مفاوضات جزائرية-أوروبية على اتّفاق الشراكة... حان وقت التعديل فهل يحصل؟

شمال إفريقيا 11-01-2025 | 06:50

مفاوضات جزائرية-أوروبية على اتّفاق الشراكة... حان وقت التعديل فهل يحصل؟

على رغم الجدية التي يبديها طرفا المفاوضات، لا سيما الجزائر، تظهر عند ترجمتها إلى أفعال العقبات والتحديات بالنظر إلى طبيعة القضايا الخلافية بين الطرفين، خصوصاً بين الجزائر وفرنسا وإسبانيا.
مفاوضات جزائرية-أوروبية على اتّفاق الشراكة... حان وقت التعديل فهل يحصل؟
علما الجزائر والاتحاد الأوروبي.
Smaller Bigger

 

تنطلق مطلع الشهر الجاري مفاوضات اقتصادية مُعمقة بين مسؤولين جزائريين وآخرين من مفوضية الاتحاد الأوروبي لبحث "اتفاق الشراكة" الذي وُقّع في 22 نيسان (أبريل) 2002 في فالنسيا (إسبانيا) ودخل حيّز التنفيذ في أيلول (سبتمبر) 2005، وينص هذا الاتفاق في جانبه التجاري على إنشاء منطقة تجارة حرة للمنتجات الصناعية والتحرير التدريجي للتجارة بالنسبة إلى المنتجات الزراعية الغذائية والصيد البحري.

وعلى رغم الجدية التي يبديها طرفا المفاوضات، لا سيما الجزائر، تظهر عند ترجمتها إلى أفعال العقبات والتحديات بالنظر إلى طبيعة القضايا الخلافية بين الطرفين، خصوصاً بين الجزائر وفرنسا وإسبانيا. ومعروف أن هذا الاتفاق يتضمن 110 مواد تُغطي 9 محاور أبرزها الحوار السياسي، وفي ضوء الصعوبات والعوائق السالفة الذكر، يبرز السؤال عن مدى احتمال الوصول إلى اتفاق مبنيّ على حلول وسط وتعديله بشكل كامل؟

هندسة جديدة

المُؤكد حالياً، بحسب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدُولية في جامعة بسكرة البروفيسور نور الصباح عكنوش، أن "العلاقات الأورو-جزائرية تحتاج إلى هندسة جديدة في الأدوات والأبعاد حتى تنتج بيئة إيجابية بعد تقييم المسار، لأن الموضوع مُرتبط حالياً بمتغيرات جديدة تجب قراءتها من جديد، وهو ما تريد الجزائر أن تضع الجميع في صورته من منظور رابح – رابح حفاظاً على مصالحها السيادية وهو ما يجب على أوروبا إدراكه بشكل براغماتي"، ويقول إنه "لا يُمكن البقاء في إطار مُنتصف التسعينيات، فالكثير من التطورات سُجلت وتجب مراعاتها في إعادة هيكلة العلاقات وهي قناعة جزائرية واضحة يبدو أن بعض الأطراف في أوروبا لا تقبلها وهذه مشكلتها".
وقد ثبت رسمياً فشل اتفاقية الشراكة من خلال عمليات مرُاجعة أُجريت خلال عامي 2010 و 2016، أكدت أن الاتفاق السالف الذكر لم يكن له الأثر المتوقع لتعزيز الصادرات خارج المحروقات وإحياء الاستثمار الأجنبي المُباشر اللذين يُشكلان للجزائر الهدف المُحفز من إبرام أي اتفاق للتجارة الحُرة، وقد طالب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بمُراجعته لإعادة التوازن إلى مكامن الخلل فيه، ففي الوقت الذي بلغ فيه حجم المُبادلات التجارية تقريباً 1000 مليار دولار لم تتجاوز استثمارات الأوروبيين 13 مليار دُولار غالبيتها العُظمى في قطاع المحروقات مُقابل تحويل أرباح بقيمة 12 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين 2005 إلى 2022، ومن دون التزام أوروبي بتحويل التكنولوجيا ما جعل السوق الوطنية مرتعاً لشركات الاتحاد بمزايا معاملة تفضيلية، من تخفيزات ضريبية وإسقاط للتعريفات الجمركية، وقد كان لهذا الفشل تداعيات سلبية على السوق الجزائرية إذ قضت على مُعظم القطاعات الناشئة والنسيج الصناعي، وتسببت الرسوم الجمركية بخسائر مالية ضخمة تقدر بنحو 5.5 مليارات دولار منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ بحسب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال مؤتمر صحافي تحت عنوان: "حوصلة حول نشاط الديبلوماسية الجزائرية خلال عام 2024".

