انتخابات مجلس النواب الأردني... "الجنرال" يحسم السباق بلا منافسين
غابت السخونة والإثارة التي عادة يشهدها انتخاب رئيس لمجلس النواب الأردني، مع حسم السباق مسبقاً لصالح النائب الحالي الجنرال مازن القاضي وسط خلو الساحة من المنافسين.
ويفتتح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني غداً الأحد، الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة بخطاب العرش السامي، وبعد ذلك يتم انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه الأول والثاني والمساعدين.
والقاضي الذي يعد أحد أبرز الوجوه العشائرية الوازنة في المملكة، سبق أن شغل منصب وزير الداخلية ومدير عام الأمن العام، وسيصعد إلى رأس الهرم النيابي باسم حزب الميثاق الوطني، خلفاً لأحمد الصفدي الذي كان أعلن نيته عدم الترشح لدورة رئاسية جديدة، بعد أن تقلد المنصب 3 مرات متتالية.
وخلت الساحة أمام القاضي من المنافسين بعد أن توصلت كتل وائتلافات حزبية في مجلس النواب إلى تفاهمات واسعة حول توزيع مناصب المكتب الدائم للمجلس، بعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات المكثفة التي جرت خلال الأيام الماضية، فيما لم تكن كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ضمن تلك التفاهمات.
وأفضت تلك التفاهمات إلى الإجماع على اختيار القاضي لرئاسة المجلس بعد إقناع المرشحين مصطفى الخصاونة وعلى الخلايلة بالانسحاب.
وفي انتخابات العام الماضي، مني مرشح حزب جبهة العمل الإسلامي صالح العرموطي بخسارة قاسية أمام أحمد الصفدي، حيث حصل على 37 صوتاً مقابل 98 صوتاً للصفدي من إجمالي 138 العدد الكلي لأعضاء المجلس.
ويستذكر أردنيون محطات كان فيها انتخاب رئيس مجلس النواب حدثاً ساخناً لا يخلو من المنافسة الشديدة والإثارة، منتقدين في الوقت ذاته اللجوء إلى "التزكية" بدلاً من الانتخاب.
وبحسب المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، الكاتب الصحافي طلال غنيمات، فإن "الجنرال القاضي صاحب خبرة وكفاءة في البرلمان، وهو من الشخصيات التي تحظى بتوافق وطني وقريب من مراكز صنع القرار في حين يمتلك علاقات طيبة ومتوازنة مع مختلف التيارات السياسية".
مرحلة حساسة يشهدها الأردن
لكن غنيمات وإن كان يرى في القاضي شخصية مؤهلة لقيادة العمل البرلماني في مرحلة حساسة يشهدها الأردن نظراً للأحداث وتطوراتها في المنطقة والإقليم، إلا أنه لا يؤيد أن تصبح "التزكية" نهجاً في انتخاب رئيس المجلس، لافتاً إلى أن الأصل هو وجود منافسة حقيقية تمثل مختلف التيارات، وبالتالي تعزز نهجاً ديموقراطياً يدفه إلى الأمام منظومة التحديث السياسي في المملكة.
وأضاف لـ"النهار" أن المجلس برئاسة القاضي سيكون أمام مهمة استعادة ثقة الأردنيين بمجلس نوابهم الذي اهتزت صورته على مدى سنوات، بالإضافة إلى ممارسة المجلس لدور غير تقليدي فيما يخص الرقابة والتشريع، وأداء مقنع بشأن السياسات العامة، لا سيما القضايا المعيشية والاقتصادية التي تمس حياة المواطن اليومية.
وتابع غنيمات أن التحديات الخارجية أيضاً تتواصل أمام الأردن، ما يتطلب أداءً نيابياً مدركاً بشكل عميق لتلك التحديات، وبالتالي اتخاذ المواقف التي تعبر عن حجم المسؤولية الوطنية وتمنح موقف المملكة زخماً أكبر.

"رغبة داخل مطبخ القرار"
ومن وجهة نظر الباحث السياسي محمد صبيح الزواهرة: "لا يبدو في المشهد السياسي الأردني أن ما يحدث داخل أروقة البرلمان ينفصل عن حسابات الدولة الأوسع. فكل انتخاب أو توافق يحمل في طيّاته دلالات أبعد من مجرد تنافس نيابي، ويمثل انعكاساً لاتجاه الدولة في إدارة المرحلة المقبلة".
وأضاف الزواهرة لـ"النهار" أن "ليس من المشهد الصحي في الحياة السياسية أن يعرف المجتمع والإعلام، بل وحتى النواب أنفسهم، اسم رئيس مجلس النواب قبل أشهر من انعقاد المجلس. ومع ذلك، يبدو أن التوافق على مازن القاضي جاء استجابة لرغبة واضحة داخل مطبخ القرار بوجود شخصية ذات خلفية أمنية على رأس السلطة التشريعية".
وأشار إلى أن "القاضي شغل مناصب أمنية رفيعة من قيادة قوات البادية إلى إدارة الأمن الوقائي وصولاً إلى موقع مدير الأمن العام، ما جعله يمتلك خبرة واسعة في التعامل مع الملفات الحساسة والمعقدة. وهذه الخلفية تحديداً هي التي أهلته لتولي هذا المنصب الدستوري الأهم، في مرحلة تتسم بتقلبات سياسية وعسكرية في الإقليم والمنطقة، تتطلب شخصيات تتقن قراءة المشهد وتوازناته الدقيقة".
ووفق الزواهرة، فإن "التوافق على القاضي يحمل رسالة واضحة بأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى الانضباط، وإدارة محكمة للعلاقات بين السلطات، وضبط إيقاع المشهد الداخلي بما ينسجم مع متطلبات الاستقرار الوطني".
نبض