بعد السيطرة على القصر الجمهوري... البرهان: المعركة مستمرة ضد قوات الدعم السريع

أكد قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، اليوم الجمعة، أنه "لا تفاوض مع الدعم السريع بعد أن رفضوا إلقاء السلاح"، وذلك بعد سيطرة الجيش على القصر الجمهوري في الخرطوم.
وقال البرهان: "كلنا تصميم على إنهاء التمرد والقضاء على الدعم السريع". وأشار إلى أن "الجيش ملتحم مع الشعب في معركته ضد الميليشيات".
واتهم قائد الجيش، الدعم السريع "بتعمد استهداف السودانيين بالمسيرات"، مشددا على ضرورة "تحرير كامل السودان".
وفي وقت سابق، أعلن البرهان أن المعركة مستمرة ضد قوات الدعم السريع.
وقال خلال زيارة لولاية الجزيرة اليوم، إن "الجيش يتعهد للشعب السوداني بأن المعركة لن تتوقف وستمضي إلى نهاياتها"، مضيفاً: "نتقدم بخطى ثابتة والمعركة تمضي للأمام".
واليوم، أعلن الجيش السوداني أنه استعاد القصر الجمهوري في الخرطوم من قوات الدعم السريع التي ردت باستهداف المجمع بطائرات مسيّرة، بعد حوالى عامين على بدء الحرب.
وبث التلفزيون الرسمي لقطات لمقاتلين يحتفلون بالسيطرة على القصر الجمهوري، قبل أن يؤكد مصدر عسكري أن ثلاثة صحافيين يعملون في تلفزيون السودان، قتلوا جراء هجوم بطائرة مسيّرة نفذته قوات الدعم السريع على القصر، بعيد إعلان القوات الحكومية استعادة السيطرة عليه.
وقال وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الاعيسر أن القتلى هم منتج ومصور فيديو وسائق في التلفزيون الحكومي.
وأكد المصدر العسكري لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه أنهم كانوا "يقومون بتغطية استعادة الجيش القصر الجمهوري عندما ضربت طائرة مسيّرة المجمع، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود أيضا".
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان عبر تلغرام أن عناصرها "نفذوا عملية عسكرية خاطفة استهدفت تجمعا... داخل القصر الجمهوري"، ما أسفر عن "مقتل أكثر من 89 من عناصر العدو وتدمير آليات عسكرية مختلفة".
وأكدت أن المعركة للسيطرة على القصر الجمهوري في الخرطوم "لم تنته بعد"، مشيرة إلى أن مقاتليها ما زالوا في المنطقة.
وأكد شهود عيان أن عدة طائرات مسيرة استهدفت المنطقة حيث كان الجنود يحتفلون بالنصر في غرف مدمرة في القصر.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها التلفزيون الرسمي شبابا متطوعين إلى جانب الجيش، يضعون عصبات رأس صفراء، ويلوحون بأعلام هاتفين تحت أقواس متفحمة ونوافذ مكسورة.
واحتلت قوات الدعم السريع القصر في نيسان/أبريل 2023، عندما اندلعت الحرب بينها وبين الجيش.
وفي ذلك الوقت، سيطرت قوات الدعم السريع بسرعة على شوارع الخرطوم، بينما فرت الحكومة الموالية للجيش إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.
وأسفرت الحرب المتواصلة منذ حوالى العامين عن سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح أكثر من 12 مليونا، متسببة بأكبر أزمتي جوع ونزوح في العالم.
"نقطة تحول"
وبعد تعرض الجيش لهزائم خلال أشهر، شهدت الحرب انعطافة في أواخر العام الماضي عندما شن الجيش هجوما مضادا في ولاية الجزيرة الزراعية في وسط البلاد، مستغلا انشقاق قائد محلي من قوات الدعم السريع.
واعتبر مدير مجموعة الأزمات الدولية في منطقة القرن الإفريقي آلان بوسويل، أن استعادة الجيش للقصر الرئاسي "ضربة لقوات الدعم السريع، وانتصار رمزي ضخم للجيش".
وقال لوكالة فرانس برس: "إنها نقطة تحول كبيرة في الحرب".
ورحبت الحكومة السودانية الموالية للجيش والتي اتخذت من بورتسودان على ساحل البحر الأحمر مقرا لها، بالنصر.
وأشاد وزير الإعلام خالد الأعيسر بـ "أبطال القوات المسلحة السودانية، وكل القوات المساندة".
وقال الناطق باسم الجيش نبيل عبدالله في بيان بثه التلفزيون الرسمي: "توجت قواتنا اليوم نجاحاتها بمحاور الخرطوم، حيث تمكنت من سحق شراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري (رمز سيادة وكرامة الامة السودانية) والوزارات"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وأضاف: "دمرت قواتنا (...) أفرادا ومعدات العدو واستولت على كميات كبيرة من معداته وأسلحته".
وتعهّد عبدلله أن يمضي الجيش قدما "بكل محاور القتال حتى يكتمل النصر بتطهير كل شبر من بلادنا من دنس المليشيا وأعوانها".
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.
وفي بداية الحرب، سيطرت قوات الدعم السريع على القصر الرئاسي، وكان الجيش يحاول استعادته.
وشهدت منطقة وسط الخرطوم حيث يقع القصر الجمهوري ووزارات معارك ضارية في الأشهر الأخيرة، فيما كانت قوات الجيش تتقدم عبر المدينة.
وفي الأسابيع الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مساحات كبيرة من الخرطوم، من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقا.
ولا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على الكثير من المواقع في الخرطوم وأم درمان المحاذية لها على الجانب الآخر من النيل الأبيض.
وفي الأسابيع القليلة الماضية تكثفت المعارك في أماكن أخرى في البلاد لا سيما في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة منذ أيار/مايو فيما تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء عليها للسيطرة على منطقة دارفور الغربية الشاسعة برمتها.
مواصلة القتال
وأكد خبير عسكري لوكالة فرانس برس أن قوات الدعم السريع خسرت مقاتلين من النخبة خلال معركة القصر الرئاسي.
وقال الخبير العسكري طالبا عدم الكشف عن هويته: "مع دخول الجيش القصر الجمهوري، وهو ما يعني سيطرته على وسط الخرطوم، خسرت المليشيا قوات النخبة التابعة لها".
وفي حين تعهدت قوات الدعم السريع بمواصلة القتال لإخراج الجيش من المناطق التي استعادها، إلا أن مصدرا عسكريا طلب عدم الكشف عن هويته قال لفرانس برس إن "ما تبقى من مليشيات قوات الدعم السريع فرّوا إلى بعض الأبنية" في وسط الخرطوم.
وأعلن الجيش الجمعة أن قواته تقوم بـ"تنظيف" وسط الخرطوم من عناصر الدعم السريع.
واستعادة الجيش للقصر الرئاسي قد تؤدي إلى استعادته الخرطوم الكبرى، لكن منطقة دارفور الغربية الشاسعة ومعظم الجنوب ما زال إلى حد كبير تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة يواجه قرابة مليوني شخص انعدام أمن غذائي حادا في أنحاء السودان فيما يعاني 320 ألفا من ظروف مجاعة.
وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان وانهيار اقتصاده الضعيف أصلا، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.
وأكدت الأمم المتحدة أن في الخرطوم وحدها يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص من ظروف مجاعة.