خط سكك حديد إسباني يعزّز الروابط بين أوروبا والمغرب

منحت وزارة النقل والمواصلات الإسبانية، أخيراً، عقدين لتطوير خط سكك الحديد بين مدريد وسرقسطة، بهدف تكييفه مع خدمات الطريق السريع الحديدي المستقبلية، وذلك في إطار المشروع الاستراتيجي الرابط بين أليخيسيراس وسرقسطة، والذي يُتوقع أن يكون له تأثير كبير على حركة البضائع بين الموانئ المغربية والمناطق الاقتصادية الرئيسية في أوروبا،  ما يعزز الروابط التجارية بين القارتين ويعزز من تنافسية البنية التحتية للنقل.

ويُعد هذا المشروع خطوة بالغة الأهمية في تعزيز شبكة النقل البري والبحري عبر البحر الأبيض المتوسط، إذ يهدف بشكل رئيسي إلى تسهيل تدفق البضائع بين إسبانيا وأوروبا والمغرب، وتبلغ قيمة هذه الاستثمارات نحو 17 مليون يورو.   

ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز قدرة البلاد على تلبية الطلب المتزايد على النقل، بخاصة في مجال نقل البضائع، من خلال تحسين فعالية الشبكة الحديدية، كما تتسق هذه المبادرة مع التوجهات الاستراتيجية الكبرى التي تهدف إلى تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، في خطوة تسهم في تحقيق أهداف إسبانيا البيئية.

من جهة ثانية، ومع أن هذه الخطوة تمثل تقدماً كبيراً في تطوير قطاع النقل في إسبانيا، فإنها تكتسب أهمية خاصة بالنسبة إلى المغرب، فالمشروع يتضمن إنشاء طريق سكة حديد سريع يربط بين البلدين، ما سيكون له تأثير مباشر على حركة البضائع بين الموانئ المغربية والمناطق الاقتصادية الكبرى في أوروبا، خصوصاً حركة المنتجات الزراعية والصناعية، كما يعزز من مكانة المغرب كمركز استراتيجي في التجارة الدولية، ويساهم في تكامل الاقتصادين الأوروبي والأفريقي.

وتتضمن الأعمال المخطط لها في هذا المشروع توسيع مسارات القطارات في محطات رئيسية على المسار الممتد بين مدريد وسرقسطة بمقدار 750 متراً، مما يسهم في تحسين إدارة حركة القطارات وزيادة طاقتها الاستيعابية، وهذه التوسعة ستسمح بإدارة حركة المرور بشكل أفضل، ما سيؤدي إلى زيادة كفاءة نقل البضائع بين المغرب وإسبانيا.

وفي وقت يتزايد فيه الطلب على النقل بين أوروبا والمغرب، سيقدم هذا التحسين خطوة مهمة نحو تعزيز سرعة النقل، وهو أمر بالغ الأهمية لتلبية حاجات الأسواق التجارية المتنامية بين البلدين، إذ أنه فضلا عن التأثير المباشر على التجارة، سيسهم هذا المشروع أيضاً في تسريع عملية الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون.
ويعد هذا التحول البيئي هدفا رئيسيا للمغرب الذي يعمل على تعزيز استدامة قطاع النقل فيه وتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة.

ومن الناحية اللوجستية، يُتوقع أن تكون للمشروع تأثيرات كبيرة على فعالية وكفاءة حركة البضائع بين ضفتي المتوسط عموماً، فالنقل الحديدي يعد وسيلة أكثر كفاءة وأقل تكلفة من العديد من وسائل النقل الأخرى، وبذلك سيزيد من قدرة المغرب على منافسة الأسواق الأوروبية والعالمية في مجالات عديدة، مثل المنتجات الزراعية والصناعية، ما يفتح المجال أمام فرص اقتصادية جديدة ويعزز مكانة المغرب كمركز تجاري محوري، ويُتوقع أن يسهم هذا الممر  في تقليل تكاليف النقل، ما سيزيد من القدرة التنافسية للبضائع المغربية في الأسواق الأوروبية والعالمية.

وفي تصريح، لـ"النهار"، يقول الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية محمد غريبي إن "المشروع الجديد يعكس التزام كل من إسبانيا والمغرب تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصاً في تعزيز التعاون في المجالات البيئية والتجارية".

ويوضح أن هذا التعاون والتطور الاستراتيجي من شأنه أن يعزز الروابط بين المغرب وأوروبا، ويشجع على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين المنطقتين، لا سيما أنه "بالنسبة إلى المغرب، يشكل المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز دوره كحلقة وصل بين القارتين الأوروبية والأفريقية، وهو جزء من استراتيجية طويلة المدى لتعزيز بنيته التحتية وتوسيع دوره في الاقتصاد العالمي".
ويضيف غريبي: "من المتوقع أن يساهم هذا المشروع في تعزيز مكانة المغرب في التجارة الدولية وزيادة تكامل اقتصادات الضفتين الأوروبية والأفريقية، من خلال تطوير الممر السككي السريع. وهذا سيساهم في تعزيز دور البلد الأفريقي كمحور استراتيجي في التجارة العابرة للحدود وزيادة قدرته على المنافسة في الأسواق العالمية، ما يعزز الاقتصادين الأوروبي والأفريقي ويدعم جهود التحول البيئي المستدام".