معروف أن موسم الزيتون في الأردن، يعد الموسم الزراعي الأبرز، وعادة ما تصاحبه أجواء فرح وبهجة في أوساط المزارعين والعاملين وكذلك أصحاب المعاصر، بوصفه موسم رزق وفير تستفيد منه آلاف الأسر.

لكن الحال بدا هذا الموسم مختلفاً على نحو لافت، حيث كميات الإنتاج شحيحة مقارنة بمواسم سابقة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر صفيحة الزيت، ودفع في الوقت ذاته وزارة الزراعة إلى فتح باب استيراد الزيت، مشيرة إلى أن "هذه الخطوة تأتي ضمن جهودها في توفير مادة زيت الزيتون الأساسية للمستهلك وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق المحلية، والحفاظ على استقرار الأسعار وحماية المستهلكين من أي ارتفاعات غير مبررة نتيجة تراجع الإنتاج هذا العام".

وفي تصريحات لـ"النهار"، أجمع مزارعون وأصحاب معاصر على أن "الموسم الحالي يعد الأسوأ منذ سنوات طويلة، بسبب قلة الأمطار ونقص المياه، بالإضافة إلى موجات الحر والجفاف".

المزارع خلدون عبد ربه يقول إنه يمتلك عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون، لكنها على غيرة العادة، لم تنتج سوى كميات متواضعة من الثمار، ما اضطره إلى ترك غالبيتها دون قطاف، لأن الجهد والكلفة المالية تفوق العائد من القطف.

وأضاف أن غالبية المزارعين يعتمدون على موسم الزيتون كمصدر دخل أساسي لهم، ومن خلاله يسعون إلى تغطية الالتزامات المالية المترتبة عليهم، في حين يواجهون الآن مأزقاً كبيراً سيضعهم في صفوف الملاحقين مالياً.

ويتفق المزارع أحمد عطا مع ما طرحه عبد ربه، مضيفاً أن العديد من المزارعين سيواجهون مصيراً مجهولاً في حال لم تتخذ وزارة الزراعة إجراءات ذات جدوى لمساعدتهم في تخطي الأزمة.

وأشار عطا إلى أن أسعار الزيت ارتفعت هذا الموسم بحيث تراوح سعر الصفيحة بين 140 إلى 150 دينارا (بين 197 إلى 211 دولاراً) مقارنة بنحو 100 دينار (140 دولاراً) خلال الموسم السابق.

إحدى العائلات العاملة في القطاف (أرشيفية)

امتناع عن القطاف

إلى ذلك، يقول حمدان العلي إنه وأفراد أسرته اعتادوا على العمل في قطاف ثمار الزيتون كل موسم وبأجور وصفها بـ"الجيدة"، لكنه شدد على أن الأمر مختلف هذا الموسم كون كميات الثمار تراجعت على نحو غير مسبوق، وامتنع العديد من المزارعين عن القطاف نظراً لعدم جدواه.

ذلك الأمر، اضطر العلي وأسرته إلى العمل بأجور تقل بنسبة 30% عما تقاضوه خلال الموسم الماضي، مؤكداً في الوقت ذاته أن "الضرر طاول الجميع".

ولا يختلف الأمر بالنسبة لمحمد أبو بدر صاحب إحدى معاصر الزيتون، حيث يواجه هو الآخر خسائر كبيرة تلقي بظلالها أيضاً على جميع العاملين في المعصرة.

أبو بدر يقول إن غالبية المعاصر تعمل بنصف طاقتها أو أقل، وبعضها يعمل لساعات قليلة فقط خلال اليوم الواحد، ما يعني تراكم الخسائر ومواجهة شبح الإغلاق التام.

تراجع الإنتاج

من جهته، قال وزير الزراعة صائب خريسات في تصريحات صحافية، الجمعة، إنّ الموسم الحالي لثمار الزيتون شهد تراجعاً نتيجة شح الأمطار والجفاف الذي تعرضت له المملكة، مما أثر على إنتاج الزيتون العام الحالي.

وأضاف خريسات أن الوزارة رصدت كميات الثمار المنتجة لهذا العام وكميات زيت الزيتون المتوقع الحصول عليها، مرجحا أن إنتاج زيت الزيتون لهذا الموسم سيبلغ نحو 17 إلى 18 ألف طن، في حين أن معدل استهلاك المملكة السنوي من زيت الزيتون يبلغ نحو 28 ألف طن، مما يعني وجود عجز نحو 10 آلاف طن.

وأوضح أن الوزارة لجأت إلى فتح باب استيراد زيت الزيتون؛ لسد هذا العجز وتقليل الأعباء على المواطنين، مؤكدا أن الأسعار ستكون في متناول الجميع وستنخفض بشكل كبير.

وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، فإن كميات الزيت المنتجة حتى مطلع الشهر الحالي بلغت 1.419 طنا، في حين كان معدل الإنتاج العام خلال السنوات (2025–2012) نحو 2.542 طنا في الفترة ذاتها من الموسم، مما يعني أن إنتاج شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2025 شكّل %55.8 فقط من المعدل الموسمي العام، وهو ما يشير إلى أداء ضعيف مقارنة بالمواسم السابقة.


وأضافت: "تؤشر النتائج إلى أن موسم هذا العام من إنتاج زيت الزيتون سيسجل انخفاضاً ملحوظاً في إنتاج زيت الزيتون، وتعكس تباطؤا في وتيرة الإنتاج مقارنة بالمواسم السابقة، حيث تشير التقارير السابقة إلى أن معدل الإنتاج لزيت الزيتون يبلغ نحو 25 ألف طن سنوياً، وأن كمية الإنتاج في الموسم الماضي (2024) بلغت ذروتها التاريخية وبلغت 35.828 طنا".