الجزائر تتصدّى لـ"نزيف الأخلاق" في منصات التواصل الاجتماعي

شمال إفريقيا 25-02-2025 | 15:53

الجزائر تتصدّى لـ"نزيف الأخلاق" في منصات التواصل الاجتماعي

حملة شنَّتها قوى الأمن الجزائري ضد من يسمّون بـ"المؤثرين"، فأوقفت امرأتين في عنّابة شرقي البلاد، لتورطّهما في بثّ مقاطع فيديو خادشة للحياء، كما تم توقيف الناشط عبر منصة "تيك توك" المعروف باسم "كوكو القرش"، لإخلاله بالآداب العامة والتحريض على الرذيلة.
الجزائر تتصدّى لـ"نزيف الأخلاق" في منصات التواصل الاجتماعي
من الحملة على مروجي المحتوى الهابط
Smaller Bigger

أطلق وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة تصريحات وُصفت بالقاسية بحق ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال رداً على سؤال نائب برلماني إن سيف القانون سيكون حاداً، ولا مجال لأيّ تسامح ضد القذف والسبّ والشتم عبر منصّات التواصل.
حملة شنَّتها قوى الأمن الجزائري ضد من يسمّون بـ"المؤثرين"، فأوقفت امرأتين في عنّابة شرقي البلاد، لتورطّهما في بثّ مقاطع فيديو خادشة للحياء، كما تم توقيف الناشط عبر منصة "تيك توك" المعروف باسم "كوكو القرش"، لإخلاله بالآداب العامة والتحريض على الرذيلة في مواقع التواصل، بحسب بيان لقوى الأمن بداية الشهر الجاري.

 

هذه التوقيفات وغيرها تأتي بعد انتشار فيديوات تتضمن سلوكيات وألفاظاً وعبارات وصفها جزائريون بالنَّابية والخادشة للحياء والضاربة بقيم المجتمع.

 

وكان عدد من الجزائريين طالبوا السلطات بالتدخل لوقف "نزيف الأخلاق" الذي أضحى أصحابه يوصفون بـ"المؤثرين والمؤثرات"، في وقت لا يتمحور تأثيرهم سوى في الترويج لمحتوى غير أخلاقي وهابط ومنافٍ لتقاليد المجتمع وقيمه.

 

ورأى الناشط عبر منصّات التواصل خالد حمزي لـ"النهار" أن الإشكال ليس متعلّقاً بأصحاب المحتويات الهابطة بقدر ما هو متعلقٌ بمتابعيهم، مضيفاً أن أغلب هؤلاء، بخاصة الشباب منهم، ينجذبون إلى تلك المحتويات وإلى تفاهات لا تخدمهم بشيء.

 

وعن الدافع وراء نشر محتويات غير أخلاقية، أكد حمزي أن "هدفاً واحداً يدفعهم إلى ذلك، وهو البحث عن تفاعل أكبر يفتح أمامهم باب الشهرة والمال وغيرهما".

 

وتابع أن "ما لا يقلّ عن 80 في المئة من المتابعين والمتصفحين لمنصات التواصل، سواء في الجزائر أم في البلاد العربية، يبحثون عن مثل هذه المحتويات غير الأخلاقية والتافهة، وذلك لأسباب عديدة".

 

ووصف حمزي الحملة الأمنية ضد أصحاب المحتويات الهابطة بالإيجابية، إذ "لا بدّ من التعامل مع هؤلاء بحزم، والردع بالسجن لتخويف الآخرين، ثم وضع حدٍّ لكل المحتويات غير السويَّة"، لافتاً إلى ضرورة توعية الشباب بضرورة الابتعاد عن كل ما يخدش الحياء ويُثير العنف ويضرب سلم القيم "لاسيما مع وجود محتويات هادفة كثيرة، نتابعها عبر وسائط التواصل وفي مجالات مختلفة".

