شمال إفريقيا 05-05-2025 | 10:46

شحنة أدوية عراقية تكشف أمراض المنظومة الصحية في ليبيا

أثار إعلان استيراد ليبيا شحنة أدوية لعلاج الأورام من العراق عاصفة من الجدل.
شحنة أدوية عراقية تكشف أمراض المنظومة الصحية في ليبيا
وزير الصحة الليبي المُقال رمضان أبوجناح.
Smaller Bigger

تؤمن شريحة واسعة في ليبيا بأن شبح الفساد الذي يخيم على مؤسسات الدولة، ويضرب عمق مفاصلها، يهدّد البلاد بالانهيار. لكن امتداده إلى المنظومة الصحية زاد من المخاوف، نظراً إلى حساسية هذا القطاع الحيوي.
وأثار إعلان استيراد ليبيا شحنة أدوية لعلاج الأورام من العراق عاصفة من الجدل. أعقب ذلك قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بإعفاء وزير الصحة رمضان أبوجناح من مهامه وإحالته على التحقيق، بعد ثبوت مسؤوليته المباشرة عن الصفقة.
وأوضح الدبيبة بأن قراره، الذي شمل أيضاً عدداً من كبار مسؤولي الوزارة، جاء على خلفية "مخالفات تتعلق باستيراد الأدوية خارج اختصاص الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان"، في خطوة تهدف إلى "تعزيز الشفافية ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات في القطاع الصحي".
ويواجه القطاع الصحي الهشّ في ليبيا، إلى جانب كبار مسؤوليه، اتهامات واسعة بالفساد خلال السنوات الأخيرة، فضلاً عن جشع أمراء الميليشيات المسلحة وهيمنتهم على مفاصله.
وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان قد نفت في البداية الأنباء عن استيراد أول شحنة أدوية عراقية مصنّعة محلياً لعلاج الأورام، مؤكدة أنها تستورد حصرياً من مصادر أميركية وأوروبية معتمدة، وأنها غير مسؤولة عن أي دواء يُستورد خارج إطارها الرسمي. لكن وزارة الصحّة عادت وأكدت في بيان استيراد الشحنة "خارج بنود العطاء العام، وبموافقة هيئة الرقابة الإدارية، بعد سلسلة من الإجراءات الطويلة والرقابة المشددة".
وفيما لا يزال مصير الشحنة غامضاً حتى الآن، يهدد تردّي الخدمات الصحية في ليبيا حياة آلاف مرضى الأورام، الذين يعانون نقصاً في الأدوية والأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى سوء أوضاع المراكز العلاجية محدودة العدد. وزادت في الآونة الأخيرة المخاوف من أدوية مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات العالمية.

 

شحنة أدوية الأورام العراقية أثارت جدلاً كبيراً في ليبيا.
شحنة أدوية الأورام العراقية أثارت جدلاً كبيراً في ليبيا.

 

ويقول المستشار القانوني لهيئة مكافحة الفساد، ناصر الورفلي، لـ"النهار" إنّ إيقاف الوزير ومسؤولي الوزارة جاء "لمصلحة التحقيقات التي يُجريها النائب العام، الذي -إن لم يثبت مخالفتهم للقانون- باستطاعته أن يعيدهم إلى مناصبهم". ويضيف: "وزارة الصحة لها خصوصيتها، وهناك العديد من المخالفات التي كشفتها الأجهزة الرقابية، كديوان المحاسبة والرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد، وتمت إحالتها على النائب العام، وأُعلنت في تقارير رسمية". ويرفض الورفلي التسرع في توجيه الاتهامات إلى المسؤولين، مؤكداً أن "المخالفات التي يتم إثباتها تُحال على النائب العام لاتخاذ القرار المناسب".
ويشرح الورفلي بأن "استيراد الأدوية يتم عبر لجنة فنية متخصصة تضم أعضاء من الوزارة وإدارة الصيدلة والرقابة على الأدوية، التي تُعرض عليها عروض الشركات لاختيار الأفضل منها من حيث الجودة والسعر. بعدها تنتقل العروض إلى لجنة العطاءات، ثم تسافر اللجنة الفنية إلى مصانع الأدوية لمراجعة المنتج ومواصفاته. وعند الاستيراد، يخضع الدواء للمعاينة والتحليل للتأكد من مطابقته للمواصفات. ومن المفترض الالتزام بهذه الإجراءات. لكن بعض الخروقات تقع أحياناً، وعند اكتشافها تُتخذ الإجراءات القانونية كما حدث في هذه القضية".
أما المستشار الطبي في وزارة الصحة الليبية د. جبريل العبيدي، فيعتبر أن قضية استيراد الأدوية من العراق "قد تكون بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير"، مشدداً على أن منظومة الصحة "بحاجة ماسة إلى الإصلاح، بدءاً من تعديل القوانين وضبط موادها المتعارضة، إضافة إلى تنقيح قرارات وزارية تخالف القوانين القائمة".
ويقول العبيدي لـ"النهار" إن أبو جناح "ليس أول وزير يُطاح به في وزارة الصحة، فقد أُقيل وزير سابق بتهم فساد من قبل النائب العام"، لافتاً إلى "مشكلات سابقة في استيراد أدوية مثل بعض أنواع الإنسولين والتطعيمات، وحتى القرنيات".
كذلك، ينتقد العبيدي استحداث هيئات مستقلة في داخل وزارة الصحة، مثل "هيئة الأورام"، التي "انتزعت صلاحيات الوزارة وأفرغتها من مهامها"، واصفاً ذلك بأنه "خطأ تنظيمي كارثي، لأن كل هيئة باتت تعمل بقوانينها الخاصة بعيداً عن الوزارة، فضلاً عن تعيين غير المتخصصين في مناصب عليا في داخل القطاع".
ويؤكد أن القضية الأخيرة تسلّط الضوء على العديد من المخالفات في عملية استيراد الأدوية، إذ ينصّ القانون الليبي على أن يكون الدواء المستورد مستخدماً في بلد المنشأ لمدة لا تقلّ عن خمس سنوات، وأن يحمل موافقات من منظمات صحيّة دولية. لكنه يتساءل: "هل مصنع الدواء العراقي جديد؟ وهل هذه أوّل شحنة يتمّ تصديرها إلى ليبيا؟ وهل الموادّ المستخدمة في التصنيع محلية بالكامل أم مستوردة؟ وهل جرى العطاء بطريقة تنافسية وشفافة؟".


الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.