الجزائر تسابق الزمن لإحداث تغيير في تسيير بلديّاتها... نحو انتخابات برلمانيّة ومحلّية مبكرة
سارعت السلطات الجزائرية إلى درس مسودة التعديلات المقترحة على قانون الجماعات المحلية البلدية والولائية بما يتيح وقتاً واسعاً أمام إجراء انتخابات محلية مبكرة، بحسب مراقبين.
وشكّل مجلس الأمّة (الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري) فريق عمل للنظر في مشروع قانون الجماعات المحلية المتضمّن قانونين، يتعلّق الأول بالبلدية والثاني بالولاية (المحافظة)؛ أعدّتهما لجنة من الخبراء كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عيّنها قبل شهرين ووضع على رأسها الوزير السابق للداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية.
ولم تخرج المقترحات والتعديلات التي جاءت بها هذه اللجنة عن سياقات جوهرية تتعلّق أساساً بالتسيير المحلّي الناجع البعيد عن تضييق عمل المجالس الشعبية المنتخبة والخروج من نمطية التسيير التي أدّت إلى انسدادات عدّة.
صلاحيات أكبر للمنتخبين
وأهمّ التعديلات المنتظرة في القانون الجديد، منح صلاحيات أكبر للمنتخبين عبر المجالس الشعبية البلدية والولائية، وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي حكيم بوغرارة، الذي يؤكّد أهمية أن تتمتّع هذه المجالس الشعبية بالصلاحيات الكاملة إذا أرادت السلطات الحكومية في الجزائر إحداث توازن بين الإدارة والمنتخبين خدمة للمصلحة العامة، مضيفاً أن "مجالس شعبية محلية منتخبة بصلاحيات أوسع تعني مشاريع اقتصادية أكبر وتحريكاً لعجلة التنمية، مع ضرورة وضع آليات حكومية دقيقة تقف على محاسبتها في كلّ ما تعلّق بتسيير مصالح المواطنين وبلدياتهم".
ويقول بوغرارة لـ"النهار" إنّ "إشكالاً آخرَ يجب التركيز عليه ووضع حدّ نهائي له من خلال ما جاء في مسودة التعديلات المقترحة على قانوني البلدية والولاية، وهو ما يتعلّق بالانسدادات التي عرفها العديد من المجالس الشعبية المحلية عبر محافظات البلاد، وذلك بفعل عدم توافق الأعضاء وخلافاتهم وغيرها، وهو ما أدّى ويؤدّي في كثير من الأحيان إلى تعطيل مصالح المواطنين".
ويذهب بو غرارة إلى أبعد من ذلك مشيراً إلى السمة البارزة في كثير من البلديات المتمثلة في ضعف موازناتها المالية وحالات الإفلاس التي تعاني منها، إذ أنّ نصف بلديات البلاد يعاني عجزاً مالياً.
في مقابل ذلك، يتحدث متابعون عن ضرورة أن يكون جوهر الإصلاح بالابتعاد عن مركزية القرار التي جعلت أعناق سكان البلديات متوجّهة دوماً نحو رأس الجهاز التنفيذي في البلاد.
وفي هذا الخصوص، يقول بوغرارة إنّ "طرح إشكاليات مركزية القرار يأتي دوماً لتبرير الفشل في تسيير الشأن المحلي من لدن الكثير من المنتخبين"، مؤكّداً أنّ للوالي سلطة اتخاذ القرارات داخل إقليم محافظته بالتنسيق مع المجالس الشعبية المنتخبة ورؤسائها، ما يعني غياب مركزية القرار، خاصّة أنّ قانون رفع التجريم عن فعل التسيير منح المنتخبين المحليين ثقة وحضوراً وجرأة أكبر في اتخاذ القرارات دون انتظار سلطة الرئيس أو الوزير.
الخطوات المتسارعة التي اتّخذتها السلطات في خصوص مشروع قانون الجماعات المحلية، يؤكّد الحرص الذي توليه على إعطاء نفس جديد للبلديات والمحافظات التي تُعدّ النواة الأساسية لتسيير شؤون المواطنين، ويؤكّد أيضاً اهتمامها بكسب الوقت وعدم التأخّر في الانتقال إلى مرحلة أخرى من مراحل التغيير داخل الإدارات المحلية، ما يعني الاقتراب نحو انتخابات محلية وبرلمانية مبكرة.
انتخابات مبكرة
وتؤكّد الإعلامية المتابعة للشأن السياسي أسماء بهلولي لـ"النهار" أن إجراء انتخابات مبكرة يُعدّ مطلباً رئيسياً للطبقة السياسية في البلاد منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لافتة إلى وجود مؤشّرات تدلّ بوضوح إلى "احتمال حدوث تغييرات في الأجندة الانتخابية ومنها عدم استدعاء الرئيس الجزائري الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات التجديد النصفيّ لمجلس الأمّة حتى الآن، ناهيك بالبحث عن خليفة محمّد شرفي على رأس السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات".
ويذهب بوغرارة في اتجاه آخر مؤكداً إمكان الإعلان عن إجراء انتخابات محلية وبرلمانية قبل موعدها من منطلق وجود عدد من المحافظات المستحدثة في إطار التقسيم الإداري الجديد من دون مجالس شعبية، وهو ما يفرض سدّ هذه الثغرة الإدارية بأقصى سرعة ممكنة.
ويعتقد بوغرارة أنّ الدستور يمنح الرئيس الجزائري سلطة الإعلان عن إجراء انتخابات برلمانية وبلدية مبكرة، غير أنّ السياقات الإقليمية والدولية الراهنة توجب دراسة متأنية وتقييماً شاملاً للوصول إلى القرار الصائب.
ومن أهمّ ما جاء في مسودة مشروع القانون الجديد للجماعات المحلية:
- إعادة النظر في طريقة انتخاب رئيس البلدية وهي نقطة كانت تمثّل مصدر خلاف كبير وتسببت في حدوث انسدادات داخل المجالس الشعبية المحلية.
- لا تحالفات داخل المجالس المنتخبة لانتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي ورئيس المجلس الشعبي الولائي.
- يعيّن رئيساً للمجلس الشعبي (البلدي أو الولائي) العضو الحاصل على أكبر عدد من الأصوات ضمن القائمة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات خلال الانتخابات.
- يؤدّي غياب رئيس المجلس الشعبي (البلدي أو الولائي) غير المبرر عن الجلسات إلى فقدان منصبه وإقصائه نهائياً من عضوية المجلس.
- منح رئيس المجلس الشعبي البلدي صلاحيات إنشاء مؤسّسات وتمويل مشاريع استثمارية مدرّة للثروة.
- منح المجالس الشعبية سلطة إعداد المخطّطات البلدية للتنمية وإنجاز مدارس ابتدائية ومنشآت الصحّة المدرسية، والمساهمة في التكفّل بالمهام المرتبطة بالنقل وإطعام المدرسيين.
نبض