أعادت تقارير صحافية الجدال بشأن العلاقة بين تونس والاتحاد الأوروبي ومعادلة التمويل مقابل ورقة الهجرة غير النظامية التي يقول التونسيون إنها تمسّ بسيادة البلد.
وفي تصريح إلى صحيفة "الغادريان" البريطانية، قالت مفوضية حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي إن" ترتيبات جديدة يجريها الاتحاد الأوروبي لعلاقته بتونس في السنوات المقبلة"، مؤكدة أن "المفوضية ستعيد النظر جذرياً في طريقة تسديد مدفوعاتها لتونس".
وكشفت أمينة المظالم في الاتحاد الأوروبي إيميلي أوريلي أنها طلبت من المفوضية الأوروبية وضع معايير واضحة لتعليق أموال الاتحاد الأوروبي بسبب ملف حقوق الإنسان، وذلك على خلفية مزاعم بوجود انتهاكات يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين.

المساعدات مقابل ملف الهجرة
ويأتي الحديث عن التوجه الأوروبي نحو إعادة النظر في تقديم دعم مالي لتونس في وقت يقول فيه بعض المراقبين إن هناك فتوراً في العلاقات بين الجانبين.
وتجمع تونس بالاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة استراتيجية تشمل ملفات عدة  من بينها خصوصاً ملف الهجرة غير النظامية.
ويقول حقوقيون تونسيون إن الاتحاد الأوروبي حوّل ملف المهاجرين غير النظاميين إلى ورقة ابتزاز لتونس من أجل إجبارها على منع وصولهم إلى سواحلها.
ويرى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن الاتحاد الأوروبي يسعى دائماً لتحويل تونس ودول الضفة الأخرى من المتوسط إلى حراس لحدوده البحرية عبر معادلة المساعدات مقابل صدّ المهاجرين "وهو ما كان جوهر الاتفاقية الاستراتيجية بين الطرفين الموقعة عام 2023 والتي قدمت مساعدات اقتصادية مقابل التعاون في مجال الهجرة".
وباتت تونس في العشرية الأخيرة واحدةً من أبرز نقاط العبور نحو أوروبا بسبب قرب سواحلها من إيطاليا، وشهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في عدد العابرين منها نحو أوروبا، لكن بعد عام من توقيع الاتفاقية تراجع عدد المهاجرين غير النظاميين وفق مصالح الداخلية من 97667 عام 2023 إلى 19245عام 2024. 

مسّ بالسيادة؟
ويقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، لـ"النهار"، إن الحديث عن انتهاكات ضد المهاجرين في تونس كما روّجت لذلك بعض التقارير "خالٍ من الصحة"، موضحاً: "صحيح أنهم يعيشون أوضاعاً صعبةً، لكنهم لا يتعرضون لانتهاكات جنسية وجسدية كما يحاول بعضهم ترويجه".
ويشير إلى أن أمينة المظالم الأوروبية تحدثت عن مراجعة تمويل قدره 100مليون يورو على امتداد ثلاث سنوات بسبب المزاعم بوجود انتهاكات ضد المهاجرين، ويصف هذا التهديد بـ"الخطير" لأنه يشكل في تقديره "ضغطاً وابتزازاً لتونس".
ويرى عبد الكبير أن مراجعة مساعدات الاتحاد الأوروبي لتونس "تبقى واردة"، لأن "هذا الهيكل يتحرك وفق مصالحه فقط التي تقتضي في الوقت الحالي معالجة ملف الهجرة غير النظامية وإن كان ذلك على حساب مصالح بقية الدول المعنية".
ويرى الحقوقي التونسي أن هذا التهديد يُعدّ "تدخلاً في الشؤون الداخلية لتونس"، مشدداً على أن الديبلوماسية التونسية مطالبة بالتحرك والرد عليه باعتبار أنه "يمسّ بسيادة البلد".
وإذ يشير إلى التحركات الأخيرة لوزير الخارجية التونسية التي كانت الجزائر آخر محطاتها، يؤكد أن "لا بد من تنسيق وتوحيد المواقف مع دول الجوار بخصوص هذا الملف لأن أوروبا ترى في ملف المهاجرين ورقة مهمة للتدخل في شؤون المنطقة وفرض وصايتها عليها".