بعد 14 سنة على "ثورة الياسمين"... تونسيون يحنّون إلى زمن بن علي!

شمال إفريقيا 16-01-2025 | 05:15

بعد 14 سنة على "ثورة الياسمين"... تونسيون يحنّون إلى زمن بن علي!

تحل الذكرى الـ14للثورة وسط أزمة سياسية واقتصادية حادّة طالت أغلب القطاعات في وقت يجمع فيه التونسيون على فشل "ثورة الياسمين" في تغيير حالهم، فقد ارتفعت نسب البطالة والفقر لتبلغ أرقاماً قياسيةً خلال العشرية الأخيرة فيما يشتكي أغلب التونسيين من ضعف رواتبهم مقابل غلاء المعيشة. 
بعد 14 سنة على "ثورة الياسمين"... تونسيون يحنّون إلى زمن بن علي!
تونسيون يتظاهرون في ذكرى الثورة متضامنين مع غزة ومطالبين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (أ ف ب)
Smaller Bigger
 

 
لم يعد يوم 14كانون الثاني (يناير) يعني الكثير لشريحة واسعة من التونسيين الذين يعبّرون عن خيبة أملهم بعد مضيّ 14 سنة على إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي.
ويقول طارق مبروك وهو تاجر استبشر خيراً بسقوط النظام ورحيل "الطرابلسية" (لقب يطلقه التونسيون على أصهار بن علي) إنه كان يعتقد أن حاله ستصبح أفضل، لكن "بعد 14سنة صار وضعنا أسوأ وزادت متاعبنا، يبدو أننا أخطأنا حين اعتقدنا أننا بإسقاط النظام سنصبح أفضل".
يتحدث مبروك إلى"النهار" عن الأزمة الاقتصادية التي يشعر التونسيون بتداعياتها على كل تفاصيل حياتهم، ويؤكد أن المسؤول عنها هو الطبقة الحاكمة وكل السياسيين الذين ظهروا بعد 2011، متسائلاً: "ماذا جنينا؟ لا شيء سوى البطالة والفقر ".
وبالمثل يؤكد أحمد القابسي الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة لـ"النهار" أنه يشعر بالإحباط. يستحضر القابسي تفاصيل ذلك اليوم بقوله: "كانت سنّي حينها 26 سنة، كنت سعيداً بالنزول إلى شارع الحبيب بورقيبة والصراخ بأعلى صوتي خبز وماء وبن علي لا". وبكثير من الحسرة يتابع: "اليوم أدخل عقدي الرابع ولم يتغير واقعي، لست قادراً حتى على الزواج، حاولت في أكثر من مرة أن أهاجر لكنني لم أنجح، وحدهم السياسيون من استفادوا من الثورة أما نحن عامة الشعب فلم يتركوا لنا سوى الخيبات".
أجواء استثنائية
وتحل الذكرى الـ14للثورة وسط أزمة سياسية واقتصادية حادة طالت أغلب القطاعات في وقت يجمع فيه التونسيون على فشل "ثورة الياسمين" في تغيير حالهم، فقد ارتفعت نسب البطالة والفقر لتبلغ أرقاماً قياسيةً خلال العشرية الأخيرة فيما يشتكي أغلب التونسيين من ضعف رواتبهم مقابل غلاء المعيشة. وسياسياً أعادت المعارضة النقاش في واقع الحريات في البلد بعدما غابت في السنوات الأخيرة الاحتفالات بالذكرى وحلت محلها تظاهرات لم تعرف مشاركةً شعبيةً واسعةً.
وعشية الذكرى، وفي غياب كل مظاهر الاحتفال بهذا اليوم عن مدن تونس، عادت المعارضة للتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة رافعةً الشعارات ذاتها التي رفعها المتظاهرون عام 2011، لكن هذه التظاهرات لم تشهد أيضاً حضوراً شعبياً ملحوظاً.
