واشنطن تختبر الشريك السوري الجديد: تعاون سياسي مع التحالف وتعليق موقت لقانون قيصر

المشرق-العربي 12-11-2025 | 05:57

واشنطن تختبر الشريك السوري الجديد: تعاون سياسي مع التحالف وتعليق موقت لقانون قيصر

الزيارة تتجاوز رمزيتها الديبلوماسية إلى تحوّلٍ أوسع في موازين الإقليم.
واشنطن تختبر الشريك السوري الجديد: تعاون سياسي مع التحالف وتعليق موقت لقانون قيصر
ترامب مصافحاً الشرع في البيت الأبيض. (أ ف ب)
Smaller Bigger

في مشهدٍ يعيد رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط بعد عام على سقوط نظام بشار الأسد، استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض، في أول لقاء على هذا المستوى بين البلدين.
الزيارة تتجاوز رمزيتها الديبلوماسية إلى تحوّلٍ أوسع في موازين الإقليم، حيث تتقاطع ملفات مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار مع ترتيبات أمنية جديدة واصطفافات تتخطّى "خطوط الحرب الباردة" التي حكمت المشهد السوري لسنوات طوال.

 

وقائع الزيارة
أجريت المحادثات في أجواء مغلقة بعيداً من الكاميرات، واستمرّ الاجتماع لأكثر من ساعة بمشاركة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
ودخل الوفد السوري عبر المبنى التنفيذي الملحق بالبيت الأبيض من دون التغطية البروتوكولية المعتادة أو فتح المكتب البيضوي للإعلام، كما جرت العادة في زيارات الرؤساء.
وانطوت المقاربة الإعلامية على تقليل الظهور المباشر، إذ استُعيض عن التغطية الحيّة بنشر صور رسمية لاحقاً من داخل المكتب البيضوي.

 

انفتاح ثلاثي واختبار
تمثّل الزيارة بداية مسارٍ جديد في العلاقات الثنائية أكثر من كونها اتفاقاً ناجزاً، وفق قراءة الصحافة الأميركية.
وتُظهر تغطيات عدة أن واشنطن "تختبر شريكاً سورياً جديداً في بيئة شديدة التعقيد"، فيما أُشير إلى حضور تركي على هامش الفعاليات بما يعكس انفتاحاً ثلاثياً قيد التشكل بين أنقرة ودمشق وواشنطن.
ورغم تصريح المندوب السوري لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي عن "اتفاق أمني مع إسرائيل" ودور أميركي في دعمه، لم تتضمّن التصريحات الأميركية ما يفيد بإدراج هذا البند على جدول المحادثات الرسمية.
وفي مقابلة تلفزيونية أميركية، أكّد الشرع أنّ الانضمام إلى "اتفاقات إبراهام" غير مطروح حالياً.

 

ترامب والشرع في البيت الأبيض. (أ ف ب)
ترامب والشرع في البيت الأبيض. (أ ف ب)

 

التحالف الدولي: "تعاون سياسي" أم "انضمام كامل"؟
وأعلنت دمشق توقيع "إعلان تعاون سياسي" مع التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، بحسب وزير الإعلام حمزة المصطفى، الذي شدّد على أنّ الإعلان "سياسي فقط ولا يتضمّن مكوّنات عسكرية".
في المقابل، استخدمت وسائل إعلام أميركية صيغة "الانضمام"، مستندةً إلى تصريحات مبعوث واشنطن إلى سوريا توم براك، الذي وصف اللقاء بأنه "لحظة تاريخية"، مؤكداً أنّ "سوريا التي كانت المشكلة أصبحت اليوم شريكاً أساسياً".
يعكس هذا التباين اختلافاً في اللغة أكثر منه في الجوهر؛ إذ يمنح توصيف "التعاون السياسي" غطاءً داخلياً يُقلّل من حساسيات الجماعات الجهادية حيال التحالف، فيما تفضّل واشنطن إبراز التحوّل كشراكة استراتيجية ضد الإرهاب.
وحتى صدور بيانٍ رسمي من جانب التحالف، تبقى الصيغة الأقرب إلى الواقع "تعاوناً سياسياً مقيّداً" لا يرتّب التزامات عملياتية أو عسكرية.

 

تعليق "قيصر"… لا رفع ولا إلغاء
الخطوة الثانية تمثّلت في تعليق تنفيذ العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لمدة 180 يوماً.
ويبدو هذا التعليق امتداداً عملياً للتجميد السابق الذي شارف الانتهاء، بعد تعذّر توافقٍ في مجلس النواب على مسار الإلغاء الكامل.
وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، يهدف التعليق إلى دعم الاستقرار وإتاحة فرص إنسانية واقتصادية مشروطة، مع إبقاء القيود على التعاملات المرتبطة بروسيا وإيران.
هكذا يتأكّد الفارق: فالتعليق قرارٌ تنفيذي موقت قابل للتمديد أو التراجع، أمّا الإلغاء الكامل فيحتاج إلى تشريعٍ جديد يُقرّه الكونغرس بغرفتيه.

 

السفارة السورية… وغياب السفارة الأميركية
وأكّد علبي تلقّي رسالة أميركية تتيح إعادة فتح السفارة السورية في واشنطن بعد رفع الحظر الديبلوماسي عنها، فيما لم تُصدر الخارجية الأميركية بعد بياناً يحدّد موعد إعادة افتتاح سفارتها في سوريا ومستوى التمثيل.
ولا تزال السفارة الأميركية في دمشق مغلقة منذ عام 2012، ويستمرّ تمثيل المصالح عبر السفارة التشيكية، من دون مؤشرات رسمية على عودة وشيكة، مع ترجيح اتخاذ خطوات تقنية محدودة لفتح قناة اتصال ديبلوماسية.

 

لقاء مع غرفة التجارة
شملت الزيارة مأدبة عشاء رسمية في مقرّ غرفة التجارة الأميركية بحضور رجال أعمال ومستثمرين، عُرضت في خلالها فرص استثمار في الطاقة والإعمار، تزامناً مع إعلان تعليق "قيصر".
كذلك، اجتمع الشرع بممثلين عن الجالية السورية في الولايات المتحدة في لقاءٍ رمزي تحت شعار "العمل من أجل المستقبل".

بالمحصلة، لم تكن الزيارة بروتوكولية بقدر ما كانت إعادة تعريف للعلاقة بين واشنطن ودمشق في مرحلة ما بعد الحرب: فتحت الولايات المتحدة باب "التعاون السياسي" بلا التزامات عسكرية، وعلّقت العقوبات لستة أشهر كنافذة اختبار لمسار طويل الأمد لشريك جديد في حرب قديمة، فيما تراقب القوى الإقليمية التحوّل بحذر.

 


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اسرائيليات 11/11/2025 1:30:00 PM
يبحث الجيش الإسرائيلي عن بديل لتولي ملف الإعلام باللغة العربية...
اسرائيليات 11/12/2025 12:35:00 AM
سُلّطت الأضواء في تل أبيب على "الكابتن إيلا"، باعتبارها المرشحة الأبرز لخلافة أفيخاي أدرعي في المنصب الذي شغله منذ أكثر من عقدين.
الولايات المتحدة 11/11/2025 9:25:00 AM
وفقاً لتقرير للشرطة، عثرت والدة جوناثان ويليت على جثته مقطوعة الرأس.
لبنان 11/10/2025 11:53:00 PM
التحقيق جارٍ حالياً لاستكمال الإجراءات القانونية بناءً على إشارة النيابة العامة الاستئنافية في بيروت.