مصر تعزّز تعاونها العسكري مع الصومال وسط سجالات بشأن الدور التركي في أفريقيا
تستعد القاهرة لإجراء محادثات مع مقديشو بشأن مشاركة مصر بقوات مسلحة في بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (AUSSOM)، التي تضم جنوداً من جنسيات عدة، بما في ذلك قوات إثيوبية. ومن المقرر أن تُعقد المحادثات في العاصمة المصرية خلال الفترة من 15-17 كانون الثاني (يناير) الجاري.
وتأتي هذه الخطوة بعد نحو أربعة أسابيع من سجالات بدوائر سياسية وإعلامية مصرية تتعلق بالدور الذي تقوم به تركيا في منطقة القرن الأفريقي، بعدما أسهمت أنقرة في عقد اتفاق للصلح بين الصومال وإثيوبيا. وتشهد علاقات القاهرة مع أديس أبابا توتراً شديداً بسبب أزمة سد النهضة، وتحركات إثيوبية "مريبة" في القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
وبعد صلح مقديشو مع أديس أبابا راجعت الصومال قرارها باستبعاد القوات الإثيوبية من المشاركة في قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات، التي تهدف لمحاربة "حركة شباب المجاهدين" الإرهابية.
اطمئنان رسمي
رغم السجالات والتخوفات التي شهدتها أوساط مصرية بشأن دور تركيا التي يتهمها إعلاميون مصريون بأنها تدعم الحركات الإسلامية المسلحة، ويستشهدون بما يحدث في ليبيا وسوريا ومناطق أخرى في المنطقة العربية، إلا أن الموقف الرسمي المصري بدا مطمئناً لاتفاق السلام بين الصومال وإثيوبيا.
على الجانب الآخر، ثمة محللون تحدثت إليهم "النهار" أكدوا أنه مثلما توجد نقاط اختلاف بين مصر وتركيا، ثمة مساحات تلاقٍ ومصالح مشتركة، وهو ما عزز تحسن العلاقات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وبعد الاتفاق الذي رعته أنقرة حدثت اتصالات ولقاءات مكثفة بين مسؤولين صوماليين ومصريين، وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في اتصال هاتفي مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي، الأحد، "دعم مصر الكامل لسيادة الصومال، ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها في إطار مبادئ القانون الدولي، وبما يحقق الأمن والاستقرار للصومال الشقيق".
وشدد على "دعم مصر الكامل لجهود الحكومة الفيدرالية الصومالية في مكافحة الإرهاب، واستعادة السلام في كافة ربوع الصومال، وبما يسهم في تعزيز أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر".
هدف واضح
ويقول رئيس جهاز الاستطلاع السابق في القوات المسلحة المصرية اللواء نصر سالم، لـ"النهار"، إن "مصر لها هدف واحد ومحدد، وهو أن تساعد الصومال، هذا البلد العربي الشقيق، على بسط الأمن والاستقرار على أرضه".
ويضيف الأستاذ في أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية: "اتفاق السلام بين الصومال وإثيوبيا، الذي أسهمت تركيا في توقيعه، لا يزعجنا، لأن الهدف الأساسي لمصر هو تحقيق السلام في شتى ربوع المنطقة، وما دامت أنقرة صادقة في إرساء السلام فهذا يخدم أهدفنا ولا يقلقنا".
ويشير إلى أن "المشاركة المصرية في قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات تأتي في إطار جهود الأمم المتحدة، ومصر من أكثر الدول مشاركةً في دعم تلك القوات في مناطق عدة في العالم".
دعم الجيش الصومالي
أرسلت مصر خلال العام الماضي كميات كبيرة من الأسلحة إلى الجيش الصومالي، محملة على سفن وطائرات حربية في دفعات متتالية، وذلك بعد لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في القاهرة، وتوقيع تفاهمات ثنائية للتعاون بين الدولتين في المجال العسكري وقطاعات أخرى.
ورأى بعض المحللين الذين تحدثت إليهم "النهار" أن القاهرة كانت تهدف إلى استعادة مقديشو السيطرة على كامل أراضيها، بما في ذلك إقليم أرض الصومال (صومالي لاند) الذي لا تعترف به أي دولة في العالم سوى إثيوبيا.
وكانت أديس أبابا قد سعت لتوقيع اتفاق مع الإقليم الانفصالي يمكّن الدولة الحبيسة من امتلاك منفذ على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي أزعج القاهرة التي تكبّدت خسائر باهظة بسبب التوترات التي يشهدها الممر الملاحي الدولي، بلغت قرابة 7 مليارات دولار من عوائد قناة السويس.
إلا أن الاتفاق الذي وقعته الصومال وإثيوبيا برعاية تركية، نص بحسب تصريحات إعلامية لوزير الخارجية الصومالي، على احترام سيادة مقديشو على كافة أراضيها، وأنها هي الجهة الوحيدة المخولة التوقيع على أي اتفاق يخص تلك الأراضي مع الدول.
ويقول اللواء سالم إن "تعزيز مصر لقوة الجيش الصومالي لا يفرض شروطاً مسبقة على مقديشو، نحن نهدف فقط لدعم قوة جيش الصومال حتى يتمكن من حماية أراضيه والحفاظ على وحدتها، ولا نحدد كيف سيتصرف بالقوة التي يملكها".
نبض