عام على سقوط الأسد: لماذا يغيب الأمن عن سوريا؟

المشرق-العربي 05-12-2025 | 06:04

عام على سقوط الأسد: لماذا يغيب الأمن عن سوريا؟

التحديات الأمنية التي ظهرت خلال العام الذي مضى والتي من المرتقب أن تستمر في المرحلة المقبلة.
عام على سقوط الأسد: لماذا يغيب الأمن عن سوريا؟
جريدة الثورة السورية (أ ف ب).
Smaller Bigger

عام على سقوط نظام بشّار الأسد وتسلّم هيئة تحرير الشام حكم سوريا. تركة أمنية وازنة خلفها تاريخ 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، بعد انهيار النظام السابق وحلول السلطات الجديدة. مع مرور سنة، لم تستقر الحال الأمنية بعد، وجولات قتال عديدة وقعت في الساحل والجنوب والشمال الشرقي السوري لم تحسم المشهدية الأمنية وأبقت المحافظات السورية في حال ترقّب وقلق من التصعيد.

لم يكن متوقعاً أن تفرض السلطات السورية الجديدة سيطرة أمنية سريعة وشاملة لجملة من الأسباب. السبب الأول كان الفوضى التي حصلت بعد حل المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للأسد وتسلّم الفصائل المسلّحة مسألة الأمن في المحافظات. السبب الثاني كان انتشار السلاح بكثافة بين الفصائل والأفراد. السبب الثالث كان التدخل الخارجي عند بعض الجماعات وإحداث شرخ مع حكومة دمشق.

التحديات الأمنية التي ظهرت خلال العام الذي مضى والتي من المرتقب أن تستمر في المرحلة المقبلة تتمثّل بالتالي: أزمة السويداء التي تتعمّق ورغبة الشيخ حكمت الهجري في الانفصال عن سوريا، دون وجود حوار مع دمشق وفي ظل انسداد الأفق، أزمة الساحل التي لم تحلّ ومطالبات العلويين بالفيدرالية تمهيداً للانفصال، أزمة شمال شرق سوريا وتأخر اندماج الأكراد بالسلطات السورية، والجريمة.

المذهبية والفصائلية
من منظور سوسيولوجي، فإن ثمّة عوامل تضاف إلى ما ذكر سابقاً أدّت إلى توترات أمنية في الساحل والجنوب السوري. رغم محاولات السلطات السورية مأسسة الأمن من خلال جهاز الأمن العام والشرطة والجيش، لم تتبدّل العقلية الفصائلية عند الكثير من العناصر الأمنيين الذين واصلوا عملهم من منظور هذه العقلية التي سادت في سوريا خلال 14 عاماً من الحرب.

العامل الآخر كان مذهبياً. الاشتباكات في السويداء وطرطوس واللاذقية بدأت من منطلق سياسي، لكنها تحوّلت إلى قتال مذهبي. كثير من عناصر الأجهزة الأمنية الحكومية يحملون خلفية جهادية، وأفكاراً مذهبية متطرفة كان لها تأثيرها على المعركة مع بيئات مغايرة، كالبيئة الدرزية في السويداء والعلوية في الساحل. وهذه الأفكار خلقت قلقاً عند الأقليات المذهبية.

تشريح الأزمة الأمنية
هايكو ويمن، مدير مشروع لبنان وسوريا والعراق في مجموعة الأزمات الدولية، يشرح لـ"النهار" عوامل غياب الاستقرار الأمني، ويقول إن حل الأجهزة الأمنية بعد سقوط الأسد جعل البلاد دون شرطة وجيش، وعدم سيطرة السلطات السورية سيطرة كاملة على كافة الأراضي السورية وبقاء مجموعات مسلّحة خارج إطار الدولة وانتشار السلاح والفوضى والجريمة، وخاصة الخطف، شكّلت عوامل إضافية.

 

الأمن العام السوري (أ ف ب).
الأمن العام السوري (أ ف ب).

 

أزمتا السويداء والساحل السوري وما حصل من توترات أمنية بدأت بأسباب سياسية، وفق ما يرى ويمن، وذلك سببه "عدم استيعاب" الحكومة لكافة الفئات السورية في المعادلات السياسية وعدم التعامل مع السكّان والمجموعات المحلية للحفاظ على الأمن. يردّ ذلك إلى غياب فكرة "شراكة الحكم" عن عقلية السلطة الجديدة في سوريا، ورغبتها في السيطرة التامة واحتكار السياسة دون شركاء آخرين.

لكن عوامل الاشتباك في السويداء والساحل ليست أحادية الجانب من قبل السلطات السورية وحدها، بل إن المجموعات المحلية من دروز وعلويين كانت تتحمّل المسؤولية أيضاً. هذه المجموعات رفضت التوافق مع الحكومة وانتهجت نهجاً معارضاً لدمشق وطالبت بالانفصال. وأضيف إلى هذا الجوّ التدخل الإسرائيلي عند الهجري وبعض الشخصيات العلوية، وتدخل شخصيات كانت محسوبة على الأسد.

ما الحلول؟
ينطلق ويمن من زاوية محدّدة من التجربة اللبنانية في مواجهة التطرف المذهبي في عبرا ونهر البارد وعرسال، وهي الدعم المحلي العام للدولة اللبنانية وأجهزتها، وذلك يعود لشراكة كافة الأطراف السياسية في الحكم. برأي ويمن، عندما تتمتع كل الجهات المحلية بحق المشاركة في الحياة السياسية، تكتسب العمليات السياسية والأمنية شرعية أكثر، وتصبح هذه العمليات أقل تعقيداً.

هذه الشراكة تنطلق من الحوار بين الحكومة السورية والمكوّنات المعارضة والعمل باتجاه حل سياسي. يعترف ويمن بتأثير التدخل الخارجي الإسرائيلي بشكل خاص لجهة عرقلة الاتفاقات واستمرار التوتر الأمني في سوريا، لكنه يشدّد على أن اقتناع الحكومة بالحاجة إلى شركاء لها في الحكم وقبول فكرة إشراك كافة السوريين في السلطة وتأمين الحماية لهم ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتخلي عن العقلية الفصائلية باب نحو التهدئة. 

في المحصلة، فإن سوريا شهدت منذ عام تغييراً سياسياً جيواستراتيجياً كان بمثابة زلزال في الشرق الأوسط، وبالتالي لم يكن من المتوقع أن يستقر الوضعان السياسي والأمني خلال فترة قصيرة، والتحديات كانت منتظرة. لكن معالجات جذرية مطلوبة للتخفيف من الاحتقان الأمني والسياسي، ويضاف إلى ما ذكر سابقاً أهمية التنمية الاقتصادية في إرساء أمن اجتماعي ينعكس أمناً عسكرياً على المجتمع السوري.

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/3/2025 12:22:00 PM
لا بد من تفكيك شبكات التمكين الإسلامية داخل الجيش السوداني، وعزل قادته الموالين للإخوان... فهذا شرط أساسي لأي دعم دولي لعملية السلام.
المشرق-العربي 12/3/2025 12:18:00 PM
ياكواف كاتس، وهو أحد مؤسسي منتدى السياسة MEAD، والباحث البارز في JPPI، ورئيس تحرير السابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، يجيب عن هذه الأسئلة في مقال له، ويشير إلى الفوارق بين الماضي والحاضر.
المشرق-العربي 12/3/2025 2:17:00 AM
يطالب القرار إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان
سياسة 12/4/2025 10:43:00 AM
أمرت الحكومة العراقية بتجميد جميع أموالهم وأصولهم...