لبنان وإسرائيل في 2025: من العداء إلى "السلام الموقت"
فترات زمنية تاريخية لطالما رسمت العلاقة بين لبنان واسرائيل. من "اتفاق الهدنة" إلى مرحلة العمليات المفتوحة، فمرحلة "سلام موقت"، قبل "التورّط" بحرب مفتوحة، أوصلت إلى وقف إطلاق نار وتأليف لجنة "الميكانيزم".
... وبعد، ما كان محرّماً أصبح متاحاً. بات الحديث عن مفاوضات وصولاً إلى اتفاق سلام أمراً علنياً، فأي متغيرات تحكم هذا المسار؟
يعدد الكاتب والباحث السياسي الدكتور ميشال الشمّاعي سلسلة متغيرات داخلية، إقليمية ودولية ساهمت بتأثيرها. ينطلق الشمّاعي من "خطاب القسم الذي قال فيه رئيس الجمهورية "جرّبنا سياسة الحرب مع اسرائيل، ورأينا ماذا أنتجت، فلماذا لا نحاول الطريقة الأخرى"، أي الطريقة الديبلوماسية. يومها، لم يحدد ما اإذا كانت ستؤدي إلى مفاوضات. ثم عاد وأشار لاحقاً إلى إمكانية المفاوضات، مع ترك خيار إذا كانت مباشرة أو غير مباشرة، مفتوحاً للنقاش.
هكذا، أدرك الجميع في لبنان، وفق الشماعي، بمن فيهم "الثنائي الشيعي" أن "نظرية الحرب السرمدية لا تستمر مع دولة مثل اسرائيل، تتلّقى هذا الدعم الهائل من جانب الولايات المتحدة التي تحكم العالم اليوم".
مراحل زمنية عدة طبعت "العلاقة" بين لبنان وإسرائيل: عام 1948: توتر وعداء. 1949: "اتفاق الهدنة" الشهير. 1983: "اتفاق 17 أيار" المباشر. 1996: تفاهم نيسان. 2006: قرار مجلس الأمن 1701. 2022: اتفاق ترسيم الحدود البحرية. 2024: تورّط لبنان بـ"حرب الاسناد" وما تلاها من اتفاق "وقف الأعمال العدائية".
ما بين هذه المحطات، تطورت العلاقة أو النظرة إلى الصراع مع إسرائيل. يعدد الشمّاعي العوامل المؤثرة: "داخلياً، تسعى منظمة "حزب الله" إلى تسييل هذا السلاح الذي تملكه عبر عملية "ابتزاز" لتعديل الدستور اللبناني، لأخذ صلاحيات إضافية في التركيبة السياسية، لأنها تدرك تماماً أنها لن تستطيع بناء دولة خاصة بها، ولا يمكنها التحكم بلبنان، فتسعى إلى سيطرة دستورية لتسييل السلاح دستورياً".
عملياً، إن اتفاق السلام على أرض الواقع تمّ التوصل إليه بعد الـ2006.
يتحدث الشمّاعي عن "عدم حصول أي عملية منذ 2006 حتى الانفجار الكبير في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر. لو لم يقم السنوار بما قام به، لربما استمر ما أسمّيه " السلام الموقت" لسنين وسنين"، مشيراً إلى أن " القرار مرتبط بالبعد الاستراتيجي الإقليمي، أي بالجمهورية الإيرانية. لذا، يرتبط الأمر بالمحور اللبناني والمحور الإقليمي معاً عبر سيطرة إيران وحزب الله على لبنان".
ويؤكد أن "إيران تستعمل الحزب حجر شطرنج تفاوض على رأسه في السلام الموعود مع أميركا. إنما فات إيران أن العقل الجمهوري مختلف عن العقل الديموقراطي. لقد تمّ أخذ القرار من قبل أميركا أولاً، ومن جانب إسرائيل ثانياً لتنفيذ عملية القضاء على الأذرع الإيرانية، ومن ضمنها حزب الله".

وفي البعد الإقليمي، يقرأ الشماعي "الاتفاقات الإبراهيمية. فعندما رفع بنيامين نتنياهو خريطة الشرق الأوسط في الأمم المتحدة ملوّنة بالأزرق، فهو لم يعن ما كان يعرف باسرائيل الكبرى. هذه المسألة سقطت، لأنه جغرافياً لا يكترث بما إذا كان سيصل من النيل إلى الفرات، فهو وصل إلى الفرات والنيل عبر السيطرة الاقتصادية، وهذا ما تصبو إليه إسرائيل. إنما لا يمنع أنه إذا استطاعت إسرائيل أخذ بعض المناطق والأمتار، كما نرى في سوريا، لاسيما إذا كانت استراتيجية لأمنها القومي، فلن تتردد في ذلك".
لهذه المسائل كلها، بات الحديث عن اتفاق سلام أو تفاوض، "حديثاً مباحاً، لأن القطار انطلق، وإذا لم نصعد فيه، فسنصبح خارج الإطار التاريخي، وهذا ما لن يتحملّه لبنان".
ويستنتج أنه "في المتغيّر الدولي، تقرأ المسـألة من الناحية الاستثمارية الاقتصادية. أدرك لبنان بأزمته الاقتصادية أنه لن يستطيع النهوض، إلا إذا دخل في العالم الاستثماري الموعود في شرق المتوسط، أي المتعلق بالغاز الطبيعي. هذا الأمر، لا يمكن من دون الاستقرار، والذي لن يأتي الاّ عبر اتفاق، مفاوضات أو سلام مع إسرائيل. لا تهم التسمية لأنه لا يمكن الاستثمار في المنطقة، بوجود خلايا، تعتبرها أميركا إرهابية كـ"حزب الله" و"حماس"، والتي تهدد أمن الشركات الاستثمارية التي تأتي بأموالها الضخمة للاستثمار في المنطقة".
نبض