وتيرة التقارب المصري - التركي تتسارع... الملفات المعقدة نحو الحلّ؟
تتسارع وتيرة تحسّن العلاقات المصرية – التركية بشكل ملحوظ، رغم وجود عدد من الملفات الخلافية البالغة التعقيد بين البلدين، وفي مقدمتها ليبيا، وسوريا، وإيواء أنقرة لعناصر هاربة من "جماعة الإخوان المسلمين". ويرى محللون سياسيون أن تسارع التقارب بين أنقرة والقاهرة يعكس مؤشراً إيجابياً إلى إمكانية حل هذه النقاط الخلافية قريباً.
وبدأت العلاقات بين الدولتين تتعافى تدريجياً منذ عام 2021، بعد سنوات من التوتر السياسي الذي اندلع في أعقاب عام 2013، مع إطاحة "الإخوان المسلمين" من الحكم في مصر إثر تظاهرات شعبية حاشدة، ساندها الجيش المصري.
وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤخراً، إلى "التحسن النوعي" في العلاقات بين البلدين، فيما أعادت أنقرة والقاهرة تفعيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، ورفعتها إلى مستوى رئيسي الدولتين العام الماضي. كما تعمل الدولتان على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار، أي نحو ضعف القيمة الحالية.
أوجه الاتفاق
ترى الدكتورة نهى بكر، عضو الهيئة الاستشارية للمجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تحسن العلاقات يعود إلى وجود أوجه اتفاق عدة بين الجانبين، رغم استمرار الخلافات في عدد من الملفات.
وتقول بكر لـ"النهار": "يشكل الاقتصاد نقطة التقاء حيوية، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري إلى 7.6 مليارات دولار عام 2023، بزيادة 11% عن 2022، فضلاً عن نمو الاستثمارات التركية في مصر، إذ تنشط 500 شركة تركية في مجالات الإلكترونيات، والنسيج، والسيارات، والأجهزة المنزلية، والطاقة".
وتشير بكر إلى وجود "تقارب في بعض الملفات الإقليمية، مع تنسيق محدود في ليبيا لدعم الحل السياسي وخفض الوجود العسكري الأجنبي، وكذلك توافق في الموقف من القضية الفلسطينية، إذ يرفض البلدان التهجير القسري لسكان قطاع غزة".
مرونة مصرية
من جانبه، يرى خبير العلاقات الدولية الدكتور محمد الطماوي أن "تحسن العلاقات جاء في إطار سياسة مصرية تسعى لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتجنب التوترات التي قد تمس الأمن القومي".
ويقول لـ"النهار": "رغم الخلاف حول ملف الإخوان، أبدت القاهرة مرونة بفتح قنوات اتصال مع أنقرة، والسعي لإعادة العلاقات الديبلوماسية إلى مستوى السفراء، بما يعكس رغبة متبادلة في تعزيز التعاون بما يخدم المصالح المشتركة".
ويضيف: "تركز مصر على دعم الحلول السياسية، واحترام سيادة الدول، ورفض التدخلات الخارجية في ليبيا وسوريا، والعمل على منع أي دعم مسلح قد يفاقم الأزمات، مع التأكيد على أهمية التنسيق العربي لاحتواء الصراعات".
المكتسبات الإيجابية
منذ بدء التعافي في العلاقات قبل نحو أربع سنوات، تحولت العديد من الملفات التي كانت عصية على الحل إلى قضايا قابلة للنقاش بين الطرفين، بما يشمل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية.
وتتوقع بكر استمرار التحسن التدريجي، قائلة: "تركيا خفّضت دعمها للإعلام المعارض لمصر مقابل ضمانات استثمارية وسياسية". لكنها تضيف أن "العلاقات المصرية – التركية لا تزال غير صلبة بسبب عمق الخلافات السياسية"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "المصالح الاقتصادية والتوافق الجزئي في بعض القضايا يدفعان الجانبين إلى تجنب التصعيد السلبي والبناء على المكتسبات الإيجابية".
نبض