شمال إفريقيا
30-09-2025 | 20:51
ليبيا أمام مفترق طرق… تحرّك أميركي مكثّف يتقاطع مع خطّة تيتيه؟
طغت المعضلة الأمنية على المشهد الليبي طيلة هذا الشهر.

استدعى التوتر الأمني المحتدم عقد سلسلة من اللقاءات مع العسكريين في شرق ليبيا وغربها. (وكالات)
مضى نحو شهر على إعلان الأمم المتحدة خطتها الانتقالية لحل الأزمة الليبية، وسط تحرك ديبلوماسي أميركي مكثف يقوده مستشار الرئيس مسعد بولس، فيما طغت المعضلة الأمنية على المشهد طيلة هذا الشهر، ما يُكرّس التحديات التي تواجه إمكانات تقارب الفرقاء المحليين، ودفعهم نحو الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
ومنذ إعلان الموفدة الأممية هانا تيتيه تفاصيل خريطة سياسية لمرحلة انتقالية، انشغلت بمعالجة تداعيات الفوضى الأمنية التي يعيشها الغرب الليبي، وتحديداً العاصمة طرابلس، التي لا تزال تحت تهديد حرب محتملة بين المجموعات المسلحة الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وخصومه المسلحين وعلى رأسهم "جهاز الردع".
وبرغم تحديد تيتيه شهرين لإنجاز تمرير القوانين الانتخابية المعطلة، وإعادة هيكلة المفوضية العليا التي تُشرف على الاستحقاق الانتخابي، قبل الذهاب إلى مسار وضع حد لانقسام المؤسسات وتوحيد الحكومتين المتنازعتين على السلطة، لكنها لم تُسجل تحركات جدية مع الفرقاء لإنجاز المهمتين، فيما استدعى التوتر الأمني المحتدم عقد سلسلة من اللقاءات مع العسكريين في شرق ليبيا وغربها.
في المقابل، انتهز مستشار ترامب فرصة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وترأس اجتماعات منفصلة مع الدول النافذة في المشهد الليبي والأطراف المحلية، ركزت على الشقين الاقتصادي والأمني، ما عكس أولويات الديبلوماسية الأميركية في ليبيا، وأظهر ما قد يبدو تناقضاً مع المسار الأممي الذي يركز على ترتيب المشهد السياسي بما يقود إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، برغم تشديد بولس على حاجة ليبيا لتشكيل حكومة موحدة، موضحاً أن هدف الاجتماع الدولي بشأن ليبيا في نيويورك "مناقشة سبل التعاون لمساعدة الليبيين على تحقيق سلام دائم وازدهار متزايد". وأضاف: "استقرار ليبيا ووحدتها أمران بالغا الأهمية، ليس فقط للشعب الليبي، بل أيضاً للسلام والأمن والنمو الاقتصادي في المنطقة"، معرباً عن تطلعه إلى "العمل مع شركائنا الليبيين والدوليين، للمساعدة على تعزيز المؤسسات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الليبية وتوحيدها"، مختتماً بالقول: "ليبيا تملك إمكانات هائلة لتكون مصدراً للفرص لشعبها وجيرانها والولايات المتحدة وشركائها الدوليين". كما أوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن الاجتماع "ناقش بناء أسس اقتصادية قوية للوحدة والأمن في ليبيا". وشددت على أهمية التكامل الأمني بين شرق ليبيا وغربها لتعزيز مساهمة ليبيا في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
أستاذ القانون الدكتور راقي المسماري يُلاحظ تقاطعاً بين التحركات الأميركية والمسار الأممي، موضحاً لـ"النهار" أنه "أصبح من الواضح تماماً أن هناك خطة أميركية للحل في ليبيا ترتكز على ما يسمى بالأسس الاقتصادية والأمنية. الخطة ظاهرها تكاملي مع خطة البعثة الأممية، لكن في جوهرها يبدو أنهما مختلفتان تماماً، حيث ترتكز الخطة الأميركية أولاً على الاقتصاد ثم الأمن، وتشير إلى أن استقرار هذين العاملين سيؤثر إيجابياً على مناخ الحل السياسي".
أما الباحث في الشؤون السياسية أحمد التهامي، فيؤمن بأنه "لا أمل في حل أزمة بلاده من دون صفقة تشمل الشقين الأمني والسياسي بين الأطراف المحلية والدولية المتداخلة ... فالوضع الأمني معقد ومرتبط بدول كبرى ولا يمكن فصله عن الواقع السياسي"، مؤكداً لـ"النهار" أن الخطة الأممية "ليست واقعية ولا شيء يوحي بأن الأطراف السياسية استجابت للتعاطي مع تفاصيلها". وأضاف: "كان يجب منح الفرصة لتيتيه الجلوس مع كل الأطراف السياسية والمسلحين المحليين وكذلك حلفائهم الدوليين لضمان الوصول إلى اتفاق عملي على الأرض وليس مجرد تصور منقوص".
