جبل الفأس فتيل مواجهة جديدة بين إيران وإسرائيل... تحضيرات "على مدار الساعة" بانتظار لحظة الانفجار؟
تتعدّد المؤشرات التي تشي بأن احتمالات عودة الحرب بين إسرائيل وإيران مرتفعة، وتتكرّر فتشابه تلك التي سبقت حرب الـ12 يوماً شهر حزيران/يونيو الماضي. كان إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية توسيع إيران نشاطها النووي دون القدرة على مراقبته الفتيل الذي فجّر الحرب.
المفاوضات التي تخوضها إيران مع المجتمع الدولي يبدو أنها فشلت، وكان أبرز معالم الفشل انتهاء الاتفاق النووي دون تجديده، وعودة فرض العقوبات. النشاط النووي لإيران يبدو كأنه يتزايد وفق ما تشير التقارير، التي تحدّد موقع تخصيب جديداً في جبل الفأس قيد الإنشاء يُمنع المفتشون الدوليون من الوصول إليه. وإسرائيل غير مقتنعة بانتهاء السلاح النووي الإيراني.
جبل الفأس
تتزايد الشكوك حيال نشاط نووي سرّي في جبل الفأس الذي قد يكون بديلاً محتملاً للمواقع النووية التي استهدفتها الولايات المتحدة. يكشف تقرير لصحيفة "تلغراف" أن إيران بذلت جهوداً كبيرة لتعزيز المنطقة وتوسيعها بهدوء خلال السنوات الأربع الماضية. ويقول خبراء إن حجم الجبل وعمقه يشيران إلى أن المنشأة ستكون ذات قدرة تخصيب كبيرة يمكن أن تُضاهي أو تتجاوز قدرة منشأة فوردو المتضررة.
ميزات جبل الفأس تتقدّم على ميزات فوردو. ووفق التقارير، فإن لفوردو مدخلي أنفاق، لكن لجبل الفأس 4 مداخل على الأقل. الأهم من ذلك، أنه يمتدّ إلى عمق ربما يتجاوز 100 متر تحت السطح مقارنةً بعمق فوردو الذي يراوح بين 60 و90 متراً وفق التقارير. ويعتقد الخبراء أن حجم المشروع يعني أن إيران قد تستخدم المنشأة لتخصيب اليورانيوم.
تحضيرات إسرائيلية - إيرانية
ينقل مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن مصانع الصواريخ تعمل على مدار الساعة، وفي حال اندلاع حرب أخرى، تأمل إيران "إطلاق 2000 صاروخ" دفعةً واحدة، مقارنةً بـ500 صاروخ أطلقت على مدى 12 يوماً. ويتوقع في تقرير لـ"نيويورك تايمز" أن تردّ إيران على أيّ هجوم إسرائيلي بطريقة أقلّ تحفّظاً ممّا فعلت سابقاً.

على المقلب الآخر، أطلقت إسرائيل عملية لتعويض مخزونها الدفاعي. ووفق تقارير عبرية، فإن إسرائيل تعمل على ثلاثة خطوط: الخط الأول تعزيز أنظمة الدفاع الصاروخي وأنظمة الليزر. الخط الثاني جمع المعلومات الاستخباراتية عن إيران ونشاطها العسكري والنووي. الخط الثالث ممارسة ضغط ديبلوماسي على الصين وروسيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمنع أيّ مساعدة لإيران.
مسألة وقت
تنقل "نيويورك تايمز" عن مسؤولين ومحللين قولهم إن اندلاع حرب أخرى بين إسرائيل وإيران "مسألة وقت لا أكثر"، وتقول الصحيفة الأميركية خلال تقريرها إنه في ظل غياب المفاوضات، وانعدام اليقين بشأن مخزون إيران النووي، وانعدام الرقابة النووية، فإن هجوماً إسرائيلياً آخر "يكاد يكون حتمياً"، وإسرائيل مستعدة لمهاجمة إيران مرةً أخرى إذا اقتربت من إنتاج سلاح نووي، كما حذّر المسؤولون.
يقول محللون إن "جولات أخرى متوقعة" بين إيران وإسرائيل، لأن عوامل الحرب قائمة. فإيران تواصل نشاطها النووي السرّي، وتستمر في تطوير برنامجها الصاروخي، وتحاول تمويل وتسليح جماعاتها. واعظ يعتبر أن "إسرائيل تشعر بأن المهمة لم تنتهِ بعد، ولا ترى سبباً لعدم استئناف الصراع، لذا تُضاعف إيران استعداداتها للجولة المقبلة".
فشل الديبلوماسية
لم تحرز المفاوضات الأميركية – الإيرانية والتواصل غير المباشر تقدماً ملحوظاً. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يقول إن الولايات المتحدة عرضت "شروطاً غير مقبولة ومستحيلة"، بما في ذلك إجراء محادثات مباشرة ووقف إيران الكامل والموثوق لتخصيب اليورانيوم. ورفض عراقجي مجدداً إجراء محادثات مباشرة ووقف التخصيب.
ثمّة جناحان في إيران. بعض المسؤولين الإيرانيين يرغبون في تقديم تنازلات وإبرام صفقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما يفضّل آخرون المواجهة، معتقدين استحالة "التعامل معه". لكنّ المعسكرين يعتبران جولة أخرى من المواجهة أمراً "لا مفرّ منه" وفق "نيويورك تايمز". ويقول واعظ: "لذا تُضاعف إيران استعداداتها للجولة التالية، وتريد أن تُنتج توازناً جديداً يُبدّد الشعور بالضعف".
في المحصّلة، يبدو أن المواجهة الجديدة بين إيران وإسرائيل قريبة، فتل أبيب التي تسعى لتغيير التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط وتعديل الخرائط وفق خططها التوسّعية ستستثمر في فرص الحرب والتصعيد في المنطقة لتعود وتضرب إيران بهدف خفض قوتها إلى الحد الأدنى، لكن يبدو أن أبواب الديبلوماسية لم تقفل بعد بالكامل، فالضربة لم تحصل، إما تحضيراً أو إفساحاً بالمجال للحلول السياسية.
نبض