تترقب الأوساط السياسية والشعبية في العراق إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية الرسمية لانتخابات مجلس النواب بدورته السادسة، المقرّر صدورها مساء اليوم (الأربعاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2025)، وسط مؤشرات أولية على بروز تحالفات جديدة وتراجع بعض القوى التقليدية في عدد من المحافظات، ما يعكس مشهداً سياسياً متحوّلاً بعد عملية انتخابية اتسمت بالتنافس الحاد، ونسبة مشاركة تجاوزت 55%.

إعلان أولي اليوم

أكدت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي أن "الكوادر الفنية تواصل استكمال عمليات العدّ والفرز الإلكتروني واليدوي تمهيداً لإعلان النتائج الأولية خلال مؤتمر رسمي مساء اليوم"، مشيرةً إلى أن "النتائج النهائية ستصدر لاحقاً بعد حسم الشكاوى والطعون أمام الهيئة القضائية للانتخابات".

كما أوضحت الغلاي أن المفوضية "تستقبل الشكاوى الانتخابية حتى نهاية الدوام الرسمي لهذا اليوم، تمهيداً لتصنيفها ودراستها من قبل اللجان المختصة".

خروقات محدودة

في المقابل، كشف "تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة الانتخابات" عن سلسلة مخالفات رافقت عملية الاقتراع، أبرزها استمرار الدعاية الانتخابية داخل محطات التصويت والسماح بدخول الهواتف المحمولة، إلى جانب حالات عنف وتهديد طالت مراقبين.

وأشار التقرير الرقابي إلى تسجيل 501 حالة دعاية محظورة، و359 حالة منع مراقبين من متابعة العدّ والفرز، فضلاً عن 73 حالة عنف و41 حادثاً أمنياً تراوحت بين إطلاق نار واعتداءات محدودة.

ورغم هذه الملاحظات، أكد التحالف أن مستوى الشفافية كان "مرتفعاً جداً" في أكثر من 700 محطة اقتراع، مع أداء أمني وتنفيذي وُصف بأنه "مقبول بشكل عام".

"الإعمار والتنمية" يتصدّر المشهد في بغداد والجنوب

وأظهرت النتائج الأولية غير الرسمية تقدّم ائتلاف "الإعمار والتنمية"، بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في عدد من المحافظات، ولا سيّما بغداد، النجف، كربلاء، وبابل، ما يمنحه موقعاً متقدماً في التشكيلة البرلمانية المقبلة.

ففي العاصمة بغداد، حصد الائتلاف أكثر من 411 ألف صوت، ما يؤهله لـ15 مقعداً نيابياً، وحلّ حزب "تقدّم" بزعامة محمد الحلبوسي ثانياً بـ 284 ألف صوت، ما يؤهله للحصول على 10 مقاعد، متقدماً على "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي وقد حلّ ثالثاً بحصوله على 228 ألف صوت (8 مقاعد)، ثم "تحالف قوى الدولة الوطنية" بزعامة عمار الحكيم بنحو 139 ألف صوت، تليه كتلة الصادقون بـ 128 ألف صوت، ثم تحالف "عزم العراق/عزم" بنحو 128 ألف صوت، تلته منظمة "بدر" بـ 116 ألف صوت.

أما في النجف وكربلاء، فقد تصدّر الائتلاف النتائج أيضاً، بحصوله على ثلاثة مقاعد في كل محافظة، فيما توزعت بقية المقاعد بين "دولة القانون"، "إشراقة كانون"، "الصادقون"، و"قوى الدولة"، بواقع مقعد أو مقعدين لكل تحالف.

وفي بابل، حصل ائتلاف "الإعمار والتنمية" على ثلاثة مقاعد، متقدماً على "الصادقون" و"دولة القانون" و"إشراقة كانون" التي حصدت مقعدين لكل منها، فيما حصلت تحالفات "بدر" و"الخدمات" و"قوى الدولة" على مقعد واحد.

وفي ميسان، تصدّر "الإعمار والتنمية" النتائج بحصوله على نحو 60 ألف صوت، تليه منظمة "بدر" بـ32 ألف صوت، ثم "دولة القانون" و"الصادقون" بـ29 ألف صوت لكل منهما.

من عملية فرز وحساب الأصوات في أحد مراكز الاقتراع ببغداد. (أ ف ب)

"الديموقراطي الكردستاني" يتصدّر نتائج الإقليم

وفي إقليم كردستان، تصدّر "الحزب الديموقراطي الكردستاني" النتائج الأولية بفوزه بتسعة مقاعد في دهوك وأكثر من 1,078,000 صوت على مستوى الإقليم، متقدماً بفارق كبير على "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي جمع نحو 535 ألف صوت.
وحصلت أحزاب أخرى على نسب محدودة، منها "الاتحاد الإسلامي الكردستاني" بـ166 ألف صوت، و"تحالف الموقف الوطني" بـ165 ألفاً، و"الجيل الجديد" بـ137 ألفاً.

"بدر" تتحدث عن 24 مقعداً

وتوقعت منظمة "بدر" حصولها على 24 مقعداً في البرلمان المقبل، منها أربعة في بغداد وثلاثة في ديالى، بينما تشير تقديرات مراقبين إلى تقارب واضح في حصص الكتل الشيعية الأخرى، مع احتفاظ "ائتلاف دولة القانون" بقاعدته التقليدية في الجنوب والفرات الأوسط، وصعودٍ نسبيٍّ لـ"تحالف قوى الدولة الوطنية".

"البديل" يلوّح باللجوء إلى القضاء

من جانبه، أصدر تحالف "البديل" بزعامة عدنان الزرفي بياناً اعتبر فيه أن "الانتخابات شابتها خروق خطيرة وانحرافات سياسية"، متهماً بعض الكتل بـ"تحويل الاقتراع إلى صفقة نفوذ وسلطة"، ومطالباً بـ"تحقيق قانوني وإجراءات شفافة تضمن سلامة الإرادة الشعبية".

برلمان أكثر تنوعاً

تشير المعطيات الأولية إلى أن البرلمان المقبل سيتكوّن من خريطة سياسية أكثر تنوعاً، تتقاسم فيها القوى التقليدية المقاعد مع تحالفات جديدة وشخصيات مستقلة، في ظل غياب واضح للأغلبية المطلقة لأي طرف.

ويرى مراقبون أن التوازن الجديد في النتائج "قد يدفع نحو مفاوضات معقّدة لتشكيل الكتلة الأكبر والحكومة المقبلة"، فيما تبقى الأنظار متجهة إلى إعلان النتائج الرسمية مساء اليوم، وما قد تحمله من مفاجآت إضافية.