"قائمة الإرهاب" تثير عاصفة… خطأ تقني أم ضغط سياسي على العراق؟

المشرق-العربي 05-12-2025 | 06:31

"قائمة الإرهاب" تثير عاصفة… خطأ تقني أم ضغط سياسي على العراق؟

برغم التوضيحات الحكومية، تكشف مصادر مطلعة أن العراق "لم يكن يمتلك خياراً واسعاً في ما يتعلق بملف تجميد الأموال".
"قائمة الإرهاب" تثير عاصفة… خطأ تقني أم ضغط سياسي على العراق؟
أثار إدراج "حزب الله" ضمن قائمة تجميد أموال الشخصيات والكيانات الإرهابية في العراقية عاصفة سياسية غير مسبوقة. (أ ف ب)
Smaller Bigger

أثار إدراج "حزب الله" اللبناني وجماعة "أنصار الله" الحوثية ضمن قائمة تجميد أموال الشخصيات والكيانات الإرهابية في "جريدة الوقائع" العراقية الرسمية عاصفة سياسية وإعلامية غير مسبوقة، دفعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى توجيه إجراء تحقيق عاجل لتحديد المسؤولين عن "الخطأ" ومحاسبة المقصرين.
وأكد مكتب رئيس الوزراء أن موافقة العراق اقتصرت حصراً على إدراج الأفراد والكيانات المرتبطة بتنظيمي "داعش" و"القاعدة" بناءً على طلب تقدمت به ماليزيا، نافياً أن تكون الحكومة قد وافقت على إدراج أي جهة أخرى.
وقال المكتب في بيان طالعته "النهار" إن "مواقف العراق السياسية والإنسانية تجاه لبنان وفلسطين ثابتة ومبدئية ولا تخضع للمزايدات"، مشيراً إلى أن الحكومة تعكس في قراراتها "إرادة الشعب العراقي الداعم لحق الشعوب في التحرر والعيش الكريم".
وبرغم التوضيحات الحكومية، تكشف مصادر مطلعة أن العراق "لم يكن يمتلك خياراً واسعاً في ما يتعلق بملف تجميد الأموال"، وأن الاستجابة للطلب الماليزي جاءت في سياق "ضغوط أميركية متزايدة" لتحسين التزام بغداد بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتقول المصادر، لـ"النهار"، إن "تجنب تداعيات مالية واقتصادية خطيرة كان دافعاً رئيسياً وراء الامتثال، في ظل حساسية المرحلة الحالية، إذ تخضع 32 مؤسسة مصرفية عراقية لعقوبات أو تقييدات أميركية، دون قدرة بغداد على رفع تلك الإجراءات برغم مرور سنوات".
وسارعت أحزاب وفصائل سياسية إلى الرد بحدة على القرار، معتبرة إدراج "حزب الله" والحوثيين "خيانة" و"إهانة لمواقف المقاومة"، بحسب وصف حركة "النجباء"، أحد أبرز الفصائل المسلحة العراقية، فيما قال النائب حسين مؤنس، رئيس "حركة حقوق" (الجناح السياسي لـ"كتائب حزب الله") إن حكومة تصريف الأعمال "سلطة مرتجفة، تابعة، وتفتقد الحد الأدنى من الكرامة".
أما حركة "الصادقون"، الممثلة لـ"عصائب أهل الحق"، فأصدرت بياناً شديد اللهجة اعتبرت فيه أن القرار "غير منصف ولا ينسجم مع التضحيات التي قدمتها المقاومة في مواجهة داعش"، مشددة على أن "حزب الله جزء أساسي من منظومة الأمن الإقليمي".
في المقابل، قدّم القيادي في ائتلاف "الإعمار والتنمية" بهاء الأعرجي قراءة مختلفة، مشيراً إلى أن ما جرى "خطأ فني سيتم تصحيحه"، وأن التصنيف صدر عن لجنة مستقلة تابعة للبنك المركزي، و"لا يمثل قراراً حكومياً سياسياً".