وقال عطاف إن "الجزائر تتطلعُ اليوم إلى بدء مراجعة اتفاق الشراكة الذي يجمعها مع الاتحاد الأوروبي، في جو من الثقة والسلاسة والتفاهم، لإعادة التوازنات المطلوبة في هذا الاتفاق ولتمكينه من التماشى مع الواقع الاقتصادي الجديد لبلادنا"، وأوضح الوزير الجزائري أن بلده "يواصل مساعيه وجهوده الرامية لإقامة شراكة متوازنة ونافعة وهادفة في جواره المتوسطي، ومع الاتحاد الأوروبي، بحيث تمتثل هذه الشراكة لمبدأ توازن مصالح الطرفين".

رهان المفاوضات
ويوحي إصرار الدولة الجزائرية على إعادة التفاوض، بحيازتها أوراق القوة الضرورية لخوض مُفاوضات تُمكنها من تأمين مصالحها الاقتصادية، فهي لا تنطلق اليوم من الظروف نفسها التي كانت فيها تاريخ المُصادقة الأولية على الاتفاق في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2001، فقد كانت آنذاك في موقع ضعف بسبب مخلفات الأزمة الأمنية والسياسية العنيفة التي شهدتها البلاد خلال فترة التسعينيات.

فالمفاوض الجزائري، برأي أستاذ الاقتصاد في جامعة الجزائر جمال الدين نوفل شريف، يحوز كل المُقوّمات التفاوضية المطلوبة، يذكر من بينها لـ"النهار"، "التطور الذي عرفته منظومة الاستثمار في الجزائر بفضل الإصلاحات المُباشرة من السلطات العمومية وكذا التسهيلات الممنوحة لحاملي المشاريع المحليين والأجانب من دون أن ننسى وفرة المواد الأولية وبأسعار مقبولة".
ويُمكن أيضاً رصد حصول الجزائر على العضوية الكاملة في منطقة التجارة الحرة الأفريقية، وتُعدّ المنطقة المعروفة اختصاراً باسم "AFCFTA" الأكبر في العالم، بـ54 دولة موقعة على الاتفاقية، وسوقاً استهلاكية تتجاوز 1.3 مليار نسمة، بقيمة إجمالية للناتج المحلي بحوالى 3.4 تريليونات دولار، وللتدليل على هذا المعطى، يشرحُ نوفل شريف الموضوع قائلاً إن "الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها الجزائر مع دول القارة السمراء أصبحت تُسيل لُعاب المُستثمرين الأجانب وتُتيح فرصة إعادة التفاوض".

وعلى النقيض يفتقد الاتحاد الأوروبي أوراق القوة الضرورية لخوض التفاوض، ويقول نوفل شريف إن "الاتحاد الأوروبي يعيش حالياً أصعب مراحله بسبب تزايد الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في أوروبا مع تزايد الأعباء، وبإمكاننا الإشارة إلى التقرير الحديث الصادر عن مكتب إحصائيات الاتحاد الأوروبي "يوروستات" الذي كشف عن ارتفاع عدد الشركات التي قدمت طلبات إفلاسها في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 8,4 بالمئة مُقارنة بالربع الأول ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2015 في حين تراجعت تسجيلات الشركات الجديدة بنسبة 0.6 في المئة.


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق 10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.  
سياسة 10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا