اتفاقية تبادل المطلوبين بين تونس والجزائر... تطوير للتشريعات يثير مخاوف
تدخل اتفاقية تسليم المطلوبين بين تونس والجزائر حيّز التنفيذ في غضون أيام قليلة، وفيما يعتبرها عدد من المراقبين مهمة، يعبّر حقوقيون عن مخاوفهم من تداعيات محتملة لها على الوضع الحقوقي في البلدين.
وتسمح الاتفاقية التي تمت المصادقة عليها رسمياً من الهيئات القضائية في البلدين بتنفيذ إجراءات طلب المجرمين والمطلوبين وتسليمهم من خلال تطوير طرق التواصل بينهما، عبر إرساء قاعدة التبادل التلقائي للمعلومات والتواصل عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
اتفاقية قديمة
والاتفاقية هي نسخة مطورة من اتفاقية التعاون القضائي التي تعود إلى عام 1963وتم التوقيع عليها عام 2021.
وتسهل هذه الاتفاقية عملية تبادل المطلوبين للعدالة في البلدين وتسليمهم وفق ضوابط تم تحديدها.
ويقول المحلل السياسي الجزائري عثمان اللحياني إن هذه الاتفاقية مهمّة للدولتين، وهي ليست اتفاقيةً جديدةً، بل تطوير لاتفاقية قديمة تعود إلى فترة ستينيات القرن الماضي. ورأى أن تطوّر أشكال الجريمة وظهور تقنيات وأساليب جديدة لها تعتمد أحياناً التكنولوجيات الحديثة، فرضا على البلدين العمل على تطوير هذه الاتفاقية.
ويوضح أن وجود حدود برية ممتدة بين تونس والجزائر قد يشجع على فرار المطلوبين للعدالة من هذا البلد أو ذلك إلى بلد الجوار، وهو "ما يفرض على البلدين الجارين ضبط قواعد تبادل المطلوبين للعدالة وتسليمهم"، وفق رأيه.
وتتقاسم تونس مع جارتها الغربية حدوداً برّية يبلغ طولها نحو 1034كيلومتراً، وكانت هذه الحدود مسرحاً للعديد من العمليات الإرهابية التي شهدها البلدان.
مخاوف حقوقية
لكن قدم الاتفاقية وأهدافها الموضوعية التي كانت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال قد كشفت عنها سابقاً لم تمنع أصواتاً حقوقية من التنبيه إلى وجود ثغرات فيها، قد تكون مدخلاً إلى التضييق على الحريات والحقوق في البلدين.
وقالت جفال عند مناقشة الاتفاقية في مجلس النواب التونسي إنها "تأتي لتجاوز بعض الإشكاليات في ما يتعلق بالتواصل بين البلدين وإدراج مفاهيم مثل جرائم الإرهاب، واسترداد الأموال، والتجميد، والمصادرة".
وفيما استثنت الاتفاقية على أساس القانون الدولي المطلوبين في قضايا ذات صبغة سياسية، والمجرمين من ذوي الجنسية المزدوجة بين البلدين، لا يُخفي حقوقيون مخاوفهم ممّا يصفونه بـ"البند الغامض" المتعلق بالجرائم السياسية، ويعتبر الكثير منهم أنه قد يكون مدخلاً إلى التضييق على المعارضين السياسيين في البلدين بسبب صيغته غير الدقيقة.
ويقول رئيس "ائتلاف صمود" حسام الحامي إن مثل هذه النصوص القانونية قد تتحوّل إلى وسيلة بيد السلط للتضييق على المعارضين السياسيين في البلدين، ويعتبر أن "الإشكال ليس في القوانين بقدر ما هو في كيفية تأويلها وتطبيقها".
ويذكّر بأن "الجزائر كانت تاريخياً المعبر الذي فرّ عبره معارضون سياسيون إلى خارج تونس حتى أيام حكم الرئيس بورقيبة ومن أشهرهم الوزير الأول السابق محمد مزالي ".
وفي المقابل ورغم أنه لا ينفي وجود مخاوف بشأن تداعيات هذه الاتفاقية على الوضع الحقوقي في البلدين، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضايا التي يكون المتورّطون فيها من الشخصيات السياسية، يؤكد اللحياني أن الاتفاقية كانت واضحةً في هذا الشأن ونصّت على أن الأحكام يجب أن تكون باتةً واكتملت كل مراحل التقاضي فيها، لافتاً إلى أن هذه الاتفاقية لا تشمل القضايا السياسية وقضايا الرأي التي لها أطرها القانونية الخاصة والتي يضبطها القانون الدولي.
نبض