الرابع للزعيم الليبي السابق مقابل كفالة بلغت 11 مليون دولار، مع منعه من السفر موقتاً لمدة شهرين. وبعد القرار، تقدّمت هيئة الدفاع عنه، الاثنين الماضي، بطعن طالبت فيه بإلغاء الكفالة، بالتوازي مع دخول رئيس حزب "القمّة" الليبي عبد الله ناكر على خط الملف، معلناً مبادرة وصفها بـ"الإنسانية" لجمع القيمة النهائية للكفالة، على أن يسهم حزبه بنصفها.
وكان هانيبال القذافي قد أوقف في سوريا عام 2015 قبل نقله إلى لبنان، حيث وُجّهت إليه اتهامات تتعلق بـ"كتم معلومات" في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا عام 1978.
ويقول ناكر، الذي كان من أبرز المعارضين للقذافي الأب وأسهم في سقوط نظامه عام 2011: "أطلقنا المبادرة لأننا نعلم أن هانيبال وعائلته عاجزون عن دفع قيمة الكفالة. صحيح أن هناك خلافاً سياسياً معهم، لكن في النهاية هو مواطن ليبي تهمنا كرامته، ولا نقبل ظلمه لأكثر من عشر سنوات"، مشدداً على أن "الحفاظ على كرامة كل مواطن ليبي، مهما كانت مواقفه السياسية، مبدأ لا تهاون فيه ولا تنازل عنه".
ويرى ناكر، في تصريح لـ"النهار"، أن "ليس من حق السلطات اللبنانية حجز حرية القذافي الابن، الذي كان طفلاً عند اختفاء الإمام الصدر، ولا يجوز أن يتحمّل وزر الجريمة"، واصفاً ما جرى معه بـ"القرصنة واستغلال الوضع الذي تعانيه ليبيا وهشاشة مؤسساتها".

رئيس حزب

ويوضح السياسي الليبي أنه "عقب اجتماع لحزب القمّة، قررنا دعم القضية ومحاولة تسهيل دفع الكفالة قدر الإمكان"، مضيفاً: "محور المبادرة أن يتكفّل رجال أعمال الحزب بدفع نصف الكفالة، مع دعوة الجهات الأخرى الرسمية والحزبية، وحتى عائلة القذافي وأنصاره في ليبيا، للمشاركة في إكمال المبلغ المطلوب لإطلاق سراح هانيبال". لكنه يلفت إلى أن "التكفّل بدفع الكفالة مشروط بعودة هانيبال إلى ليبيا، على أن تقرر السلطات الليبية مصيره، فإن كان بريئاً يُطلق سراحه، أما إن كان مذنباً فيُحاكم".
وينتقد ناكر خلال حديثه من يصفهم بـ"المتحكّمين في السلطة في ليبيا" الذين "لا يتمتعون بشرعية ويتصارعون على السلطة وتقاسم الثروة، لكنهم لا يهتمون بالمواطن الليبي داخل البلاد أو خارجها"، مشيراً إلى أن "هناك أعداداً من المحتجزين الليبيين في الخارج، ولم تحرّك الحكومات ساكناً".
ويرفض السياسي الليبي ما يُتداول عن أن الهدف من مبادرته دعاية انتخابية، فـ"ليبيا ليست على أبواب انتخابات، وعلى الأطراف التي تروّج لتلك الادعاءات، مهما كان توجّهها السياسي، أن تسهم في إطلاق سراح مظلوم وتستخدم الخطوة كدعاية بالمثل".
ويختم ناكر قائلاً: "قدّمنا عرضنا بالمساعدة ولم نتلقَّ ردوداً إيجابية من السلطة الرسمية للمساعدة أو الدعم، لكننا نتمنى أن تكون هذه الخطوة أساساً لمصالحة حقيقية بين أبناء ليبيا. فالمبادرة تأتي تأكيداً لروح التآخي والعدالة والإنسانية التي ينبغي أن تسود بين الليبيين جميعاً".