أما تحركات واشنطن "فعلى ما يظهر أنها تعمل بطريقة أكثر واقعية، فهي تعلم أن هناك حكومتين ويجب أن يعملا متكاملتين في ملفي التنسيق الأمني والاقتصادي"، وفق التهامي. ويؤكد الخبير في الشؤون السياسية الدكتور أبو بكر القطران أن "التطورات الأمنية أثرت على مسار خطة تيتيه، ومن المؤكد أيضاً أن التعطيل كان غاية أصحاب إحداث التوتر في المنطقة الغربية، حيث إنه لا يمكن المضي في تنفيذ الخطة الأممية في ظل أزمات أمنية"، موضحاً لـ"النهار" أن "الطرف المتحكم في الغرب الليبي يُخطط للحصول على المزيد من الوقت لإحداث ترتيبات أمنية تمكنه من كسب أوراق تفاوضية ومزيد من الثبات على الأرض. في المقابل، فإن الموفدة الأممية وجدت نفسها أمام ضغوط محلية ودولية، ما يضطرها إلى التريث وتأجيل تنفيذ مراحل الحل السياسي". ورأى أن واشنطن "لا تهتم كثيراً بالخلاف الليبي - الليبي بقدر اهتمامها بتحقيق استقرار أمني يحقق لها مكاسب اقتصادية".
ويتفق المحلل السياسي عمر أبو سعيده مع ما طرحه القطران، لافتاً لـ"النهار" إلى أن "الخطة التي أطلقتها تيتيه في 21 آب (أغسطس) الماضي تزامنت مع إشعال توتر أمني في طرابلس بهدف قطع الطريق والتأثير سلباً على مسار الحل السياسي، والسيطرة على العاصمة ليكون الدبيبة مدعوماً بموقف تفاوضي أقوى". وأضاف: "مضى أكثر من شهر من دون أي تحرك لتنفيذ تفاصيل خريطة الحل السياسي، ما يُرسخ التوقعات بالتحديات التي تواجهها، وأن الغموض في شأن آليات تنفيذها يُعطي الفرصة للمؤسسات الحاكمة لتعطيلها". ويؤكد أبو سعيده أيضاً أن الجانب الأميركي يعتمد في تحركاته على استقرار الأمن والاقتصاد بهدف أن تكون ليبيا مفتاحاً لأفريقيا.
ومنذ إعلان الموفدة الأممية هانا تيتيه تفاصيل خريطة سياسية لمرحلة انتقالية، انشغلت بمعالجة تداعيات الفوضى الأمنية التي يعيشها الغرب الليبي، وتحديداً العاصمة طرابلس، التي لا تزال تحت تهديد حرب محتملة بين المجموعات المسلحة الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وخصومه المسلحين وعلى رأسهم "جهاز الردع".
وبرغم تحديد تيتيه شهرين لإنجاز تمرير القوانين الانتخابية المعطلة، وإعادة هيكلة المفوضية العليا التي تُشرف على الاستحقاق الانتخابي، قبل الذهاب إلى مسار وضع حد لانقسام المؤسسات وتوحيد الحكومتين المتنازعتين على السلطة، لكنها لم تُسجل تحركات جدية مع الفرقاء لإنجاز المهمتين، فيما استدعى التوتر الأمني المحتدم عقد سلسلة من اللقاءات مع العسكريين في شرق ليبيا وغربها.
