‏"سينما تدور"... صالة عروض متنقلة في تونس لتقريب الفن السابع من ‏الجمهور ‏

شمال إفريقيا 18-12-2024 | 11:22

‏"سينما تدور"... صالة عروض متنقلة في تونس لتقريب الفن السابع من ‏الجمهور ‏

يتراوح ثمن التذاكر في أقرب سينما بمدينة سوسة بين 10 و20 دينارا، ‏فضلا عن تكاليف النقل، وهو مبلغ ليس في متناول أسر يعيلها عمال
‏"سينما تدور"... صالة عروض متنقلة في تونس لتقريب الفن السابع من ‏الجمهور ‏
شاحنة تضم صالة عروض متنقلة بديلة عن السينما في تونس (أ ف ب)‏
Smaller Bigger


من لا يستطيع الذهاب إلى السينما في مناطق نائية أو أحياء هامشية ‏بتونس قد تأتي إليه داخل شاحنة تضم صالة عروض متنقلة، في مبادرة ‏بعنوان "سينما تدور" تهدف إلى جعل الفن السابع في متناول الجميع.‏

تبدو البهجة واضحة على وجوه عشرات العاملات والعمال وهم يغادرون ‏شاحنة حمراء كبيرة متوقفة في مربد مصنعهم بمدينة جمال، بعد مشاهدة ‏الفيلم الفكاهي "بوليس" (شرطة) الأكثر شعبية حاليا في البلاد.‏

مِن هؤلاء، العامل المتدرب في مجال الميكانيك الالكترونية أمين الهاني ‏‏(23 عاما) الذي لم تُتَح له "فرصة الذهاب إلى السينما"، قبل أن يشاهد ‏الفيلم في شاحنة "سينما تدور" بالمدينة الواقعة شمال شرق تونس.‏

وداخل القاطرة الضخمة التي يبلغ وزنها  38 طنا، صُمِّمَت صالة ‏عروض مريحة تضمّ مئة مقعد.‏

يلاحظ الشاب الشغوف بالسينما أن "الشاشة أكبر والمؤثرات الصوتية ‏رائعة"، وهو المتعود على مشاهدة الأفلام على شاشة الهاتف أو ‏الحاسوب.‏

ويضيف "هي أيضا تجربة رائعة لأنني عشتها مع أصدقائي".‏

لا تتوفر في تونس حاليا سوى 15 قاعة سينما معظمها في العاصمة، ‏ومدن بنزرت (شمال) وسوسة (وسط) وجربة (جنوب).‏

لسد هذا النقص، أطلق نشطاء في شبكة الفضاءات الثقافية "أكورا" ‏وجمعية "فوكوس قابس" مبادرة "سينما تدور"، بدعم من ممولين ‏يفضلون عدم كشف هوياتهم.‏

وتوضح مديرة المشروع غفران هراغي فكرته "كنا نبحث عن حل ‏للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين في أقصر وقت وبموارد قليلة، ‏لنمنحهم هذه التجربة السينمائية".‏

في مدينة جمال، أعلنت شركة دراكسلماير الألمانية لأجزاء السيارات، ‏حيث تملك مصنعا، "منح تذاكر مجانية لعمالها وعائلاتهم وأصدقائهم ‏وكافة سكان المدينة و(ولاية) المنستير لعشرة أيام"، وفق مسؤولة ‏التواصل في هذه الشركة جيهان بنعمور.‏

يتراوح ثمن التذاكر في أقرب سينما بمدينة سوسة بين 10 و20 دينارا، ‏فضلا عن تكاليف النقل، وهو مبلغ ليس في متناول أسر يعيلها عمال ‏تراوح أجورهم بين 600 و1000 دينار (190 إلى 315 دولارا).‏

وتسعى الشركة الألمانية من خلال هذه المبادرة إلى "المساهمة في تنمية" ‏الجهات الأربع التي تنشط فيها والواقعة في مناطق نائية.‏