 

رفض المتحدث باسم وزارة العدل العراقية التعليق على الموضوع. (وسائل تواصل اجتماعي)
رفض المتحدث باسم وزارة العدل العراقية التعليق على الموضوع. (وسائل تواصل اجتماعي)

 

وتواصلت "النهار" مع المتحدث باسم وزارة العدل أحمد العتبي الذي رفض التعليق، مؤكداً أن وزارته غير معنية بالتوضيح. كذلك رفض المتحدث باسم البنك المركزي العراقي علاء الفهد التعليق على الموضوع، مؤكداً أنه تلقى "توجيهاً من الإدارة العليا للبنك بعدم التصريح لوسائل الإعلام، كون الموضوع يمثل ملفاً سياسياً".
من جانبها، أصدرت لجنة تجميد أموال الإرهابيين بياناً توضيحياً أكدت فيه أن القائمة المنشورة تضمنت أسماء غير مرتبطة بـ"داعش" و"القاعدة"، وأن النشر تم "قبل التنقيح"، وأن العدد المقبل من "الوقائع العراقية" سيشهد رفع هذه الأسماء.
وأضاف البيان أن العراق ملتزم فقط بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وفق المادة 7 من نظام تجميد أموال الإرهابيين لسنة 2016، التي تحصر دور اللجنة في تطبيق قوائم الأمم المتحدة من دون إضافة أو تعديل، ما يؤكد أن البلاد "لم تصدر تصنيفاً وطنياً جديداً".
وكان عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون قد اتهم "مصرف الرافدين" في وقت سابق بـ"إجراء معاملات مالية لمصلحة الحوثيين"، ملوحاً بالعمل على "قطع التمويل الأميركي عن العراق" في موازنة العام المقبل، وحضّ وزارة الخزانة على معاقبة المصرف الحكومي.
تلك التصريحات أعادت تسليط الضوء على ورقة الضغط المالية التي تمارسها واشنطن عبر احتفاظها بإيرادات العراق النفطية في حسابات البنك الفيدرالي الأميركي منذ عام 2003، بموجب قرار مجلس الأمن 1483.
يقول الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه إن العراق "بخلاف دول نفطية أخرى، لا يتمتع بحرية التصرف بإيراداته بسبب ضعف موارده البديلة واعتماده شبه الكامل على النفط، إضافة إلى القيود الأميركية المتعلقة بتهريب الدولار واستخدام السلاح خارج سلطة الدولة".
ويشير عبد ربه، في تعليق لـ"النهار"، إلى أن "المشكلة ليست في إيداع الأموال في البنك الفيدرالي بحد ذاته، بل في القيود المشددة على تحويلاتها، والتي تجعل بغداد عرضة لأي توتر سياسي مع واشنطن".
ويرى أن عمليات غسل الأموال تراجعت خلال العامين الأخيرين بفعل الإجراءات الحكومية، لكنه يحذر من أن أي عقوبات أميركية جديدة "قد تربك السوق العراقية بشدة".
وتظهر تداعيات حادثة "قائمة الإرهاب" حجم التشابك بين القرار المالي والسياسي في العراق، وسط صراع داخلي محتدم وتأثير خارجي متصاعد. وبرغم التوضيحات وتصحيح ما قيل إنه "خطأ"، يبقى الحدث مؤشراً إلى هشاشة البيئة الإدارية، وتعقّد الالتزامات الدولية، واستمرار الضغوط الأميركية التي تمسك بمفاتيح حساسة في الاقتصاد العراقي.


الأكثر قراءة

العالم العربي 12/3/2025 12:22:00 PM
لا بد من تفكيك شبكات التمكين الإسلامية داخل الجيش السوداني، وعزل قادته الموالين للإخوان... فهذا شرط أساسي لأي دعم دولي لعملية السلام.
المشرق-العربي 12/3/2025 12:18:00 PM
ياكواف كاتس، وهو أحد مؤسسي منتدى السياسة MEAD، والباحث البارز في JPPI، ورئيس تحرير السابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، يجيب عن هذه الأسئلة في مقال له، ويشير إلى الفوارق بين الماضي والحاضر.
المشرق-العربي 12/3/2025 2:17:00 AM
يطالب القرار إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان
سياسة 12/4/2025 10:43:00 AM
أمرت الحكومة العراقية بتجميد جميع أموالهم وأصولهم...