الجزائر على عتبة حوار وطني مؤجَّل... وتحضيرات تمهّد لمشهد سياسي جديد

شمال إفريقيا 04-10-2025 | 07:14

الجزائر على عتبة حوار وطني مؤجَّل... وتحضيرات تمهّد لمشهد سياسي جديد

تسعى  السلطة في الجزائر إلى جعل الحوار الوطني مختلفاً تماماً عن التجارب السابقة.
الجزائر على عتبة حوار وطني مؤجَّل... وتحضيرات تمهّد لمشهد سياسي جديد
التحضيرات جارية لعقد حوار وطني في الجزائر. (أ ف ب)
Smaller Bigger

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن التحضيرات جارية لعقد الحوار الوطني، وهو الموعد الذي دعا إليه غداة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للبلاد لولاية ثانية في خريف 2024. وقد حُدد في نهاية 2025، غير أن الوضع السياسي الراهن في البلاد يشير إلى تأجيل محتمل، قد يمتد أيضاً إلى الموعد الثاني المقرَّر مطلع 2026.
وخلال رده على سؤال صحافي، لم يؤكد الرئيس تبون تاريخ عقد الحوار الوطني، بل ترك الأمر مفتوحاً للتأويلات، قائلاً: "تجري تحضيرات تقنية ونبحث عن صيغة لإجراء الحوار الوطني، والحكومة بصدد مراجعة قانون الانتخابات".

 

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. (الرئاسة الجزائرية)

 

ويؤكد متابعون أن السلطة في الجزائر تسعى إلى جعل الحوار الوطني مختلفاً تماماً عن التجارب السابقة، خصوصاً تلك التي جرت في عهد الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة. ويرى آخرون أن أهمية إعادة ترتيب العلاقة بين السلطة والقوى الحزبية تفرض تحضيراً تقنياً جدياً وضرورياً.
وترى أوساط سياسية أن الدعوة إلى حوار وطني تشكل خطوة حضارية مهمة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، لكن نجاحها مرهون بتحضيرات جدية وسياق سياسي ناضج. ويصف النائب البرلماني عز الدين زحوف الحوار بأنه "سلوك حضاري يعكس وعي الدولة بأهمية التشارك في رسم مستقبل البلاد".
ويقول زحوف، في حديث إلى "النهار"، إن "الرئيس تبون لطالما اعتمد الحوار كمنهج في تسيير الشأن العام، سواء من خلال لقاءاته الدورية مع رؤساء الأحزاب أو عبر اجتماعاته المستمرة مع الديبلوماسيين والقناصلة وممثلي الجالية الجزائرية في الخارج"، مضيفاً أن "الاجتماع الأخير مع المتعاملين الاقتصاديين يندرج أيضاً في هذا السياق، حيث أصبح الحوار سِمة بارزة في أسلوب الحكم خلال هذه العهدة".
ويشير إلى أن "المشهد السياسي في الجزائر عرف ديناميكية جديدة عقب الحراك الشعبي المبارك عام 2019، أبرزها فتح المجال أمام الشباب للمشاركة السياسية، إذ سجل حضوراً قوياً للفئة العمرية دون الأربعين في مختلف المجالس المنتخبة"، مؤكداً أن هذا التوجه يعكس إرادة حقيقية لتجديد الطبقة السياسية.
ويضيف زحوف أن "تعديل قانون الأحزاب وتحديد ولايتين فقط لرؤسائها يعد خطوة مهمة لكسر احتكار القيادة داخل التشكيلات السياسية، بعدما شهدنا سابقاً زعماء يتشبثون بمناصبهم لعقود، ما تسبب في انقسامات داخلية وعطّل حركية الأحزاب".
أما بخصوص تعديل قانون الانتخابات، فاعتبر أنه "استجابة لمطالب شرعية رفعتها الطبقة السياسية والمجتمع، كما يعكس تقييماً دقيقاً لأداء المجالس المنتخبة التي كشفت عن بعض النقائص الواجب معالجتها ضماناً لتمثيل شعبي فعلي وفعال".
من جانبه، يرى المحلل السياسي عبد الحكيم بوغرارة أن "الرئيس تبون يسعى إلى إطلاق حوار وطني استشرافي يغلّب فيه منطق المصلحة العليا للدولة على الاعتبارات الحزبية الضيقة"، مشيراً إلى أن إطلالته الإعلامية الأخيرة "تعكس رغبة واضحة في الانفتاح على مختلف الطروحات والآراء بما يخدم بناء الجزائر الجديدة".
ويقول بوغرارة، في حديثه إلى "النهار"، إن "التحضيرات لهذا الحوار لا تبدو متسرعة بل تُدار بعناية، وهذا ما يفسر تعيين مصطفى سايج مستشاراً للرئيس مكلفاً بالجمعيات والعلاقة مع الشباب والأحزاب"، موضحاً أن "هذا التغيير في تركيبة مستشاري الرئاسة يؤكد إرادة حقيقية لتهيئة الظروف السياسية المثلى للحوار، من خلال جسّ نبض الطبقة السياسية وعقد لقاءات دورية مع الأحزاب بغرض الاستماع والتشاور دون فرض خريطة طريق مسبقة".
لكن، في مقابل هذه الديناميكية، يرى بوغرارة أن "الطبقة السياسية لا تزال تعاني هشاشة بنيوية، سواء على مستوى ضعف التنشئة السياسية أو محدودية تكوين المناضلين أو غياب التداول القيادي"، لافتاً إلى أن "معظم المؤتمرات الانتخابية الأخيرة لمعظم الأحزاب اختارت أسلوب التزكية بدل الانتخاب، ما يجهض إمكانية بروز كفاءات حقيقية ويقوّض ثقافة الصندوق داخل التنظيمات".
وبشأن الأفق الزمني للحوار، يرجّح بوغرارة أن "غياب أحزاب جاهزة قد يدفع إلى إعادة النظر في الرزنامة"، مضيفاً أن "من الواضح أن الرئيس تبون ينتظر ما ستُسفر عنه التعديلات المرتقبة على قانون الأحزاب، وربما يعوّل عليها لدفع عملية إصلاح المشهد السياسي وضمان مشاركة نوعية وفعالة في الحوار الوطني المرتقب". ويختم بالتأكيد أن استعداد السلطة لفتح نقاش وطني حول طبيعة حكم البلاد في المستقبل "يحتّم أن يكون هذا النقاش جاداً ومسؤولاً ويخدم المصلحة العامة".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت