تحرّكات ضدّ "الغطرسة المتضخّمة"… مواجهة عسكرية محتملة بين مصر وإسرائيل؟

ترسخت قناعة في أوساط المراقبين والمحللين المصريين، مفادها أنه في ظل وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسياسته المتغطرسة الآخذة في التضخم، فإن اشتعال صدام مسلح بين مصر وإسرائيل بات احتمالاً وارداً بقوة، وربما مسألة وقت لا أكثر.
وتبلورت تلك القناعة مع الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطر، التي تُعَد وسيطاً فاعلاً بجانب مصر والولايات المتحدة في جهود الوساطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتحرير الرهائن الإسرائيليين.
ما قاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في القمة العربية والإسلامية الاستثنائية في الدوحة الاثنين، ووصفه لإسرائيل بـ"العدو"، يعد تطوراً لافتاً يعزز تلك القناعة، باعتباره تعبيراً عن موقف رسمي غير مسبوق. فهذه هي المرة الأولى منذ زيارة الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات للكنيست الإسرائيلي عام 1977، التي تصف فيها القيادة السياسية المصرية إسرائيل بـ"العدو" علناً.
وقال السيسي في ختام كلمته: "يجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أي دولة عربية، مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام".
تأهب واضح
وأفادت تقارير حديثة بأن القاهرة نشرت أنظمة دفاع جوي من طراز HQ-9B صينية الصنع في شبه جزيرة سيناء. وكانت مصر قد أكدت في شهر حزيران/يونيو الماضي طلب تلك الأنظمة الطويلة المدى من بكين.
ودفعت مصر بأعداد كبيرة من القوات والعتاد العسكري إلى سيناء، في تطور لم تشهده المنطقة منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل برعاية أميركية عام 1979.
ويرى وكيل الاستخبارات المصرية السابق اللواء محمد رشاد أن العدوان الذي قامت به إسرائيل على الدوحة زاد من تصميم القاهرة على التحرك لحماية أراضيها وأمنها القومي.
وأفادت تقارير عبرية بأن القاهرة أبلغت واشنطن، عقب العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية، أن أي محاولة لاستهداف ممثلي الفصائل الفلسطينية على الأراضي المصرية سيكون لها توابع "كارثية".
ويقول رشاد لـ"النهار": "مصر من حقها أن تتخذ كل الإجراءات الدفاعية التي تراها مناسبة لحماية أمنها القومي، لأنها ترى التهديد على حدودها، وهناك رفع لدرجة الاستعداد عسكرياً في سيناء، وقد أصبح الموقف متوتراً جداً بين مصر وإسرائيل".
مواقف متوازية
بالتوازي مع القمة العربية والإسلامية، برزت مواقف عربية أخرى ذات مغزى مهم. فعلى سبيل المثال، علّقت قطر صفقة طائرات بقيمة 150 مليار دولار مع شركة "بوينغ" الأميركية، كما رفضت الإمارات استقبال نتنياهو إلا إذا أوقف الحرب في غزة.
ويرى نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي أن تلك الإجراءات خطوة مهمة "لكنها غير كافية". ويقول لـ"النهار": "استمرار إسرائيل في غطرستها لم يأتِ فجأة؛ فاعتداؤها على الدوحة جاء بعد عدوانها على صنعاء وبيروت ودمشق. وإن لم يتم اتخاذ موقف عربي موحد أكثر قوة وحزماً، فلن يكون هذا الاعتداء الأخير".
رسائل قوية
ويشير غباشي إلى أن "مصر بعثت برسائل واضحة لإسرائيل، سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً، وهي قادرة على دحر أي عدوان تقوم به الدولة العبرية ضد أراضيها. ولكن مهما كان، فإن ردود الفعل الفردية، وإن كانت مهمة، لا تغني عن موقف عربي موحد".
من جانبه، يلفت وكيل الاستخبارات المصرية السابق إلى أن "هناك يقظة وإدراكاً عربيين للتحركات الإسرائيلية، ورفضاً قاطعاً لإتمام مشروع إسرائيل الكبرى الذي يتبناه نتنياهو".
ويضيف رشاد: "القوات المصرية الموجودة في سيناء، وانتشارها في المناطق (أ) و(ب) و(ج) عموماً، يعيد التوازن لمنطقة الشرق الأوسط". وعن دلالة نشر أنظمة HQ-9B أخيراً، يقول: "وجود القوات يتطلب حمايتها بكل السبل، ومنها نشر أنظمة للدفاع الجوي، وغير ذلك".