توقّعات مغربيّة بانتعاش كبير في العلاقات مع أميركا في عهد ترامب

يتوقع مراقبون مغاربة انتعاشاً كبيراً في العلاقات المغربية -الأميركية، مع عودة الرئيس دونالد ترامب الذي يُعتبر "صديقًا مخلصاً للمغرب" إلى البيت الأبيض، في انتظار الكشف عن اسم السفير الجديد لواشنطن في الرباط.
وكانت السفارة الأميركية في المغرب أعلنت تعيين الديبلوماسية آيمي كوترونا في منصب القائم بأعمال السفارة في الرباط بعد انتهاء مهمة السفير بونيت تالوار.
وبدأت كوترونا مهماتها رسمياً في 19كانون الثاني (يناير)، ومن المتوقع أن تبقى حتى تعيين سفير جديد.
وتتمتع كوترونا بخبرة ديبلوماسية واسعة، إذ شغلت مناصب رفيعة في السلك الديبلوماسي الأميركي، منها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون بلاد الشام، ومديرة مكتب شؤون بلاد الشام ونائبة رئيس البعثة في السفارة في البحرين من 2016 إلى 2019، كما خدمَت في أديس أبابا، قبل أن تنتقل إلى السلفادور وقطر ومصر.
وأكدت السفارة الأميركية في الرباط، في موقعها الرسمي، أن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة تتسم بالثبات والعمق، وهي تعود إلى عام 1777، وهي واحدة من أقدم الشراكات الدولية.
وتشمل مجالات التعاون بين البلدين قضايا حيوية، بدءاً من الأمن الإقليمي والاستقرار السياسي وصولًا إلى الازدهار الاقتصادي المشترك وجهود التنمية المستدامة. كما أشارت السفارة إلى أن المغرب يُعدّ حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج الناتو، وهو البلد الأفريقي الوحيد الذي تربطه اتفاقية تجارة حرة مع واشنطن، كما تستثمر الولايات المتحدة في برامج تبادل قوية مع المغرب، تشمل مجالات التعليم والتنمية الاقتصادية والحكم الرشيد والثقافة.
وقبيل ساعات من تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة ، حدّثت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) معلوماتها ووضعت خريطة المملكة المغربية، على موقعها الرسمي.
وتشمل الورقة الخاصة بالمغرب على الموقع الرسمي معلومات متنوعة حول موقع المملكة الجغرافي، وتاريخها، وأسس اقتصادها، ونظامها السياسي، وديمغرافيتها، وتنوعها السكاني، ومسؤوليها الرسميين، وغيرها من المعلومات المفتاحية.
ازدهار غير مسبوق
ويرى خبراء ومراقبون من الجانبين، أن العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب ستشهد ازدهاراً غير مسبوق مع عودة ترامب إلى سدة الرئاسة، إذ تحمل في طياتها آفاقاً جديدة لدعم الرؤية المغربية حول قضية الصحراء بشكل أكبر.
وفي السياق، أكد أستاذ العلاقات الدولية الخبير في العلاقات الجيوسياسية القاروري محمد لـ"النهار" أن المغرب "يأمل في تفعيل التزامات أميركية إضافية من شأنها تعزيز الاعترافات الدولية بموقفه، وتوسيع دائرة الدعم له على الصعيدين الإقليمي والدولي"، معتبراً أن "هذه الديناميكية ستساهم في طي هذا الملف نهائياً، ما سيفتح الباب أمام فرص أكبر للتنمية الاقتصادية وزيادة الاستثمارات في الأقاليم الجنوبية، وبالتالي تعزيز الاستقرار في المنطقة وتهيئة بيئة ملائمة للتعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين".
وأشار القاروري إلى أن المغرب، كأهم شريك للولايات المتحدة في القارة الأفريقية، سيتحرك بخطوات ثابتة لاستثمار علاقاته الاستراتيجية مع واشنطن، بخاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها أفريقيا والشرق الأوسط.
حليف إستراتيجي
وأضاف أن "الحزب الجمهوري، برئاسة ترامب، يعتبر المغرب حليفًا ذا بعد جيوستراتيجي وأيديولوجي، ما يعزز موقع المملكة كدولة ذات استقرار سياسي ودور فاعل في شمال أفريقيا"، لافتا إلى أن المغرب هو الأوفر حظاً للاستفادة من هذه السياسة، ليكون له تأثير كبير في رسم المشهد الجيوسياسي في أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط".
ورأى القاروري أن المغرب، من خلال شراكاته الاقتصادية مع الولايات المتحدة، أصبح بوابة استثمارية مهمة نحو القارة الأفريقية، وأن هذه العلاقات قد تتطور لتشمل دعم مشاريع استثمارية أميركية في المغرب، وهو ما سيعزز مكانة المملكة كحليف اقتصادي وثيق للولايات المتحدة".
وأوضح أن الولايات المتحدة، من خلال تعزيز علاقاتها مع المغرب، ستتمكن من تعزيز نفوذها في منطقة شمال أفريقيا والبحر المتوسط، وهو ما يتماشى مع إستراتيجيتها لإعادة تموضعها في مناطق تعتبرها ذات أهمية إستراتيجية.
وأضاف القاروري أن ازدهار العلاقات بين البلدين سيعزز أيضاً قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى أسواق جديدة في أفريقيا التي أصبحت تحظى باهتمام متزايد من القوى الكبرى، ومن خلال هذه الشراكة الإستراتيجية، ستستفيد واشنطن من موقع المغرب الجغرافي المتميز، ما يسهّل تدفق الاستثمارات الأميركية إلى المنطقة، كما أن دعم مشاريع استثمارية في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا في المغرب سيعود بالنفع على الشركات الأميركية التي تبحث عن أسواق جديدة ومجالات نمو خارج حدودها التقليدية. كما أن المغرب، بفضل استقراره السياسي ودوره الفاعل في حل النزاعات الإقليمية، يمكن أن يشكّل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، ويعزّز قدرة الإدارة الأميركية على التأثير في قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالتالي، فإن ازدهار العلاقات مع المغرب لن يقتصر على الفوائد الاقتصادية والاستثمارية فقط، بل سيمتدّ إلى تعزيز حضور الولايات المتحدة الجيوسياسي في هذه المناطق الحيوية.