زيادة رسوم الكشوف الطبّية في تونس... حلّ مشكلة الأطبّاء على حساب الفقراء

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في تونس، أعلن مجلس هيئة عمادة الأطباء رفع قيمة الكشوفات الطبية، معيداً بذلك النقاش حول تداعيات الزيادات في تعريفات المهن الحرة على التونسيين.
ووفق هيئة عمادة الأطباء، تمّ إقرار لائحة أجور طبية جديدة ترفع رسوم الفحص الطبي بنسب تتراوح بين 15 و25 في المئة.
ونشر المجلس قائمة التعريفات الجديدة، وسيتراوح بموجبها سعر الكشف بالنسبة إلى الطبيب العام ما بين 13 و17 دولاراً بينما تتراوح تعرفة كشف الطبيب المتخصّص ما بين 17 و26 دولاراً كحد أقصى، فيما يتقاضى أطباء الاختصاصات النفسية والعصبية نحو 30 دولاراً.
وتحديد تعرفة الفحص الطبي والتدخّلات الطبية في القطاع الخاص خاضع لرأي عمادة الأطباء عادة ولا دخل للسلطات الرسمية فيها باعتبارها واحدة من المهن الحرة.
غضب شعبيّ
وأثارت الزيادة الجديدة جدلاً واسعاً وعبر التونسيون في مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من القرارات الجديدة.
واتهمت منشورات عديدة الأطباء بـ"الجشع" وعدم مراعاة مقدرة التونسي في ظلّ الأوضاع الاقتصادية للبلد، وقال بعضهم إن الصحة لم تعد حقّاً للجميع.
وقال الأستاذ في الجامعة التونسية رضا الشكندالي إن الدولة رفعت نسبة الضريبة على دخل الكفاءات، بخاصة منها الأطباء والجامعيين والمهندسين، وخفّضتها على دخل الشرائح الاجتماعية الضعيفة بقصد تكريس ما سمّته بـ"العدالة الاجتماعية".
وأوضح أنه رداً على ذلك رفع الأطباء بدلات كلّ الخدمات الطبية، وهو ما سيدفع، في تقديره، الشرائح الاجتماعية الأخرى كالمهندسين والجامعيين إلى المطالبة بالمثل.
ورأى أنّ ذلك سيضر بالمقدرة الشرائية للشرائح الضعيفة ولن يحقّق العدالة الاجتماعية، إذ "ستفوق الزيادات في أسعار الخدمات الاجتماعية ما تمتّعت به هذه الشرائح الضعيفة من زيادات في أجورها بعد تعديل نسب الضريبة على الدخل".
ورغم أن الحق في الصحة هو حق دستوري في تونس وتسعى الدولة لتكريسه عبر توفير العلاج المجاني أو برسوم رمزية، فإن ضعف الخدمات في القطاع الصحي الحكومي وسوءها يجبران التونسيين على التوجه نحو القطاع الخاص رغم ارتفاع تكاليفه التي تجعل من نفقات العلاج الخامسة في ترتيب مجالات إنفاق الأسرة التونسية وفق ما تؤكده أرقام معهد الإحصاء الحكومي.
زيادة ضرورية
وفي تبريره للقرار الجديد قال كاتب عام عمادة الأطباء نزار العذاري إن هذا التعديل بات ضرورياً، موضحاً لـ "النهار" أنه جاء بعد خمس سنوات من التجميد.
الطبيب التونسي تحدث عن ارتفاع نسبة التضخم وكيف انعكست على وضع الأطباء"الذين فرضت عليهم زيادة في الضرائب بنسبة 35 في المئة".
ويقول العذاري إن هذه الزيادة التي يصفها بـ"المعقولة" ستساهم في تحسين الوضع المادي للأطباء "وتشجع الأطباء الشبان خصوصاً على البقاء في بلدهم". وغادر نحو 1450طبيبا تونس العام الماضي.
مهن أخرى على الخطّ
وفتحت الزيادة في تعرفة الفحص الطبي النقاش في الزيادات على خدمات المهن الحرة بشكل عام على غرار المحامين والمهندسين.
وفي أول تفاعل مع هذه الخطوة طالب عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون في تصريحات صحافية بزيادة رواتب المهندسين.
وقال عميد المحامين ورئيس اتحاد المهن الحرة حاتم مزيو لـ"النهار" إن أصحاب المهن الحرة يعانون بدورهم من ظروف معيشية صعبة ككل التونسيين، علاوةً على زيادة الأعباء الضريبية عليهم، وشدد على أن قانون المالية الجديد أقر زيادة في نسب الضرائب على بعض المهن من دون التشاور مع أصحاب الشأن.
واعتبر أن الحملة على الأطباء بسبب الزيادة الأخيرة وعلى أصحاب المهن الحرة بشكل عام هي من قبيل "التجييش "عليهم" في حين أنهم يمثلون نخبة المجتمع ولابد من الحفاظ عليهم عوض توجيه اتهامات لهم من قبيل التهرب الضريبي في وقت يعاني فيه البلد من نزيف متواصل لهجرة أدمغته" وفق تعبيره.