"المصالحة الوطنية" ملف آخر يتقاذفه أفرقاء ليبيا المتصارعون

شمال إفريقيا 15-01-2025 | 05:32

"المصالحة الوطنية" ملف آخر يتقاذفه أفرقاء ليبيا المتصارعون

يفتح القانون الباب واسعاً أمام الجاليات الأجنبية التي طردها القذافي، بعد توليه حكم ليبيا، وعلى رأسها الجالية اليهودية، للعودة والمطالبة بتعويضات في مقابل أملاكها التي تم انتزاعها في السابق.
"المصالحة الوطنية" ملف آخر يتقاذفه أفرقاء ليبيا المتصارعون
البرلمان الليبي
Smaller Bigger

 تحيط إشكاليات كثيرة بقانون أقره  البرلمان الليبي قبل أسبوع بشأن "المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية"، بعد ما أُثير حوله جدل واسع، ورفضته قوى رئيسية في الغرب الليبي. 
وتعمل البعثة الأممية والاتحاد الإفريقي على وساطة لعقد مؤتمر موسع لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، لكن الانقسام في الطبقة السياسية في ليبيا يحول دون التئامه. ومنذ سنوات، يطالب الليبيون بمصالحة وطنية لطي صفحة النزاع الأهلي الذي خلفته أحداث شباط / فبراير 2011 التي أدت إلى سقوط نظام معمّر القذافي.

القانون الذي أقره مجلس النواب "بالإجماع " لم يكتف بمحاولة معالجة إشكاليات تلك السنوات، بل نص على أن مدة سريانه تبدأ منذ حكم العقيد القذافي في أيلول / سبتمبر 1969، أو ما يعرف بـ"ثورة الفاتح". 
وبهذا يفتح القانون الباب واسعاً أمام الجاليات الأجنبية التي طردها القذافي، بعد توليه حكم ليبيا، وعلى رأسها الجالية اليهودية، للعودة والمطالبة بتعويضات في مقابل أملاكها التي تم انتزاعها في السابق، وفق ما لفت لـ"النهار" الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية محمد امطيريد، الذي أوضح أن القانون نص على "جبر الضرر الاقتصادي لمن تم حرمانه التمتع بالحقوق، وهذا سند قانوني لكل من تم انتزاع أملاكه من دون استثناء".
ووفقاً للقانون الذي يضم 62 مادة، تُشكل هيئة عليا للمصالحة الوطنية تعمل على حصر المتضررين في كل المدن الليبية وتعويضهم وتحقيق العدالة الانتقالية، لكنه نص على أن الهيئة تخضع لولاية مجلس النواب، الأمر الذي أثار تكهنات بأنها خطوة كي يرأسها الصديق حفتر، النجل الأكبر لقائد "الجيش الوطني" خليفة حفتر، والذي يعمل على الملف منذ سنوات، وباتت له شعبية في الأوساط القبلية شرق ليبيا وجنوبها، في مقابل تولي نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي الملف في غرب ليبيا منذ سنوات.
ويضم تشكيل لجنة المصالحة ممثلين عن مجلسي النواب والأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والحكومة، وقال إمطيريد لـ"النهار": "نحتاج إلى تفسير آلية اختيارهم في ظل الانقسام الذي تعانيه ليبيا وتنازع الحكومتين على السلطة"، مشيراً إلى "مواد لم تُحسم تتعلق بتمويل هذه الهيئة والمنح التي يُسمح بتلقيها، فهناك أموال طائلة يُفترض أن تُدفع لمن يُثبت تضرره طوال نحو ستة عقود".
كذلك تُشكل بمقتضى القانون محاكم معنية بـ"العدالة الانتقالية"، تنظر في القضايا التي لم تُحل عبر وساطة هذه الهيئة، ما يُثير مخاوف من حصول تنازع قضائي في ظل التضارب بين بعض مواد هذا القانون وقوانين أخرى نافذه في ليبيا لم تُلغ، وفق إمطيريد. 
أما أستاذ القانون الليبي الدكتور عبد المنعم الحر فاستغرب منح القانون عفواً عاماً، معتبراً الخطوة "طمساً للحقائق". وشدد لـ"النهار" على أن "لا جدوى من مصالحة وطنية خارج سياق العدالة الانتقالية، وذلك يأتي عبر إجراء تحقيقات تُحدد الجاني والجُرم الذي ارتكبه، وكذلك المجني عليه ونوع الضرر الذي لحق به، مادياً كان أو معنوياً، ومن ثم تُفعل العدالة والمحاسبة وجبر الضرر". وأكد أيضاً أن إدارة ملف العدالة الانتقالية "يجب أن تكون بعيدة من المناكفات السياسية وأن تتمتع الهيئة باستقلالية تامة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية".
وقبل نحو شهر، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه عدداً من مشايخ قبائل الغرب الليبي، أن مجلسه "يسعى إلى طي صفحات الأحقاد ووقف خطاب الكراهية". ودافع عن القانون قبل إصداره "بعد حصيلة نقاشات، وذلك لبناء الدولة ورأب الصدع وتقوية النسيج الاجتماعي"، مضيفاً أن القانون "صيغ تحت مبادئ العدالة النزيهة وإحقاق الحق"، وتطبيقه سيُنهي الكثير من القضايا العالقة، ويجمع أبناء الوطن على كلمة واحدة. 
لكن أمام الإشكاليات الرئيسية التي ظهرت عقب إقراره، فتح مصدر قيادي في مجلس النواب تحدث إلى "النهار"، الباب واسعاً أمام تعديل بعض المواد وضبط صيغة أخرى قبل نشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً.
وقد سارع المجلس الرئاسي إلى إعلان اعتراضه على القانون وآلية إقراره، مؤكداً في بيان أهمية "تجنب القرارات الأحادية التي تقوّض الشراكة الوطنية". 
لكن رئيس حزب "السيادة الوطنية" إبراهيم بن عمران حمّل المجلس الرئاسي تبعة الفشل في ملف المصالحة الوطنية، وإن عبّر هو الآخر عن اعتراضه على جلسة إقرار القانون لـ"عدم اكتمال نصابها القانوني". 
وقال لـ"النهار": "مجلس النواب منتهي الشرعية لكنّ أعضاءه يتمسكون بالبقاء في مقاعدهم، القانون جاء رداً سياسياً على الطرف الآخر، المجلس الرئاسي". وأضاف: "نؤيد أي خطوة نحو المصالحة بين مؤيدي العهد الملكي والقذافي وشباط/فبراير، وهناك ضرورة ملحة لتوحيد الجيش وإجراء انتخابات يرضى الجميع بما تفرزه".
وبالمثل يقول امطيريد: "مع أننا نبارك تشكيل هيئة للمصالحة لكن في ظل ما تعانيه البلاد خلال 14 عاماً، فإن الملف أعقد من مجرد إقرار قانون، ويجب إبعاد هذه الهيئة عن السياسيين المتصارعين، وكذلك فإن البلاد تحتاج إلى مصالحة بين التشكيلات المسلحة وتوحيد المؤسسة العسكرية، وهذه الخطوة من شأنها إنهاء الصراع المتجذر على المستوى السياسي".

الدكتور الحر، الذي يشغل منصب الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، يؤمن هو الآخر بأن "المصالحة الوطنية يجب أن يتم تفعيلها في ظل سلطة شرعية منتخبة من الشعب تبسط نفوذها على كامل ليبيا"، لافتاً إلى أنه "في ظل المرحلة الانتقالية، ربما يُنظر إلى الملف من زاوية تحقيق مصالح سياسية ضيقة".


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت