السودان... 60 قتيلاً بهجوم للدعم السريع في الفاشر

قتل ستّون شخصاً على الأقل السبت في هجوم بطائرة مسيّرة لقوّات الدعم السريع استهدف مخيّماً للنازحين في مدينة الفاشر بشمال دارفور بالسودان، وفقاً لمنظّمة محلية، بعد ساعات من قصف آخر في الإقليم الذي يشهد عنفاً متزايداً.
وقالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر في بيان إن عدد القتلى وصل إلى 60 قتيلاً "بعد استهداف مدرسة دار الأرقم بـ 2 مسيرة استراتيجية وأكثر من 8 (قذائف) حارقة، لتتناثر الجثث في مشهد يفوق الوصف".
وأفاد البيان بأن ما زالت هناك جثث داخل خنادق حفرت للحماية.
في الأشهر الأخيرة كثّفت قوّات الدعم السريع هجماتها في غرب وجنوب السودان بعدما أخرج الجيش مقاتليها من مدن رئيسية في وسط البلاد بينها الخرطوم، في النصف الأول من العام الجاري.
وخلال الأسبوع المنصرم، قتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في هجمات نُسبت للدعم السريع على مسجد ومستشفى بالفاشر.
وأكّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس السبت تعرّض "المستشفى السعودي للولادة، وهو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في الفاشر، للهجوم 3 مرات" منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، ما أسفر عن قتلى وجرحى.
وقال غيبرييسوس عبر منصّة "إكس": "تدعو (منظّمة الصحة العالمية) إلى حماية المرافق الصحّية فوراً والسماح بوصول المساعدات الإنسانية حتى نتمكّن من دعم المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة والعاملين الصحيين الذين هم في أمس الحاجة إلى الإمدادات الصحية".
وحذر بيان تنسيقية لجان مقاومة الفاشر السبت من أن "الجميع يموت إمّا بالقصف أو الجوع أو المرض يومياً".
تحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذ أيار/مايو 2024، مغلقة الطريق على نحو 260 ألف شخص باتوا يقتاتون على علف الحيوانات لندرة الطعام.
ويعاني مليون شخصاً في شمال دارفور من المجاعة، بحسب الأمم المتحدة، في ظل منع دخول المساعدات وقطع الطرق منذ أكثر من عام.
وبحسب أرقام نشرتها الأمم المتحدة الثلاثاء، فرّ أكثر من مليون شخص من الفاشر منذ اندلاع الحرب، أي ما يعادل 10 في المئة من إجمالي النازحين داخل البلاد.
وتراجع عدد سكّان المدينة وهي الأكبر في المنطقة، بنحو 62 في المئة، من أكثر من مليون نسمة إلى حوالى 413 ألفاً، بحسب المنظّمة الدولية للهجرة.
ويفيد مدنيون بأن الضربات اليومية تجبرهم على تمضية معظم أوقاتهم تحت الأرض داخل مخابئ موقتة حفرتها العائلات في الباحات الخلفية لمنازلها.
نزاع على السيطرة
الفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور وآخر مدينة كبيرة في الإقليم الشاسع لا تزال تحت سيطرة الجيش وحلفائه. وسبق للأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أن أكّدت ارتكاب الطرفين "جرائم حرب على نطاق واسع ومنهجي" في الإقليم تستهدف بعض المجموعات العرقية.
وتدفع الدعم السريع منذ آب/أغسطس باتجاه المدينة في محاولة لإحكام السيطرة عليها، الأمر الذي يحذّر مراقبون من أنّه قد يؤدّي لتقسيم البلاد بين منطقة غربية تسيطر عليها الدعم السريع فيما يحكم الجيش مناطق الشمال والشرق.
وتخشى المنظّمات الإنسانية وقوع مجازر جماعية إذا سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، علماً بأنّها تستهدف خصوصاً المجموعات غير العربية، مثل قبيلة الزغاوة التي تشكّل العمود الفقري للقوّات المشتركة المتحالفة مع الجيش.
وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية حللها مختبر البحوث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرتش لاب) في جامعة ييل الأميركية أن قوّات الدعم السريع أقامت سواتر على امتداد 68 كيلومتراً حول الفاشر، تاركة مخرجاً وحيداً من المدينة هو عبارة عن ممر يتراوح طوله بين 3 و4 كيلومترات، يتعرّض فيه المدنيون للابتزاز مقابل العبور.
وأفادت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دنيز براون وشهود عيان بتعرّض المدنيين للقتل أو الخطف أو العنف الجنسي أثناء محاولتهم الفرار من الفاشر.
وقال المفوّض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الخميس "بعد أكثر من 500 يوم من الحصار المتواصل والقتال المستمر، الفاشر على شفا كارثة أكبر إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة لفك الطوق المسلّح عنها وحماية المدنيين".
ودعا إلى إقامة "ممرّ آمن" لكي يتسنّى لمن يريدون المغادرة الرحيل "طوعاً"، مطالباً بإدخال المساعدات الإنسانية فورا.ً
أسفرت الحرب المتواصلة منذ نيسان/أبريل 2023 بين الجيش وقوّات الدعم السريع عن مقتل عشرات الآلاف ودفعت الملايين إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء خارجها، فيما بات نحو 25 مليون شخص يعانون الجوع الحاد. وهي أحدثت "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" بحسب الأمم المتحدة.