بعد لحيته اللافتة... السفير الأميركي يشغل الأردنيين بنشاطه الاجتماعي

المشرق-العربي 21-12-2025 | 12:00

بعد لحيته اللافتة... السفير الأميركي يشغل الأردنيين بنشاطه الاجتماعي

"من كثرة تنقّله بين المحافظات والمجتمعات المحلية، بات الرجل يحظى بحضور اجتماعي لا ينافسه فيه إلا المرشحون في موسم الانتخابات".
بعد لحيته اللافتة... السفير الأميركي يشغل الأردنيين بنشاطه الاجتماعي
جيمس هولتسنايدر (أرشيفية)
Smaller Bigger

لم تكن لحية السفير الأميركي في الأردن جيمس هولتسنايدر، وحدها من أثار استغراب الأردنيين ولفت انتباههم، بل امتد الأمر إلى أنشطة وتحركات السفير التي وصلت إلى حد زيارته بيوت عزاء، ما دفع العديد من وسائل الإعلام والكتاب إلى تناول الأمر.

وكانت لحية السفير مع بدء تداول صوره منذ أن تم الإعلان عن ترشيحه ليكون سفيرا فوق العادة ومفوضا لها لدى البلاط الملكي الهاشمي الأردني قبل أشهر، أثارت تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي كونها ملفتة للانتباه، حيث صاحب ذلك تعليقات ساخرة وأخرى رأتها مستهجنة.

 

 

إلا أن التفاعل بشأن السفير لم يتوقف عند لحيته طويلاً، حيث كانت تحركاته ذات الطابع الشعبي مثار حديث وتساؤلات، لا سيما أنها تبدو مكثفة ولافتة مقارنة بسفراء أميركيين قبله، إذا بدا السفير كما ذكر الكاتب مؤيد المجالي في مقال له: "من كثرة تنقّله بين المحافظات والمجتمعات المحلية، بات الرجل يحظى بحضور اجتماعي لا ينافسه فيه إلا المرشحون في موسم الانتخابات"، مضيفا: "قد يتفق الأردنيون أو يختلفون حول تفسير كثافة نشاط السفير الأمريكي، لكن المؤكد أن الرجل أصبح أحد أكثر الشخصيات العامة حضوراً في المجتمع خلال الفترة الأخيرة".

"قوة ناعمة"
بشأن ذلك، يقول الصحافي إبراهيم أبو سماقة إن "حراك السفير الأميركي لا يمكن النظر إليه بوصفه نشاطاً اجتماعياً فحسب، إذ يعد عملاً سياسياً وديبلوماسياً بامتياز، كما يمكن النظر إليه كمحاولة لمعرفة المجتمع الأردني عن كثب، وكأداة من أدوات القوة الناعمة للدول التي تسعى لتعزيز حضورها وخطابها وسياساتها لدى الشعوب".

 

 

وأضاف أبو سماقة لـ"النهار" أن "هذه التحركات أيضاً لا يمكن قراءتها بمعزل عن طبيعة العلاقات القوية والعميقة التي تجمع الأردن بالولايات المتحدة والتي تمتد لعقود".

وتابع: "في ضوء ذلك، أرى أن حجم الاعتراض والتندر على تحركات السفير التي تخدم الأردن وتوفر فهماً أوسع لمجتمعه وبيئته وقد توفر  مزيداً من الفرص له، غير مبرر، وهو نوع من المزايدة والتصيد لا أكثر، طالما أن السفير لم يتجاوز الأعراف الديبلوماسية". 

 

 

انفتاح غير مسبوق
وبحسب ما يقول لـ"النهار" الدكتور عامر عبد الرؤوف السعايدة: "لم يمض وقت طويل للسفير في الأردن حتى بدأ بطباعة بصمته في المجتمع الأردني مباشرة وعلى عجل. فبدل الاكتفاء بالمكاتب واللقاءات البروتوكولية، انفتح هولتسنايدر على المجتمع الأردني بطريقة غير مسبوقة تثير جملة من التساؤلات في ذهن كل أردني شاهد تحركاته. فالتودد الغربي للمجتمعات العربية وخاصة الأردنية ليس من باب المودة والانفتاح إنما يقيناً لأهداف وأجندات مدرجة على قائمة مهام هذا السفير".

وأضاف: "شوهد السفير يعزي القبائل، ويجلس على موائد المنسف، يرتدي الشماغ الأحمر، ويشارك في مهرجانات الزيت والزيتون. وهذه التحركات، التي تبدو للوهلة الأولى أقرب إلى مبادرات اجتماعية لطيفة، ليست كذلك في العمق، فهي جزء من استراتيجية أميركية مدروسة تبني نفوذاً يتجاوز المؤسسات إلى الناس أنفسهم. وهذه الشخصية الديبلوماسية هي الجديرة بذلك ومن وجهة نظر إدارته في واشنطن".

 

 

ويرى السعايدة أن "الأردن باعتباره حجر زاوية في استقرار المنطقة، يشكل ساحة لا تقبل الفراغات. وأمام مرحلة إقليمية يعاد فيها تشكيل خرائط القوة، تدفع واشنطن بما يمكن تسميته (الديبلوماسية الشعبية الذكية) وهي ديبلوماسية تمزج السياسة بالثقافة، والرمزية بالعلاقات المجتمعية، لتكون شبكة تأثير تمتد من العشائر إلى الطبقات الوسطى، ومن الفضاء الاقتصادي المحلي إلى الوجدان الشعبي".

 

 

قراءة المزاج العام
هنا، كما يقول السعايدة: "يصبح المنسف والشماغ والمناسبات الاجتماعية الأردنية أدوات سياسية ناعمة، تُستخدم لقراءة المزاج العام وبناء الثقة قبل أي لقاء رسمي. والرسالة واضحة، الولايات المتحدة لا تريد أن تكون شريكاً حاضراً في المؤسسات فقط، بل في النسيج الاجتماعي اليومي للأردنيين. وهكذا يتحرك السفير الأميركي الجديد بروح تختلف عن سابقين، لا ليؤدي دوراً بروتوكولياً عابراً، بل ليؤسس لنفوذ طويل الأمد يبدأ من الناس ويصل إلى مراكز القرار".

وتابع: "بالمحصلة، تبدو تحركات السفير بما يمتلكه من خبرة ميدانية ورؤية واضحة وخطط موجّهة نحو المجتمع الأردني، أبعد بكثير من مجرد مجاملات اجتماعية أو محاولة لمواكبة العادات والتقاليد المحلية، فهي جزء من استراتيجية نفوذ أميركية تُذكّر باستراتيجيات اندماج الإنجليز في المجتمع الأردني إبّان الانتداب البريطاني. وهكذا، لا يأتي السفير الجديد ليواصل المسار التقليدي، بل ليعيد تشكيله، ويضع أسس نفوذ يبدأ من تفاصيل الحياة اليومية الأردنية ويمتد إلى دوائر صناعة القرار".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/20/2025 7:14:00 AM
"من فوق جبل قاسيون"... من هم القادة الذين شكرهم أحمد الشرع بعد رفع العقوبات عن سوريا؟
اقتصاد وأعمال 12/19/2025 7:25:00 PM
سلام: مشروع القانون الهادف إلى استرداد الودائع اعتمد معايير دولية وسيعيد الثقة الدولية بلبنان...
الولايات المتحدة 12/20/2025 1:50:00 AM
تضمنت المجموعة الضخمة من الوثائق سبع صفحات تحتوي على أسماء 254 "مدلكة" تم حجبها بالكامل بحجة "حماية معلومات ضحية محتملة".