اتفاقية الهجرة بين فرنسا والجزائر... ورقة بالية تستخدم "فزاعة"

شمال إفريقيا 25-01-2025 | 06:07

اتفاقية الهجرة بين فرنسا والجزائر... ورقة بالية تستخدم "فزاعة"

يقود هذه الحملة وزراء فرنسيون على غرار وزير الداخلية برونو روتايو الذي دعا إلى إنهاء الاتفاقية
اتفاقية الهجرة بين فرنسا والجزائر... ورقة بالية تستخدم "فزاعة"
اتفاقية الهجرة تخطاها الزمن؟
Smaller Bigger

 
يشن مسؤولون فرنسيون حملة على اتفاقية 1968التي تنظم الهجرة بين بلدهم والجزائر من أجل إلغائها بمبرر أنها تخدم الجزائر وتضر بالمصالح الفرنسية، في وقت يُجمع مسؤولون وسياسيون وحقوقيون جزائريون على أن الاتفاقية أفرغت من محتواها، كما يعتبرونها انتهاكا وتراجُعاً عن اتفاقية 1962(تُوجت مُفاوضات بين الجزائر وفرنسا لإنهاء استعمار البلاد الذي امتد 132 عاماً).
ويقود هذه الحملة وزراء فرنسيون على غرار وزير الداخلية برونو روتايو الذي دعا إلى إنهاء الاتفاقية وقال إن "ليس هناك أي مبرر لوجودها وتجب إعادتها إلى الطاولة"، في ظل صمت الحكومة الفرنسية، وهو ما يُثير تكهنات وتساؤلات عدة بشأن الموقف الفرنسي الرسمي. وهنا يطرح تساؤل مُلح: ماذا عن الجزائريين المُقيمين في فرنسا في حال إلغاء الاتفاقية؟
الأستاذ الجامعي عبد الرفيق كشوط يتساءل: "من هم أصحاب هذا السلوك السياسي العدائي؟ وما هي خلفياته؟"، ويجيب قائلاً: "توحي هذه الدعوات بأنها ترجمة خالصة لفكر اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية ضد الجزائر".
وتُشكلُ الاتفاقية موضوع خلاف حاد بين أعضاء الحكومة الفرنسية. ففي الوقت الذي جدد فيه روتايو مطلبه بضرورة إلغائها، رد وزير الخارجية جون نويل بارو بطريقة مباشرة قائلاً: "السياسة الخارجية الفرنسية تُقررها وزارة الخارجية وتحت سلطة رئيس الجمهورية".
وعن الهدف من التلويح بهذه الورقة بين الفينة والأخرى، يجزم كشوط بأن "الأذرع الإعلامية والسياسية، وحتى الحكومية تستخدم الاتفاقية وسيلة ضغط على الجزائر من أجل تغيير مواقفها المتصلبة تجاه فرنسا". وما يمكن استخلاصه اليوم، بحسبه، هو "طبيعة الخطر العنصري المُتصاعد في فرنسا والذي امتد أثره خارج حدودها،  وطبعاً هذا الوضع لا يقتصر عليها بل يشمل العديد من المجتمعات الأوروبية حيث حققت الأحزاب ذات الإيديولوجيات العنصرية نجاحاً كبيراً".
من المستفيد الأكبر من الاتفاق؟
صحيح أن هذه الاتفاقية تضمنت منافع كثيرة للمهاجرين الجزائريين قبل أن تُفرغ من محتواها بتعديلات متتالية، غير أن المستفيد الأكبر منها هو الجانب الفرنسي وفق كشوط "لأن الاتفاقية وُقعت في مرحلة ما بعد الحرب عندما كانت تفتقر فرنسا إلى اليد العاملة لدعم التطور السريع في البلاد، ولذلك اضطرت لتسهيل ولوج الجزائريين إلى الأراضي الفرنسية، وهم استفادوا على سبيل المثال من طلب شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد 3 سنوات من الإقامة، مقابل 5 سنوات بموجب القانون العام، وإذا كانوا يرغبون في ممارسة مهنة حرة أو فتح شركة فسيكونون قادرين على الاستفادة من حرية التأسيس. ونتج من هذه السياسية فتح باب الهجرة وتوافد عدد كبير من الجزائريين".  
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وصف في أول لقاء دوري مع ممثلي الصحافة المحلية منذ انتخابه لعهدة رئاسية جديدة الحملة بـ"الفزاعة السياسية"، وقال إنها "جاءت أصلاً كمراجعة ولتقليص صلاحيات اتفاقيات إيفيان (اتفاق الاستقلال عام 1962)، التي كانت تسمح بالتنقل الحر بين الجزائر وفرنسا، وتمت مراجعة ثانية في 1985، ثم في 1995، ثم في 2001، بحيث لم يبق في هذه الاتفاقية أي محتوى".  
 وتساءل وزير الاتصال والديبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي عن "فائدة الاتفاقية التي تعتبر في حد ذاتها انتهاكاً وتراجعاً عن اتفاقيات إيفيان؟"، وتابع رحابي في تغريدة على منصة "إكس": "لقد جعلوا من الجزائر موضوعاً مركزياً ومتكرراً للنقاش في فرنسا"، وزاد: "كرامتنا يجب أن تكون فوق المزايا غير المهمة"، في تلميح منه إلى ضرورة التخلص من هذه الورقة التي يشهرها اليمين المتطرف بين الحين والآخر، واليوم على ما يبدو أن الحكومة الفرنسية باتت تستعملها كأسلوب للضغط والمناورة.
ويقول الباحث الدكتور نور الصباح عكنوش لـ "النهار" إن "مثل هذه العلاقات لا يفصل فيها شخص أو تيار، لا سيما إن كانت متداخلة ومعقدة تتأثر بمجموعة من الملفات المتشابكة"، ويستبعد "التوجه نحو قطيعة مستدامة، بخاصة أن الاتفاقية أفرغت من محتواها بعد المراجعة التي تمت عام 1994وما بقي منها يستعمله اليمين المتطرف ورقة سياسية وإيديولوجية للضغط والمناورة".
وتعتبر أكبر ضربة تلقتها الاتفاقية المراجعة التي تمت عام 1994 حيث نص التعديل على اشتراط حصول الطلبة الجزائريين الراغبين في البقاء في فرنسا على تأشيرة خاصة من صنف (دي) بشروط تعجيزية. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق 10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.  
سياسة 10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا