أعلن الصحافي السوري الأميركي إياد شربجي الإثنين الإفراج عنه، غداة توقيفه على خلفية اتّهامه بـ"إثارة النعرات الطائفية" بسبب منشور عبر "فايسبوك"، في خطوة أثارت انتقاد حقوقيين وصحافيين إزاء حرّية التعبير في البلاد.

ويُعرف شربجي المتحدّر من مدينة داريا قرب دمشق والذي كان من المعارضين لحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، بمواقفه المنتقدة للسلطات الجديدة وأدائها منذ وصولها الى الحكم. وغالباً ما يبث مقاطع فيديو وصوراً يعبّر فيها بجرأة عن مواقفه وانحيازه لدولة تمثّل جميع السوريين.

وكتب شربجي على صفحته الشخصية عبر "فايسبوك": "خرجت للتو (من الاحتجاز)، سأتحدّث عن الموضوع لاحقاً بفيديو تفصيلي، الآن أنا بحاجة للنوم فقط".

وبث شريطاً مصوّراً قصيراً من أمام القصر العدلي في دمشق، قال فيه "أمضيت نحو أربع إلى خمس ساعات في القصر العدلي، نقاشات وأخذ ورد، وانتهت القصّة".

إياد شربجي. (أرشيف)

ولم يصدر أي تعليق من السلطات بشأن الواقعة.

وأوقفت السلطات الأحد شربجي المقيم في الولايات المتحدة، وفق ما قال أحد أفراد عائلته لـ"فرانس برس" في وقت سابق الإثنين.

وقالت رابطة الصحافيين السوريين إن توقيفه جاء "إثر تصريحات أدلى بها" بشأن إدلب.

وكان شربجي، الموظّف وفق عائلته في مكتب قناة "الجزيرة" القطرية في واشنطن، بث قبل نحو 5 أشهر، شريطاً مصوّراً عبر "فايسبوك"، انتقد فيه "الجيل الذي نشأ في إدلب في بيئة طائفية سنية". وأضاف "يشاهد كل من حوله أعداء (...) هؤلاء مأزومون وبحاجة لعلاج".

وأوضح شربجي لاحقاً أن تصريحاته فُهمت خارج سياقها، مؤكّداً أنّه لم يقصد الإساءة لأهالي إدلب، بل تسليط الضوء على التحدّيات التي واجهها جيل نشأ في ظروف الحرب.

وبعيد وصوله إلى مطار دمشق، عشية الاحتفال بإطاحة الأسد، أعلن شربجي تبلّغه من سلطات المطار بوجود ادّعاء من محام ضدّه، بتهم عدّة بينها "إثارة النعرات الطائفية"، استناداً إلى قانون الجرائم المعلوماتية.

وجاء توقيفه الأحد بعد مراجعته إدارة المباحث الجنائية على خلفية الادعاء ذاته، ووسط حملة تحريض ضدّه على خلفية مواقفه المنتقدة للسلطة على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمّنت تهديدات بالقتل.

وخلال زيارته دمشق، حلّ شربجي ضيفاً على برنامج حوار سياسي رئيسي عبر التلفزيون الرسمي، قال إنّه عمل فيه قبل عشرين عاماً.

ونشر مراراً مقاطع فيديو، أحدها بعد مشاهدته العرض العسكري في دمشق الذي أقامته السلطات في ذكرى إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر. وقال في أحدها "لم أشعر حقيقة أنّه جيش بلدي، شعارات دينية كثيرة.. وأغان جهادية"، متمنيّاً لو تضمّن الاحتفال الرسمي "تكراراً لشعارات الثورة وتأكيداً للهوية السورية وإثباتاً أن هذا الوطن للجميع".

وأبدى صحافيون وحقوقيون خشيتهم من أن يكون توقيف شربجي مرتبطاً بـ"أسباب سياسية" على خلفية مواقفه المنتقدة للسلطات الجديدة.

وطالبت رابطة الصحافيين السوريين "بضرورة صون حرّية التعبير وحماية الصحافيين من الملاحقات المرتبطة بآرائهم المهنية".

وكتب المحامي والناشط الحقوقي ميشال شماس عبر "فايسبوك" "الاحتفاظ بالصحافي، ولو ليوم واحد، يشكّل توقيفاً فعلياً".

وكتب الصحافي حازم داكل، صديق شربجي، عبر "فايسبوك" "الاتّهامات الفضفاضة من نوع +تهديد السلم الأهلي+ و+إثارة النعرات+ تُستخدم هنا كأدوات تخويف، لا كمعايير قانونية واضحة".

وجاء توقيفه في سياق نقاش أوسع بشأن واقع الحرّيات في سوريا التي لا تزال تواجه إرثاً ثقيلاً من القيود الأمنية والإعلامية، في موازاة استمرار العمل بقوانين، بينها قانون جرائم المعلوماتية، يحذّر حقوقيون من استخدامها لتقييد حرّية التعبير.