في المقابل، انتهز مستشار ترامب فرصة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وترأس اجتماعات منفصلة مع الدول النافذة في المشهد الليبي والأطراف المحلية، ركزت على الشقين الاقتصادي والأمني، ما عكس أولويات الديبلوماسية الأميركية في ليبيا، وأظهر ما قد يبدو تناقضاً مع المسار الأممي الذي يركز على ترتيب المشهد السياسي بما يقود إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، برغم تشديد بولس على حاجة ليبيا لتشكيل حكومة موحدة، موضحاً أن هدف الاجتماع الدولي بشأن ليبيا في نيويورك "مناقشة سبل التعاون لمساعدة الليبيين على تحقيق سلام دائم وازدهار متزايد". وأضاف: "استقرار ليبيا ووحدتها أمران بالغا الأهمية، ليس فقط للشعب الليبي، بل أيضاً للسلام والأمن والنمو الاقتصادي في المنطقة"، معرباً عن تطلعه إلى "العمل مع شركائنا الليبيين والدوليين، للمساعدة على تعزيز المؤسسات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الليبية وتوحيدها"، مختتماً بالقول: "ليبيا تملك إمكانات هائلة لتكون مصدراً للفرص لشعبها وجيرانها والولايات المتحدة وشركائها الدوليين". كما أوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن الاجتماع "ناقش بناء أسس اقتصادية قوية للوحدة والأمن في ليبيا". وشددت على أهمية التكامل الأمني بين شرق ليبيا وغربها لتعزيز مساهمة ليبيا في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
أستاذ القانون الدكتور راقي المسماري يُلاحظ تقاطعاً بين التحركات الأميركية والمسار الأممي، موضحاً لـ"النهار" أنه "أصبح من الواضح تماماً أن هناك خطة أميركية للحل في ليبيا ترتكز على ما يسمى بالأسس الاقتصادية والأمنية. الخطة ظاهرها تكاملي مع خطة البعثة الأممية، لكن في جوهرها يبدو أنهما مختلفتان تماماً، حيث ترتكز الخطة الأميركية أولاً على الاقتصاد ثم الأمن، وتشير إلى أن استقرار هذين العاملين سيؤثر إيجابياً على مناخ الحل السياسي".
أما الباحث في الشؤون السياسية أحمد التهامي، فيؤمن بأنه "لا أمل في حل أزمة بلاده من دون صفقة تشمل الشقين الأمني والسياسي بين الأطراف المحلية والدولية المتداخلة ... فالوضع الأمني معقد ومرتبط بدول كبرى ولا يمكن فصله عن الواقع السياسي"، مؤكداً لـ"النهار" أن الخطة الأممية "ليست واقعية ولا شيء يوحي بأن الأطراف السياسية استجابت للتعاطي مع تفاصيلها". وأضاف: "كان يجب منح الفرصة لتيتيه الجلوس مع كل الأطراف السياسية والمسلحين المحليين وكذلك حلفائهم الدوليين لضمان الوصول إلى اتفاق عملي على الأرض وليس مجرد تصور منقوص".
أما تحركات واشنطن "فعلى ما يظهر أنها تعمل بطريقة أكثر واقعية، فهي تعلم أن هناك حكومتين ويجب أن يعملا متكاملتين في ملفي التنسيق الأمني والاقتصادي"، وفق التهامي. ويؤكد الخبير في الشؤون السياسية الدكتور أبو بكر القطران أن "التطورات الأمنية أثرت على مسار خطة تيتيه، ومن المؤكد أيضاً أن التعطيل كان غاية أصحاب إحداث التوتر في المنطقة الغربية، حيث إنه لا يمكن المضي في تنفيذ الخطة الأممية في ظل أزمات أمنية"، موضحاً لـ"النهار" أن "الطرف المتحكم في الغرب الليبي يُخطط للحصول على المزيد من الوقت لإحداث ترتيبات أمنية تمكنه من كسب أوراق تفاوضية ومزيد من الثبات على الأرض. في المقابل، فإن الموفدة الأممية وجدت نفسها أمام ضغوط محلية ودولية، ما يضطرها إلى التريث وتأجيل تنفيذ مراحل الحل السياسي". ورأى أن واشنطن "لا تهتم كثيراً بالخلاف الليبي - الليبي بقدر اهتمامها بتحقيق استقرار أمني يحقق لها مكاسب اقتصادية".
ويتفق المحلل السياسي عمر أبو سعيده مع ما طرحه القطران، لافتاً لـ"النهار" إلى أن "الخطة التي أطلقتها تيتيه في 21 آب (أغسطس) الماضي تزامنت مع إشعال توتر أمني في طرابلس بهدف قطع الطريق والتأثير سلباً على مسار الحل السياسي، والسيطرة على العاصمة ليكون الدبيبة مدعوماً بموقف تفاوضي أقوى". وأضاف: "مضى أكثر من شهر من دون أي تحرك لتنفيذ تفاصيل خريطة الحل السياسي، ما يُرسخ التوقعات بالتحديات التي تواجهها، وأن الغموض في شأن آليات تنفيذها يُعطي الفرصة للمؤسسات الحاكمة لتعطيلها". ويؤكد أبو سعيده أيضاً أن الجانب الأميركي يعتمد في تحركاته على استقرار الأمن والاقتصاد بهدف أن تكون ليبيا مفتاحاً لأفريقيا.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
العالم العربي
9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال
9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال
9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟
النهار تتحقق
9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.