بين ضغوط الوقت والتزامات المرحلة… كيف ستواجه الحكومة الجزائرية الجديدة التحدي؟

سيكون التشكيل الحكومي الجديد في الجزائر أمام تحديات جمّة، فالبرلمان في انتظار قانون الموازنة العامة الذي يتوجب على الحكومة عرضه على نواب الشعب بداية تشرين الأول/ أكتوبر، ناهيك ببيان السياسة العامة الذي أغفلته حكومة نذير العرباوي لسنتين متتاليتين.
كذلك، ستجد الحكومة نفسها أمام استحقاقات انتخابية تتطلب التحضير لها تقنياً وسياسياً، فالبلاد على موعد مع تجديد تشكيلات مجالسها النيابية منتصف العام المقبل، علاوة على تنفيذ السياسات والبرامج بكفاءة توازي طموحات المواطنين وتنسي بعض إخفاقات الحكومات السابقة.
تحديات جسيمة وتراكمات مرحلية
ويصف المحلل السياسي مسلم بابا عربي التحديات الحكومية بأنها جسام، مؤكداً لـ"النهار" أن "هذه التحديات تتعلق أساساً بنقاط فشل حكومة العرباوي".
ويشير إلى "انتظارات مجتمعية واقتصادية وسياسية كبرى في جدول أعمال الحكومة الجديدة، باعتبار أن تجسيد تعهدات الرئيس عبدالمجيد تبون الانتخابية هو محور أساسي لعمل الطاقم الحكومي"، مضيفاً أن "الوقت ضيق مع وجود التزامات دستورية وتركات متراكمة".
حيال الأولويات، يقول بابا عربي إن الحكومة الجديدة مطالبة بتقديم مخطط عملها الى البرلمان للمصادقة عليه، ما قد يضعها في مواجهة امتعاض أو اعتراض بعض المجموعات النيابية بالنظر إلى أداء الحكومة السابقة خلال السنتين الماضيتين. ويضيف أن الجدول يشمل مناقشة قانون الموازنة، والاستحقاقات الانتخابية المقبلة، إضافة إلى التشريعات المهمة مثل قانون الانتخاب وقانون الأحزاب، معتبراً أن "كل ذلك يمثل مهمة شاقة للطاقم الحكومي الجديد".
وفي ما خص "الميكانيزمات" التي يمكن أن تعتمد عليها الحكومة لتحقيق ما عجزت عنه سلفها، يرى أن "الأمر مرتبط بالتركيبة الحكومية والتوجهات والبدائل المطروحة"، مؤكداً الحاجة إلى "حكومة ذات خلفية حزبية قوية"، ومعترفاً بأن "المفارقة في الحالة الجزائرية تكمن في أن غالب الوزراء بلا انتماءات حزبية، لكنهم يجدون دعماً من 4 أو 5 أحزاب تشكل الكتلة الرئاسية في البرلمان"، وهو ما "يمنح الحكومة أريحية نسبية".
تحويل الضغط إلى فرص للنجاح
ومن جانبها، ترى الناشطة السياسية أمال ديب أن الحكومة الجديدة "تدخل اختبارها الأول وهي محاصرة بموعدين متلازمين: واجب دستوري بفرض عرض قانون المالية أمام البرلمان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وواقع اقتصادي معقد"، مؤكدة أن "رهان الحكومة يكمن في قدرتها على تحويل الضغوط إلى فرصة لإثبات كفاءتها والنجاح في أداء مهماتها".
وتوضح لـ"النهار"، أن المسودة التقنية لقانون الموازنة العامة لعام 2026 أُنجزت، ما يترك مساحة محدودة للتعديلات العاجلة، مثل ترشيد النفقات وتحفيز الاستثمار وحماية القدرة الشرائية. وترى أن جوهر التحدي يكمن في مواجهة هشاشة الإيرادات المرتبطة بسعر النفط، وتعزيز الجباية، وتشجيع الإنتاج المحلي كبديل من الاستيراد.
أما سياسياً، فتعد هذه اللحظة أكثر من مجرد التزام دستوري، فهي فرصة لتأكيد انسجام مؤسسات الدولة، وإبراز العلاقة بين الحكومة والبرلمان كشراكة حقيقية في صناعة القرار، وترسيخ خطاب هادئ يبعث الطمأنينة ويضمن العدالة الاجتماعية ويحافظ على التوازن الوطني.
وتختتم ديب بالقول إن "التحدي الأصعب بعيداً عن المواعيد الدستورية والسياسية، يتمثل في قدرة الدولة على إثبات تماسكها أمام امتحان الزمن والاقتصاد معاً".