 

ويخشى جزائريون من تفشّي ظاهرة الفيديوهات الهابطة محتوياتها والخادشة للحياء عبر وسائط التواصل إلى درجة طغيانها وانتشار أفكارها بين الأطفال والمراهقين، ممّا يجعل من مستقبل المجتمع من دون أفق قيميّ.

 

وقالت الاختصاصية الاجتماعية، آسيا كسور، لـ"النهار" إن "المحتوى الذي أضحى متداولاً اليوم بكثرة هو ذاك المتدنِّي بسبب تغلّب الجانب المادي عليه. صراحة هو سلوكٌ خطيرٌ جداً". وأضافت أن "السلوك السلبي لهؤلاء المؤثرين مردّه إلى البحث عن الشهرة المُدرَّة للمال"، مشيرة إلى أن "الأصل في صانع المحتوى اكتساب المُشاهد بالوعي من خلال المعلومات والتوجيهات التي ترتقي به وتسمو بالمجتمع". 

 

وأكدت أن "تدخّل السلطات الأمنية أضحى ضرورةً مُلحة، وبالشكل الذي يسمح بإنزال أقصى العقوبات بهم بتهمة نشر الرذيلة والإخلال بالآداب العامة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بما لا يتماشى مع قيم المجتمع".

 

وتعتقد كسور أنه "كلما كانت هناك حملاتٌ أمنية متتابعة ضد مروّجي المحتوى الهابط كان الردع أقوى ضدّ كلّ مَن تُسوِّل له نفسه مجرد التفكير في الأفعال والأقوال التي تثير أستياء المجتمع"، ودعت إلى ضرورة أن تتحرّك كل المنظومة المجتمعية لتؤدي دورها المهمّ، بمن فيها الوالدان وأفراد الأسرة الواحدة وكلّ مؤسسات المجتمع المدني، ضماناً للحدِّ من تفشّي هذه الظواهر المُستهجَنة، وذلك بالتوعية والتوجيه والإرشاد.

 

واعتبرت أن "المسؤولية تقع أيضاً على صُناع المحتوى الإيجابي، وذلك بقيامهم بدور فاعل في إنتاج المضمون ونشره"، مشيرة إلى أن هؤلاء يمثلون قوةً تواصليَّة واقعية في داخل المجتمع، وبالتالي فمساهمتهم فعّالة في تشكيل الصورة الذهنية الإيجابية للمجتمع.

 

وقبل سنتين، قرّرت الجزائر ملاحقة كلّ صاحب كلام خادش في الغناء، إذ أصدرت وزارة الثقافة الجزائرية قراراً بمنع بثّ ما وصفتها بـ"الأغاني المبتذلة" عبر كل الفضاءات الفنية والفعاليات الثقافية.


وفي العام الماضي، صوَّت البرلمان الجزائري لمصلحة تعديل قانون العقوبات الجديد ليقضي بسجن صاحب الكلام الخادش في الأماكن العامة والشوارع والساحات مدّة 6 أشهر مع غرامة مالية؛ وأثار التعديل حينها ضجَّة واسعة وثناءً شعبياً.

الأكثر قراءة

ثقافة 10/17/2025 6:10:00 AM
تُعدّ المقاهي الشعبية البيروتية مرآة دقيقة لتحوّلات المشهد الاجتماعي والثقافي للمدينة (1950–1970).
ثقافة 10/17/2025 6:15:00 AM
هذا المشروب الساحر لا يمكن تخيّله منفصلًا عن الشعور بالمشاركة وتحسين المزاج والحب.
ثقافة 10/17/2025 6:17:00 AM
المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
ثقافة 10/17/2025 6:12:00 AM
كان الـ "هورس شو" في بناية المرّ قاطرة القافلة التي ضمت مقاهي الـ "إكسبرس" في بناية صباغ، و"مانهاتن" في بناية فرح، ثم مقاهي "نيغرسكو" و"ستراند" و"الدورادو" و"كافيه دو باري" و"مودكا" و"ويمبي" وغيرها.