تونس تمدّد العمل بحالة الطوارئ... بين حماية الأمن القومي والمخاوف على الحرّيات
أثار تمديد العمل بحالة الطوارئ في تونس إلى نهاية 2025 تساؤلات كثيرة عن دواعيه، خصوصاً أن الوضع الأمني في البلد مستقر، ورأت المعارضة أنه خطوة جديدة للتضييق عليها.
ولم يشر الإعلان إلى أسباب التمديد، وعادةً ما لا تُذكر أسباب الحالة.
ومنذ 2011، ومباشرة بعد إعلان سقوط نظام زين العابدين بن علي، أعلنت تونس حالة الطوارئ، لكنها عادت إلى رفعها في بعض المناسبات قبل أن تُعتمد بنحو متواصل منذ عام 2015 بعد هجوم إرهابي استهدف عدداً من قوات الأمن الرئاسي وتبنّاه تنظيم "داعش".
مخاوف
ومنذ عام 2011، ومع كل إعلان جديد لتمديد العمل بحالة الطوارئ، تثور ضجة واسعة ويواجه بانتقادات كبيرة من المعارضة.
لكن حدّة الانتقادات زادت بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد التدابير الاستثنائية في البلاد في تموز/يوليو 2021. وتقول المعارضة التي تقلص حضورها وتأثيرها في المشهد العام في البلد إن هذا القرار "يزيد في توتير المناخ العام في البلاد ويهدف إلى التضييق على الحريات".
ويمنح هذا الإجراء قوات الأمن سلطات استثنائية تتيح حظر إضرابات واجتماعات من شأنها "التسبّب بالفوضى" من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.
تقديرات عليا
ويقول العميد السابق في الأمن التونسي والمحلل السياسي خليفة الشيباني، لـ"النهار"، إن "تمديد العمل بحالة الطوارئ هو قرار سيادي تتخذه القيادة السياسية في إطار مجلس الأمن القومي وفق تقديراتها للوضع المحلي والإقليمي".
ويوضح أن هذا القرار يُتّخذ على أعلى مستوى بعد التشاور مع كل الجهات والأطراف المعنية، مشدداً على أن القيادة السياسية ليست مطالبةً بالإفصاح والكشف عن أسبابه ودواعيه لأنها قد تدخل في إطار الأمن القومي للبلاد وفي إطار تقديراتها للأوضاع.
ويضيف أن تونس قضت بنسبة كبيرة على الإرهاب، لكن ذلك لا يعني أنها باتت في مأمن منه، وهو ما يفترض مواصلة اليقظة خصوصاً مع ما يجري في المنطقة من تغيّرات كبيرة ومتسارعة.
توظيف سياسي
وفيما تعتبره المعارضة خطوة للتضييق عليها، ينفي الشيباني أن يكون للتمديد علاقة بالتضييق على الحريات، مؤكداً أن المسألة يوظّفها سياسياً من يعارضون سعيد "بزعم التضييق على العمل السياسي وحرية التعبير"، على حد تعبيره.
ويؤكد أن المعارضة نزلت إلى الشارع في مناسبات عدة كان آخرها يوم 14 كانون الثاني/يناير الماضي ورفعت شعارات بعضها يحمل عبارات لا أخلاقية ضد السلطة وسعيد "ومع ذلك لم يتم التضييق عليها ولم يتم توقيف أي مشارك فيها، رغم أن قانون الطوارئ ساري المفعول في البلد".
ويتساءل: "إن كان الهدف من قانون الطوارئ التضييق على الحريات فلماذا لم تقم المعارضة عندما كانت في الحكم بتنقيحه أو حتى إلغائه؟".
وبالنسبة إلى الشيباني، فإن أكبر مشكلة للمعارضة اليوم هي أنها لم تستوعب بعد أن منظومة 25 تموز هي ثمن كل الأخطاء التي ارتكبتها طيلة عقد من حكمها.
ومنذ بداية العمل بقانون الطوارئ عام 2011 كان السجال يدور دائماً حول نص هذا القانون الذي يعود إلى فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، وتحديداً عام 1978، وكثيراً ما تعالت الأصوات الحقوقية والقانونية مطالبةً بتعديله أو إلغائه.
نبض