رئيس مجلس أمازيغ ليبيا لـ"النهار": لا نسعى الى الانفصال ونناضل من أجل دولة لا مركزية

أعاد دهس علم الأمازيغ في قلب العاصمة الليبية طرابلس، قضية معاناة هذه الأقلية إلى الواجهة مجدداً، وهو الحادث الذي حمّل رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا الهادي برقيق تبعته للقيادات الأمنية في العاصمة، مهدداً بالتصعيد.
وفي حوار مع "النهار" شدد برقيق على أن الحديث عن إنفصال الأمازيع هو محاولة تقودها أطراف سياسية لتشويههم، كما رفض الربط بين الأمازيع وأكراد سوريا والعراق، مطالباً بوضع دستور جديد لليبيا يؤسس لدولة لا مركزية ويضمن حقوق كل المكونات من دون تفرقة على أساس الهوية.
هنا نص الحوار:
*كم عدد أمازيغ ليبيا في ظل عدم وجود إحصاءات رسمية؟
- الأمازيغ في ليبيا قسمان: الناطقون باللغة الأمازيغية، وعددهم نحو 500 ألف شخص يعيشون في مناطق جبل نفوسة وزوارة وفي طرابلس، أما غير الناطقين فلا إحصائية لعددهم وهم ينتشرون في المدن الليبية ووسط قبائلها.
* كيف كان وضعهم في ظل النظام السابق وحالياً؟
- الأمازيغ كانوا ضد هذا النظام منذ وصوله إلى السلطة (عام 1969) وعدّوا الخطوة انقلاباً، وكانت غالبية أطراف معارضة هذا النظام من الأمازيغ، وهو حارب الهوية الأمازيغية محاولاً تغيير التاريخ والموروث الليبي، وجرّم الحديث باللغة الأمازيغية في المؤسسات ومنع التسمية بالأسماء الأمازيغية وزج بالعديد من القيادات في السجون. وهو ما دعا الأمازيغ إلى المساهمة بشكل مباشر في أحداث شباط (فبراير) 2011.
* ما هي التحديات الحالية أمام تمتُع الأمازيغ بحقوقهم في ليبيا؟
- أهم التحديات يكمن في عدم وجود دستور وقانون يحميان حقوق الأمازيغ، فالحراك الأمازيغي الذي انطلق عام 2011، هو جهاد مستمر، صحيح أننا حصلنا على بعض المكاسب مع تدريس اللغة الأمازيغية، لكن هذا الهامش من الحرية مقيّد بعدم وجود دستور، حتى أن الأمازيغ لا يستطيعون تسمية أبنائهم بالأسماء الأمازيغية، والإعلان الدستوري (المعمول به في ليبيا منذ نحو عقد) يحمل تفرقة بين المكونات. نطالب بدستور يضمن حقوق الجميع من دون تفرقة على أساس الهوية.
* بعد حادث دهس العلم الأمازيغي هل تعتقد أن هناك من يسعى لتأجيج الفتنة بين مكونات الشعب الليبي؟
- الوزير المكلف وزارة الداخلية (عماد الطرابلسي) وعدد من قيادات الوزارة يحملون نزعة قبلية في نفوسهم ويحاربون الأمازيغ، كأن هذه الوزارة تحمل أجندة خارجية لمحاربة الأمازيغ. ففي السابق قام الوزير بتغيير الحدود الإدارية لمديرية أمن جبل نفوسة وتغيير أسمائها، وكذلك قام بتغيير الكفاءات الإدارية في مدينة زوارة ونقلها إلى خارج منفذ رأس اجدير (الحدودي مع تونس) للسيطرة عليه بقوة السلاح. يعملون على بسط نفوذ أطراف قبلية بعينها على حساب الأمازيغ، ونحن مستمرون في التصعيد ضد هذه الإجراءات.