في غياب دعم عمومي، ببلد يعاني المديونية، أصبحت مثل هذه ‏الشراكات مع القطاع الخاص ركيزة "للنموذج الاقتصادي" لمبادرة ‏‏"سينما تدور"، على ما توضح مديرتها غفران هراغي.‏

ويتحمل القائمون عليها تكاليف قرض لشراء الشاحنة بحوالي مليون دينار ‏‏(300 ألف يورو)، ومصاريف العمل المختلفة بما يقارب 500 ألف ‏دينار سنويا.‏

 

 

‏"لا شيء" ‏
بعد بضعة أيام في جمال وصلت "سينما تدور" إلى حي هلال الذي يبلغ ‏عدد سكانه نحو عشرة آلاف ويبعد نحو خمسة كيلومترات عن وسط ‏العاصمة لكنه يعاني معدلات قياسية من الفقر والبطالة والانحراف.‏

تتزاحم مجموعات من الأطفال خلف الحواجز التي تفصلهم عن غرفة ‏العروض المظلمة، ومنهم الطفلة يمنى ورهاني (11 عاما) التي جاءت ‏برفقة خالتها وكانت متحمسة جدا.‏

وتقول "إنها المرة الأولى أقصد السينما، وأتحرق شوقا لأرى ماذا يوجد ‏داخلها".‏

بدورها جاءت ربة البيت نجيبة حجي (47 عاما) برفقة أبنائها الأربعة ‏لاغتنام هذه الفرصة الفريدة حيث لا تستطيع تحمل مصاريف مرافقتهم ‏إلى السينما، ولم يسبق لها هي الأخرى أن ذهبت إليها.‏

وتعرب عن استيائها، إذ "لا يوجد أي شيء" في حي هلال، "لا دار ثقافة ‏ولا ترفيه، هناك الشارع فقط. أطفالنا ضائعون لا أحد يهتم بهم".‏

وتتمنى لو تستقر الشاحنة المثيرة للشغف بشكل دائم في هذا الحي.‏

في غضون أشهر قليلة استقبلت هذه المبادرة "أكثر من 15 ألف ‏شخص"، بحسب غفران هراغي، من بينهم 7500 في واحة نفطة جنوب ‏البلاد حيث وفّرت مشاهدة الأفلام مجانا لمدة شهر بتمويل من أحد ‏مصدري التمور هناك.‏

 

 

وفي حي هلال ترعى  منظمة الصحة العالمية العروض لمدة 15 يوما، ‏تقام خلالها أيضا لقاءات توعية حول الصحة النفسية والتدخين والعنف ‏ضد المرأة والمخدرات، إضافة إلى حصص خاصة لتلامذة المدارس ‏وضعاف البصر أو السمع.‏

وتؤكد هراغي "ما يحفزنا هو التأثير الاجتماعي للثقافة وكسر الصور ‏النمطية وتغيير العقليات، وتقاسم قيم ومبادئ الانسجام الاجتماعي ‏والعيش المشترك".‏

لتحقيق هذا "الحد الأقصى من الاندماج" يتم توظيف أطقم محلية عند كل ‏محطة، تعمل على "تنظيم الحشود وتهيئة الشاحنة وإدارة العروض"، كما ‏تشير هراغي.‏

وتختم معربة عن أملها، على المدى الطويل، في الحصول على تمويلات ‏‏"لشراء ست أو سبع شاحنات وضمان موعد دائم كل شهر" في كل ‏منطقة، ولم لا الذهاب أيضا إلى "الجزائر وليبيا أو حتى القيام بجولة في ‏أفريقيا".‏

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
النهار تتحقق 10/8/2025 9:20:00 AM
إعلان مفرح من محمد شاكر خلال الساعات الماضية. "صدر حكم ببراءة والدي، فضل شاكر"، وفقاً للمتناقل. فيديو تكشف "النّهار" حقيقته.  
سياسة 10/8/2025 1:16:00 AM
تمام بليق يوضح حقيقة ما جرى مع الشيخ حسن مرعب في صيدا