وتقول المحللة السياسية آسيا العتروس لـ"النهار " إن "هذا اليوم سيظل يوماً مفصلياً في تاريخ تونس ولن تفلح أيّ محاولة في محوه من ذاكرة التونسيين"، وترى أن الذكرى هذا العام لها طابع استثنائي إذ إنها "تأتي تزامناً مع أحداث سوريا التي توّجت مساراً طويلاً خاضه الشعب السوري منذ 2011 وقدّم لنا درساً وذكّرنا بأن الولاء لا يكون للزعامات والأشخاص بل للأوطان والشعوب".  
وأعادت أحداث سوريا النقاش في الفترة الأخيرة في تونس عن ثورة 14 كانون الثاني2011 وأسباب فشلها، فيما رأى فيها بعض المعارضة، وخصوصاً رموز منظومة الحكم السابقة بقيادة الإسلاميين، فرصة لإحياء "المسار الثوري" وفق تعبيرهم.
صراع قديم يتجدد
وبعد 14 سنة، لم يتغير النقاش داخل المشهد السياسي التونسي الذي ظل حبيس مربع الحريات وفق العديد من المراقبين.
ويُحمّل الرئيس قيس سعيّد المنظومة التي حكمت تونس بعد 2011 مسؤولية الفشل في تسيير البلاد طيلة أكثر من 10 سنوات، ويعتبر أن هذه المنظومة، ممثلة بالإسلاميين وحلفائهم، سطت على الثورة واستغلتها لمصلحتها، فيما تعتبر المعارضة أن "الحريات والديموقراطية التي كانت مكسب الثورة الوحيد تم الاستيلاء عليها".
وتتهم المعارضة سعيد بالتضييق على الحريات رغم أنه سبق أن أكد مراراً أنّ الحقوق والحريات في تونس مضمونة في الدستور والقوانين وفي الممارسة وأنه لا مجال للتراجع عنها أو المساس بها، نافياً وجود معتقلين سياسيين ومشدداً على أنهم يحاكمون  بتهم حقق فيها القضاء.
ويقول المحلل السياسي إبراهيم الغربي لـ"النهار" إن تونس بعد 14عاماً من الثورة لم تغادر مربع الصراع حول الحريات "فيما ينتظر التونسي أفعالاً وإصلاحات تحسّن وضعه".
ويرى أن البلد "غرق طيلة كل هذه الأعوام في صراع كانت الديموقراطية محوره الوحيد، في المقابل لم يكن هناك منجز اقتصادي، وهو الأهم بالنسبة إلى المواطن الذي وإن كانت الديموقراطية مهمة بالنسبة إليه فإنها تتحول إلى مجرد شعار إن لم يتحسّن وضعه المعيشي نحو الأفضل".
وفي تقديره "يشعر كثير من التونسيين بالندم على إسقاط نظام بن علي أو بالحنين إلى زمنه لأن سقف التطلعات كان أعلى مما تحقق".
في المقابل تعتبر العتروس أن التجربة الديموقراطية الناشئة في تونس شهدت الكثير من الانتكاسات والخيبات على وقع هيمنة عقلية الغنيمة لدى الأحزاب.
لكنها تلفت إلى أنه "يجب الاعتراف بأنها حققت بعض المكاسب على مستوى الحريات وكان يمكن الدفع بهذه التجربة إلى الأمام لو اعتُمدن إصلاحات جذرية لمقاومة الفساد وإصلاح القضاء والإعلام بعيداً عن التشفي والانتقام".
وتشدد على أن تونس اليوم في حاجة لرؤية بديلة واضحة تدفع نحو الارتقاء بواقع المواطن التونسي وتعزز الثقة بالمستقبل وتجمع بين الجرأة والقدرة على تحقيق الانفتاح على مختلف النخب ومكوّنات القوى السياسية والنقابية والحزبية ومن دون ذلك ستستمر سياسة الهروب إلى الأمام والغرق في الأزمات الاجتماعية". 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق 10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.  
سياسة 10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا