شمال إفريقيا
10-03-2025 | 11:05
مصرع طفلة في بالوعة يكشف إهمالاً وتقصيراً في البنى التحتية
بطلة هذه المأساة هي الطفلة يسرى التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، وقد اختطفتها السيول فجأة بعد أن جرفتها إلى بالوعة صرف صحي مكشوفة، أثناء عودتها من دروس الدعم والتقوية برفقة والدها.
رجال الانقاذ يبحثون عن الطفلة يسرى
لم يكن مساء الخميس الماضي في مدينة بركان الهادئة، في أقصى شمال شرقي المغرب، كأيّ مساء عادي. فقد شهدت المدينة فاجعة مؤلمة هزّت أرجاءها، وأثارت مشاعر الحزن والغضب، وصارت حديث الغادي والبادي من أقصى شمالي المملكة إلى أبعد نقطة في جنوبها.
وبطلة هذه المأساة هي الطفلة يسرى، التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، والتي اختطفتها السيول فجأة بعد أن جرفتها إلى بالوعة صرف صحي مكشوفة، أثناء عودتها من دروس الدعم والتقوية برفقة والدها، في حادث أليم لم يكن مجرد فاجعة ألمت بأسرتها فحسب، بل أصبح قضية رأي عام تفتح الباب على مصراعيه للحديث عن مشكلة الإهمال والمحاسبة في البلاد.
وفي تلك اللحظات المأسوية، حينما كانت السماء تُنزل مطراً طالما انتظرته المنطقة الشرقية للمغرب بعد سنوات من الجفاف الشديد، هرع المواطنون ورجال الإنقاذ إلى عملية بحث مضنية، شارك فيها سكان المدينة ورجال الوقاية المدنية والقوات المساعدة. لكنهم بعد ساعات من البحث الشاق عثروا على جثة يسرى في وادي "شراعة"، على بعد حوالي كيلومترين من موقع الحادث، وسرعان ما تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة للنقاش المستمر والمطالبات بفتح تحقيق عاجل في الحادث.
وُصف الحادث بـ "المجزرة غير القابلة للتسامح"، وألقى المغاربة عبر هاشتاغ #بالوعة_الموت اللوم على السلطات المحلية، التي فشلت في توفير بيئة آمنة لمواطنيها، فيما لم تقتصر تعازي نشطاء الفضاء الرقمي على كلمات الحزن فقط، بل ربطوا الحادث بشكل مباشر بالإهمال في صيانة البنية التحتية، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن الوضع المتدهور.
في هذا الإطار، قال محمد مضني، الفاعل المدني والحقوقي في المدينة لـ"النهار": إن "فاجعة وفاة الطفلة يسرى ليست مجرد حادث عرضي، بل هي نتيجة مباشرة لإهمال طويل في صيانة البنية التحتية للمدينة، مما يهدد حياة المواطنين يوميًا"، مشدّداً على أن ما حدث هو "جرس إنذار للمسؤولين عن الشأن العام المحلي والإقليمي".
ورأى أن "من غير المقبول أن نرى بالوعات مكشوفة على طرقات مكتظة بالسكان، من دون اتخاذ أيّ إجراءات لحمايتهم"، معتبراً أن "هذا الحادث يكشف بوضوح ضعف السياسات المحلية في مجال الوقاية من الفيضانات والتصدي لأخطارها، كما يبرز الحاجة الماسة إلى تطوير الأنظمة الإدارية والمراقبة لضمان سلامة المواطنين".
يذكّر الحدث اليوم بواقعة الطفل ريان، وبعشرات الحوادث في مختلف المدن والمناطق "لهذا يجب أن تكون هذه الفاجعة دافعًا للمسؤولين باتجاه تحمّل مسؤولياتهم كاملة، والتحرك فوراً لإصلاح الأوضاع، وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية، كما نطالب بفتح تحقيق شامل لمعرفة أسباب الحادث ومحاسبة كل من قصّر في أداء واجبه"، أضاف مضني.
ومما زاد من اشتعال غضب الرأي العام في المغرب هو طريقة عمل فرق الإنقاذ، حيث وصف العديد من الشهود عمل فرق الإنقاذ بأنه "تقليدي للغاية" في "مدينة بركان الذكية"، في إشارة إلى ضعف الوسائل التقنية الحديثة المستخدمة في عمليات البحث، مؤكدين أن "رجال المطافئ اضطروا إلى الاعتماد على أضواء هواتفهم النقالة لتكشف لهم المسار أثناء دخولهم عبر المجاري"، مما يبرز نقص المعدات المتطوّرة التي يمكن أن تساعد في مثل هذه الحالات.
وفتحت المأساة النقاش العام بشأن جودة البنية التحتية في العديد من المدن المغربية، حيث أكد بعض المدوّنين أن "المدينة ما زالت تعاني من مشاكل كبيرة في البنية التحتية، رغم ما يُقال عن المشاريع التنموية". وفي قرية جابر، حيث وقعت الفاجعة أشار السكان إلى أن عمليات التأهيل الأخيرة التي شملت طرقات ومدارات ساهمت في تصريف مياه الأمطار نحو مناطق مأهولة، مما جعلها عرضة للفيضانات، وهو ما أدّى إلى الحادث المأسوي، فيما خرجت مطالبات أخرى من سكان المدن المجاورة وتحذيرات من تكرار الحادثة في مناطق مثل تازة ووجدة، بسبب تردّي حالة البنية التحتية.
من جانبها، عبّرت جماعة بركان عن "حزنها العميق" في منشور رسمي على صفحتها في "فايسبوك"، معتبرة الحادث "خسارة فادحة للجميع". لكن هذا المنشور لم يخلُ من الانتقادات التي طالبت بتحمّل المسؤولية الفورية، في وقت طالب بعض المدونين المجلس الجماعي بـ"الاستقالة" إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة.
أما مراد زيبوح، المحامي في هيئة وجدة، فاعتبر أن الحادث المؤلم لا يُمكن أن يمرّ من دون محاسبة، لأنّه في الحقيقة نتيجة مباشرة لإهمال طويل من قبل الجهات المعنية في صيانة البنية التحتية وتوفير بيئة آمنة للمواطنين، معتبراً أن "من غير المقبول أن نشهد في مدينة بركان، أو في أيّ مدينة أخرى، وجود بالوعات مكشوفة في شوارع يمرّ بها السكان يومياً، بخاصة في مناطق سكنية مكتظة. وهذا الحادث يكشف عن قصور واضح في تدبير الشأن العام المحلي، ويُعدّ خرقاً جسيمًا للواجبات المفروضة على السلطات المحلية في حماية أرواح المواطنين".
المحامي زيبوح أكد لـ "النهار" أن "البنية التحتية هي أساس الأمان العام، وعندما تُهمل مثل هذه الأمور، فإنها تهدّد حياة المواطنين بشكل مباشر. وفي هذه الحالة، فإنّ عدم تغطية البالوعات وصيانتها يعكس خللاً في العمل الإداري والمراقبة الدائمة على المشاريع التحتية، ويجب أن نتساءل هنا: أين كان الإشراف المستمرّ على هذه المشاريع؟ أين كانت الجهات المسؤولة عن متابعة الأعمال والصيانة؟".
من وجهة نظر قانونية، فإن هذا الحادث -يضيف المحامي-: " يدخل في إطار المسؤولية التقصيرية، وهي مسؤولية تقع على عاتق المجالس الجماعية والسلطات المحلية والإقليمية، التي يُفترض بها أن تضمن سلامة المواطنين في الأماكن العامة".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
11/22/2025 12:24:00 PM
حرّر محضر بالواقعة وتولّت النيابة العامة التحقيق.
اقتصاد وأعمال
11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة
11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة
11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً.
نبض