تركيا تتمدد إلى جنوب ليبيا... ضوء أخضر أميركي؟

علمت "النهار" أن تركيا تُخطط لتكريس نفوذها الأمني في ليبيا، وتمديده إلى المنطقة الجنوبية، في خطوة قد تُثير قلق مصر وروسيا.
وتجري محادثات في الكواليس بين المسؤولين العسكريين الأتراك والسلطة العسكرية الحاكمة في شرق ليبيا وجنوبها، محورها إعادة تأهيل مطارات الجنوب الليبي، ولاسيما منها مطار سبها الدولي، وتشمل تطوير رادارات الرقابة الجوية وأجهزة الاتصالات واستبدال القديمة بمعدات أحدث. ووفقاً لمصادر مطلعة تحدثت إلى "النهار"، فإن وفوداً عسكرية وتقنية تركية بدأت بزيارة المنطقة للوقوف على حالة المطارات واحتياجاتها.

تجري محادثات في الكواليس بين الأتراك والسلطات في شرق ليبيا وجنوبها لإعادة تأهيل مطار سبها الدولي. (انترنت)

إلى جانب ذلك، تتناول النقاشات ملف تأمين الحدود الجنوبية الليبية، حيث تعمل أنقرة على تزويد ليبيا أجهزة استشعار ورقابة للحدود الجنوبية، والمساعدة في تدريب عناصر "الجيش الوطني" على مهمات تأمين الحدود.
وتأتي الاجتماعات وسط معلومات عن ترتيبات تُجرى لزيارة يقوم بها قائد "الجيش الوطني" خليفة حفتر إلى العاصمة التركية ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان للمرة الأولى، في خطوة ستمثّل تحولاً استراتيجياً في علاقة الطرفين، واعترافاً من أنقرة بسلطة حفتر بعد سنوات من العداء.
لكن تمدد النفوذ التركي قد يثير قلق القاهرة، خصوصاً مع اقترابه من منطقة استراتيجية تمثل عمقاً للمثلث الحدودي مع مصر والسودان، كما قد يشكّل أيضاً انتكاسة جديدة لاستثمار موسكو سنوات علاقتها بقائد "الجيش الوطني"، من أجل تمديد نفوذها إلى دول الساحل الأفريقي عبر الجنوب الليبي، أو ما يسمى "الفيلق الأفريقي الروسي".
وكان رئيس أركان "الجيش الوطني" ونجل قائده خالد حفتر، قد زار موسكو قبل أكثر من أسبوع، والتقى وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، في مسعى على ما يبدو لطمأنة الروس الى أن التحالف القديم لن ينفك رغم التطورات.
في المقابل، فإن التطور المتسارع في العلاقات بين أنقرة وحفتر يُثير علامات استفهام بشأن ما إذا كان قد جاء بتنسيق وضوء أخضر أميركيين، أم أنه يأتي استباقاً لتدخل واشنطن بشكل مباشر في العملية السياسية والأمنية الليبية.
ومنذ مطلع العام الماضي، وقّعت أنقرة حزمة اتفاقات استثمارية ضخمة في مدن شرق ليبيا، وتعمل على تمرير اتفاقات أخرى يجري بلورتها لتأمين ساحل المتوسط والتنقيب عن النفط والغاز في باطنه.
ويرى رئيس الائتلاف الليبي – الأميركي فيصل الفيتوري، في تصريح لـ"النهار"، أن تطور العلاقات بين أنقرة وقيادة الجيش الوطني الليبي، بما في ذلك فتح قنوات حوار مع قائده خليفة حفتر، يعكس إدراكاً سياسياً وأمنياً بضرورة إدارة علاقات دولية متوازنة في لحظة حرجة، مؤكداً أن الحضور التركي في ليبيا "لا يتم بشكل منفرد أو بمعزل عن المنظومة الدولية، بل يأتي في إطار تكليف من حلف شمال الأطلسي (ناتو) وبإذن واضح من الولايات المتحدة، إذ تتحرك أنقرة بصفتها قوة أطلسية مكلفة، وهو ما يجعل دورها جزءاً من الاستراتيجية الشاملة لتأمين الاستقرار في جنوب المتوسط".
ويشيد الفيتوري بنهج حفتر، الذي يسيطر على حوالى 80 في المئة من جغرافيا ليبيا في الآونة الأخيرة، ومحاولته استثمار فرصة التطورات الدولية بإدارة علاقات متوازنة تنفتح على الجميع، موضحاً أن "نجله الأصغر صدام، الذي تولى أخيراً منصب نائب القائد العام، نجح في إقامة علاقات دافئة مع الأميركيين ستشكل جسراً جديداً من الثقة. وفي الوقت نفسه، يعمل نجله الآخر خالد على توطيد علاقات سياسية وأمنية رفيعة مع الروس، بما يمنح ليبيا فرصة لصوغ موقع توازني بين القوى الكبرى ويصب في مصلحة البلاد، خصوصاً ونحن نمر بمرحلة مخاض عالمي لمشروع أميركي أوسع في المنطقة يتطلب الاستقرار والأمن".