* هل لديكم اتصالات مع البعثة الاممية والأطراف الدولية النافذة كالولايات المتحدة لعرض مطالبكم والتعبير عن وجهات نظركم في المستقبل؟
- نحن على تواصل دائم مع الموفدين الأمميين ومع سفراء الدول الكبرى في ليبيا، وشرحنا الصورة كاملة حول ما يريده الأمازيغ من الدولة الليبية ورؤيتهم حتى يتحقق الاستقرار.
* وهل انتم ممثلون في اللجنة الاستشارية التي أطلقتها الأمم المتحدة أخيراً؟
- البعثة الأممية مدى حوارتها السابقة دائما ما تختار شخصيات تفرضها على الأمازيغ. نحن نعترض على الآلية التي تعتمدها البعثة والقصد منها تهميش الأمازيغ في مقابل أنها تتشاور مع كل الأطراف الأخرى لاختيار ممثليها.
* هل ستعترضون على مخرجات اللجنة الاستشارية بما أنكم غير ممثلين فيها؟
- سجلنا موقفنا بالاعتراض على آلية الاختيار.
* لماذا يُنظر إلى الأمازيغ في ليبيا على أنهم يريدون إدارة ذاتية لمناطقهم؟
- بعض الاطراف السياسية تسعى إلى تشوية الأمازيغ بالترويج لفكرة الإنفصال، لكن الواقع يثبت عكس ذلك فالكل يعلم أن الأمازيغ يتعايشون مع باقي المكونات، خصوصاً أنهم مكون رئيسي داخل العاصمة طرابلس، هي تركيبة فسيفساء حاضنة لكل المكونات.
* إذاً، ما هي طموحات الأمازيغ في الشكل المستقبلي لدولة ليبيا؟
- نسعى إلى دولة مدنية مستقلة تتمتع بنظام لا مركزي هو الأمثل في المرحلة المقبلة، لأن المركزية نظام ثبت فشله طوال السنوات الماضية. فغالبية المناطق الليبية تعاني التهميش وتفتقر إلى الخدمات الأساسية والبنى التحتية. وعندما قررت الأطراف المحلية والدولية تقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم: برقة وفزان وطرابلس (الشرق والجنوب والغرب) وأن توزع المناصب على أساس هذا التقسيم، رفضنا هذه الآلية وطالبنا بإقليم رابع للأمازيغ وهذا يضمن توزيعاً عادلاً للمناصب.
* هل تعتبرون أن التجربة الكردية في سوريا والعراق يمكن الاستفادة منها؟
تجربة الاكراد تختلف بشكل كامل عن تجربة الأمازيغ لعدم وجود امتداد لنا خارج الدولة الليبية. كما أن الشعب الكردي يؤمن بالمقاومة المسلحة ويسعى إلى إقامة دولته، لكن نحن نؤمن بليبيا دولة كاملة السيادة بحدودها الجغرافية ونسعى الى استقرارها.
* ماذا عن الانتخابات البلدية، هل رشحتم ممثلين عنكم؟
- كل المدن الأمازيغية لديها ممثلين. شجعنا هذه الانتخابات لانها ستُجدد العمل داخل البلديات كما أنها تُمثل دافعاً لإجراء الاستحقاقين التشريعي والرئاسي.
* في حال أجريت انتخابات تشريعية ورئاسية من دون إقرار دستور، هل ستُشاركون فيها أم ستفضلون المقاطعة؟
- تواصلنا مع مجلسي النواب والأعلى للدولة (السلطة التشريعية المفترضة)، وأيضاً مع البعثة الأممية وشددنا على تمثيل الأمازيغ بشكل واضح، سواء بكوتا أم بزيادة المقاعد الحالية للمدن، لأن هناك تخوفاً من ألا يكون لدينا ممثلين في بعض المدن لأنها تضم خليطاً من المكونات العربية والأمازيغ. نحتاج إلى قوانين عادلة تضمن تمثيل الأمازيغ في السلطة التشريعية المقبلة وفي حال عدم الاستجابة فعدم المشاركة سيكون الأفضل لأنه لا يوجد ضامن للتمثيل داخل هذه المؤسسات.