شمال إفريقيا 29-12-2024 | 14:20

مركز تجاري ونفطي في الغرب الليبي... مدينة الزاوية تتحول مسرحاً لتحالف العصابات والميليشيات

لا يمر أسبوع من دون سقوط قتلى وجرحى في صراع الميليشيات المحموم، ما يطرح تساؤلات عدة عن أسباب تكرار تلك الحوادث بوتيرة متسارعة.
مركز تجاري ونفطي في الغرب الليبي... مدينة الزاوية تتحول مسرحاً لتحالف العصابات والميليشيات
مصفاة الزاوية لتكرير النفط
Smaller Bigger

 
تعيش مدينة الزاوية، ثالث أكبر مدن غرب ليبيا، على صفيح ساخن، بعدما تحولت إلى بؤرة ساخنة للمنافسة بين عصابات التهريب وصراعات الميليشيات المنفلتة السلاح.
المدينة التي تستمد أهميتها من موقعها الاستراتيجي على ساحل البحر المتوسط، باتت خلال الأعوام الأخيرة مركزاً رئيسياً في ليبيا لتجميع قوافل المهاجرين غير الشرعيين، قبل دفعهم  عبر البحر إلى ساحل جنوب أوروبا.
وتضم المدينة وميناؤها أكبر مصفاة لتكرير النفط في ليبيا تخدم طرابلس بشكل رئيسي من خلال تكرير 120ألف طن من وقود الديزل و49 ألف طن من البنزين، وغيرها من مشتقات النفط. كما يُصدَّر عبر الميناء 251 ألف برميل من النفط. لكن الميناء الوحيد من بين الموانئ المستخدمة لتصدير النفط في الجزء الغربي من ليبيا، بات بؤرة لتهريب النفط ومشتقاته إلى خارج البلاد.
كل هذه الميزات، بالإضافة إلى امتلاك الزاوية مجمعات صناعية عملاقة على رأسها مصانع الحديد والإسمنت، جعلتها مرشحة لتكون العاصمة الاقتصادية والتجارية للغرب الليبي، لكن شهرتها على المستوى الدولي بات تحت لقب عاصمة "تجارة الظل"، الضالع فيها تحالف الميليشيات مع شبكات عصابات تهريب البشر والوقود، فيما سكان المدينة يعانون نقصاً حاداً في الخدمات وفوضى أمنية ضاربة.
وتبعد الزاوية نحو خمسين كلم فقط عن العاصمة طرابلس، وتمثل أكبر تجمع سكاني قربها، ويبلغ عدد سكانها 90 ألف نسمة، ورغم ذلك فهي خارج سيطرة الحكومة المركزية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
ولا يمر أسبوع من دون سقوط قتلى وجرحى في صراع الميليشيات المحموم، ما يطرح تساؤلات عدة عن أسباب تكرار تلك الحوادث بوتيرة متسارعة. وكان آخر مظاهر الفوضى، استهداف مسلحين مجهولين صباح الأربعاء الماضي بوابة حرس المنشآت في مصفاة الزاوية بوابل من الرصاص. وقبل ذلك كان محيط المصفاة مسرحاً لاشتباكات مروعة أدت إلى توقفها عن العمل لأيام بسبب تضرر خزاناتها واشتعال النار فيها، بالإضافة إلى سقوط قتيل و10 جرحى. وبين الحادثين عُثر على جثامين 3 شباب متأثرين بطلقات نارية في حوادث منفصلة.
ومن أبرز تشكيلات الزاوية المسلحة: مجموعة "الإسناد الأمني" التي كان يقودها محمد بحرون الملقب بـ "الفار" قبل غيابه عن المشهد بعد اتهامه بقتل آمر معسكر الأكاديمية البحرية عبد الرحمن ميلاد الملقب بـ"البيدجا" ليقود هذه المجموعة خلفاً له عبدالباسط شيوة، وفق مدير مرصد ليبيا لحقوق الإنسان ناصر الهواري، الذي أشار إلى أن مجموعة "الإسناد الأمني" مرتبطة بحكومة الوحدة الوطنية وتُسيطر على وسط الزاوية وعدد من البلدات. 
وأضاف الهواري لـ"النهار": "هناك أيضاً المجموعة التي يقودها محمد كشلاف الملقب بـ"القصب" (المعاقب دولياً من مجلس الأمن) المنحدر من قبيلة أولاد أبو حميرة، وهي ترتبط أيضاً بوزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية، وجهاز حرس المنشآت النفطية، وتُسيطر على مصفاة الزاوية بالكامل وعلى جزء من الميناء. وهناك مجموعات مسلحة أخرى، لكن أقل نفوذاً مثل مجموعة "الكابوات" التي يقودها عبدو الكابو، كذلك مجموعة "السيفاو" بقيادة محمد السيفاو" .
وعزا الهواري تفشي الصراعات المسلحة إلى أن "الزاوية تعيش في ظل شبه حكم ذاتي، حيث تُسيطر المجموعات المسلحة على ساحل غرب ليبيا بدءاً من الزاوية وحتى رأس أجدير (قرب الحدود مع تونس)، وهي منطقة تنشط فيها تجارة الهجرة غير الشرعية وتهريب الوقود، وبالتالي هناك منافسة بين هذه المجموعات على التجارة السوداء تؤدي إلى نشوب مواجهات بين الحين والآخر وسط غياب لحكومة الدبيبة التي تهادن الميليشيات وتستفيد من وجودها".
ولا يُنظر إلى الزاوية كمدينة ثائرة على السلطة المركزية، فهي ممثلة في تركيبة حكم الغرب الليبي بمعاون رئيس الأركان صلاح النمروش ووزير الداخلية عماد الطرابلسي، كما أن وزير الداخلية في حكومة الشرق الموازية عصام أبو زريبة ينتمي اإليها، وفق الناشط الليبي عبد الرحمن فضيل، الذي لفت إلى أن ما يجري هو "نتاج تحالف الإسلام السياسي مع عصابات التهريب تحت مظلة السلطة الرسمية".
وأوضح لـ"النهار" أن مجموعة "أنصار الشريعية" الراديكالية (كانت بايعت تنظيم القاعدة)، تمركزت في الزاوية بعدما فرت من مدن شرق ليبيا وجنوبها، ويمثلها في العاصمة المفتي الصادق الغرياني المتحالف مع حكومة الدبيبة. وهذه الجماعة  التي تضم بين صفوفها مرتزقة أفارقة تغذي الصراعات القبلية وتوغل مافيات  التهريب والجريمة في المدينة تحت حماية السلطة المركزية من أجل ضمان بقائها في المشهد. ولفت فضيل إلى أن مصفاة الزاوية تخضع لسيطرة المهربين تحت حماية عناصر "أنصار الشريعة" مقابل الحصول على حصة من عوائد التهريب.
أما الناشط الليبي حمزة علي فأرجع الفوضى الأمنية في الزاوية بالدرجة الأولى إلى تنافس عصابات الجريمة وتهريب البشر والنفط لاغتنام الحصة الأكبر من هذا النشاط المربح جداً، بالإضافة إلى أن الانقسام السياسي الذي تعانية البلاد عموماً ينعكس على تركيبة المدينة السياسية.
 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".