المناطق الداخلية في تونس تعاني البرد... لا غاز للتدفئة!

أعادت موجة البرد التي تعيشها تونس الحديث عن أزمة العجز الطاقويّ في البلد الذي يعاني سكان أريافه، وحتى مدنه الداخلية، من نقص الغاز المعدّ للتدفئة.
وتنتشر طوابير طويلة أمام محالّ بيع الغاز المنزلي في أكثر من مدينة تونسية. وفي مدينة تستور التابعة لمحافظة باجة شمال غربي تونس اضطر الشيخ الثمانيني محمد عبد الرحمن إلى إشعال الحطب للتدفئة بعد أن عجز عن العثور على قارورة غاز، ويقول إن ذلك هو الحلّ الوحيد الذي وجده، في ظلّ عدم توافر أسطوانات الغاز في القرية والقرى المجاورة لها منذ أيام.
نقص العرض مقابل ارتفاع الطلب
وانخفضت درجات الحرارة في تونس، وشهدت مرتفعاتها الغربية تساقط كميات من الثلوج، ممّا زاد من طلب السكان على أسطوانات الغاز.
ويضطر المواطنون في هذه المناطق إلى الانتظار في طوابير طويلة للحصول على أسطوانة غاز فيما يشكو الموزعون من نقص في الكميات المطلوبة في مراكز التعبئة.
وأحدث النقص الكبير في كميات الغاز الطبيعي الذي وصل إلى 60 في المئة في بعض المناطق غضباً كبيراً واحتقاناً في صفوف سكانها.
ويكتب التونسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي معبّرين عن استيائهم من عدم العثور على أسطوانات الغاز.
وتبرّر السلطات النقص بسوء الأحوال الجوية التي عطّلت وصول الشاحنات المحمّلة بالغاز مقابل ارتفاع الطلب على هذه المادة.
ويبلغ معدّل الاستهلاك اليوميّ لقوارير الغاز المنزليّ في مثل هذه الفترة نحو 200 ألف أسطوانة، بعد أن سجّل -بحسب ما كشفت عنه الجهات الرسمية أخيراً- زيادة بنسبة 60 في المئة.
وأكّد رئيس الغرفة الوطنية لموزّعي قوارير الغاز المنزلي، محمد منيف، وصول باخرة محمّلة بالغاز السائل إلى تونس، لافتاً إلى أن مركز التعبئة الذي أغلق لأيام عدّة فتح أبوابه واستأنف نشاطه بشكل طبيعي.
وسعت السلطات لطمأنة التونسيين باقتراب حلّ هذه الأزمة، وكشف المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع البترول "عجيل" (حكومية)، خالد بتين، عن وصول 3 بواخر محملة بالغاز المسال سترسو تباعاً في الموانئ التونسية، لتزويد شركات التعبئة.
وقالت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة إنها قامت ببرمجة 12 باخرة محمّلة بشحنات إضافية موزّعة على المراكز الثلاثة منذ أسبوع حتى آخر الشهر الجاري لتلبية كل الطلبات.
ولا يوجد ربط بشبكات الغاز الطبيعي في تونس إلا في بعض المدن. أما المحافظات الغربية فجميعها تستعمل أسطوانات الغاز للتدفئة والطبخ.
وتوفر الشركة التونسية للكهرباء والغاز الغازَ الطبيعي لـ1.2 مليون عميل فقط، جزء كبير منهم من الصناعيين.
مشكلة العجز الطاقوي
مع كلّ فصل شتاء تتكرر أزمة الغاز في تونس، ومعها يتكرّر الحديث عن العجز الطاقوي في البلد.
وتعتمد البلاد بشكل كبير على الاستيراد لسد حاجاتها من الطاقة، وتعول خصوصاً على الاستيراد من الجزائر لتجاوز مثل هذه الأزمات. ووفق الخبير في الطاقة عادل بن سليمان فقد تسلّمت أخيراً شحنات من الغاز من جارتها لحلّ أزمتها الحالية "وهو ما حدث في الصيف أيضاً عند زيادة الضغط على الكهرباء".
ويشير بن سليمان إلى أن تراجع الإنتاج المحلي في الحقول التونسية يزيد من حاجة البلد إلى الاستيراد، ويرفع تكلفة فاتورة الطاقة، التي تعتبر من أبرز أعباء الموازنة المالية، "في وقت يجب التوجه فيه نحو التعويل على الطاقات المتجدّدة".