العراق بين ضغط واشنطن وانقسام الفصائل: هل ينجح مسار حصر السلاح؟

المشرق-العربي 22-12-2025 | 16:35

العراق بين ضغط واشنطن وانقسام الفصائل: هل ينجح مسار حصر السلاح؟

انعكس الانقسام حيال حصر السلاح بيد الدولة العراقية في مواقف قادة فصائل بارزين، بينهم قيس الخزعلي (أمين عام عصائب أهل الحق) وشبل الزيدي (أمين عام كتائب الإمام علي)، اللذان أبديا موقفاً مبدئياً مؤيداً للطرح، في مقابل رفض صريح من "كتائب حزب الله" وحركة "النجباء".
العراق بين ضغط واشنطن وانقسام الفصائل: هل ينجح مسار حصر السلاح؟
عناصر من حركة "النجباء" خلال عرض عسكري. (موقغ الحركة)
Smaller Bigger

تتصاعد حدّة الجدال السياسي والأمني بشأن ملف حصر السلاح بيد الدولة العراقية، في ظل ضغوط أميركية متزايدة، وتحولات إقليمية عميقة أعقبت حرب غزة، وانقسام واضح داخل الفصائل المسلحة نفسها بين من يرى في السلاح "ضمان وجود"، ومن يتجه إلى إعادة التموضع السياسي والمؤسساتي.

 

 

ويأتي هذا الجدل في توقيت بالغ الحساسية، يتزامن مع مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، ما يجعل ملف السلاح أحد أبرز محددات شكل الدولة ومسارها في المرحلة المقبلة.

 

 

في هذا السياق، علّق مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق مارك سافايا على إبداء بعض القوى والفصائل استعدادها للتعاون مع دعوات حصر السلاح، واصفاً إياها بأنها "تطور مرحّب به"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن العملية لا يمكن أن تكون جزئية أو شكلية، بل يجب أن تكون شاملة وغير قابلة للتراجع، وتشمل التفكيك الكامل للفصائل المسلحة، وضمان انتقال منظّم وقانوني لعناصرها إلى الحياة المدنية، استناداً إلى الدستور العراقي وسيادة القانون.

 

 

 

 

هذا الموقف الأميركي أعاد فتح النقاش الداخلي بشأن جدوى حصر السلاح وإمكان تطبيقه، وسط تباين واضح في مواقف الفصائل. فبينما يبدي بعض القوى المنخرطة في العملية السياسية مرونة متزايدة، ترى فصائل أخرى أن السلاح لا يزال ضرورة في ظل استمرار الوجود العسكري الأجنبي والتدخلات الإقليمية. وقد انعكس هذا الانقسام في مواقف قادة فصائل بارزين، بينهم قيس الخزعلي (أمين عام عصائب أهل الحق) وشبل الزيدي (أمين عام كتائب الإمام علي)، اللذان أبديا موقفاً مبدئياً مؤيداً لحصر السلاح بيد الدولة، في مقابل رفض صريح من "كتائب حزب الله" وحركة "النجباء"، اللتين ربطتا أي خطوة من هذا النوع بانسحاب كامل للقوات الأجنبية وتحقيق سيادة عراقية "كاملة".

 

في المقابل، تبرز أصوات داخل بعض الفصائل المستعدة للتعاطي الإيجابي مع مسار حصر السلاح.

 

عناصر من قوات الأمن العراقية خلال استعراض في الموصل في كانون الثاني 2025. (رويترز)
عناصر من قوات الأمن العراقية خلال استعراض في الموصل في كانون الثاني 2025. (رويترز)

 

ويقول القيادي في حركة "أنصار الله الأوفياء" علي الفتلاوي إن "مفهوم المقاومة تعرّض لسوء فهم متعمّد أو غير متعمّد"، موضحاً أن "نشأة المقاومة ارتبطت بوجود الاحتلال ومواجهة أخطار كبرى مثل تنظيمي داعش والقاعدة".

 

ويضيف الفتلاوي، في حديث الى  "النهار"، أن هزيمة "داعش" عسكرياً وتراجع خطر التنظيمات الإرهابية، إلى جانب تغيّر السياسة الأميركية وإعلانها الانسحاب التدريجي، تفرض "الانتقال إلى مرحلة جديدة تقوم على تنظيم السلاح وترشيده بما ينسجم مع قوة الدولة".

 

ويؤكد أن الدولة العراقية اليوم أصبحت "أكثر قوة بمؤسساتها وقواها الأمنية وبالقوى السياسية التي انخرطت ضمن إطارها الدستوري"، مشدداً على أن موقف حركته يقوم على مبدأ "لا سلاح خارج إطار الدولة"، مع التمييز بين "حصر السلاح ضمن المنظومة الرسمية، وبين مفاهيم البيع أو التجريد أو التسليم، التي يرفضها العديد من الفاعلين المسلحين".

 

من جانبه، يرى القيادي في ائتلاف "الإعمار والتنمية" خالد المرسومي، أن ملف السلاح خارج إطار الدولة "شأن عراقي خالص، ولا يمكن حسمه تحت أي ضغوط خارجية".

 

ويقول المرسومي لـ"النهار" إن هذا الملف "يمسّ بشكل مباشر أمن المواطن وسيادة الدولة واحتكارها قرار السلم والحرب"، لافتاً إلى أن الأشهر الماضية شهدت حراكاً سياسياً واجتماعياً واسعاً "عبّرت فيه قوى من مختلف المحافظات عن رفضها أي نشاط مسلح خارج سلطة الدولة".

 

ويجد المرسومي أن الجهود الحكومية المتواصلة بدأت تؤتي ثمارها، مع ظهور استجابات عملية لمسار حصر السلاح والانخراط في مشروع سياسي وطني يقوم على العمل المؤسسي.

 

في المقابل، يقدم خبراء قانونيون قراءة أكثر تشدداً إزاء المواقف الأميركية؛ إذ يؤكد أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري السابق للرئيس الأميركي غابريال صوما، أن واشنطن "لم تتلقَّ حتى الآن أي رسائل إيجابية واضحة من الفصائل العراقية نفسها بشأن نزع السلاح والانخراط الكامل في العمل السياسي".
ويشير في حديث الى "النهار"، إلى أن المواقف المعلنة "لا تزال تميل إلى التمسك بالسلاح، إما باعتباره جزءاً من الأمن الداخلي، وإما ربط التخلي عنه بشروط مسبقة".
ويضيف أن مسؤولين أميركيين، بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، عبّروا بوضوح عن مطالبتهم بنزع سلاح الفصائل الموالية لإيران ودمجها ضمن القوات المسلحة العراقية، معتبراً أن "الحوارات الجارية لم تُفضِ بعد إلى التزامات صريحة أو اتفاقات نهائية".

 

ومع اقتراب حسم ملف رئاسة الوزراء داخل الإطار التنسيقي، يبقى السؤال مفتوحاً عمّا إذا كان العراق يتجه فعلاً نحو مرحلة احتكار الدولة للقوة، أم أن السلاح سيظل عامل ضغط حاسماً في رسم معادلات السلطة خلال السنوات المقبلة؟

الأكثر قراءة

لبنان 12/20/2025 11:49:00 PM
 برز كلام رئيس الحكومة نواف سلام امس عقب استقباله في منزله في قريطم رئيس الوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم السفير سيمون كرم.
سياسة 12/21/2025 4:36:00 PM
أكد أنه ليس بحاجة لشهادة حسن سلوك من أي كان
سياسة 12/22/2025 12:03:00 AM
هل نحن فعلاً في عهد سينجح في محاربة الفساد والفاسدين مهما علا شأنهم؟