توترت أجواء الحملات الانتخابية في "المناطق المتنازع عليها" بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية، بعد اتهامات كردية بمنح آلاف البطاقات الانتخابية لمستقدمين من خارج محافظة كركوك، بغية تغيير موازين القوى الانتخابية فيها. كما أثار حرق مقر للحزب الديموقراطي الكردستاني في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، وتخريب منظم للوحات الدعائية لمرشحي الحزب في القضاء وفي عموم المحافظة، توتراً إضافياً.
الأوساط الكردية في المناطق الشمالية والغربية من محافظة كركوك اتهمت المفوضية المستقلة للانتخابات بمنح البطاقات الانتخابية لآلاف المستقدمين من غير أبناء المحافظة، الذين أسكنهم النظام العراقي السابق خلال عقدي الثمانينات والتسعينات، بغية إحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة عبر طرد السكان الأكراد وإحلال فلاحين من "العرب" مستقدمين من محافظات أخرى في قراهم.
ويشرح الناشط المدني ستران ملا، في اتصال مع "النهار"، أسباب الحساسية المتنامية في تلك المناطق قبيل إجراء الانتخابات في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، قائلاً: "طوال سنوات، كان ثمة صراع سياسي وقانوني خاضته الأحزاب الكردية بشأن موقع المستقدمين عبر حملات التعريب وحقوقهم في العملية الانتخابية، إلى أن تمكنت من تعديل المادة 13 من قانون الانتخاب عام 2018، التي تفرض على مفوضية الانتخابات التدقيق التام في سجل الناخب قبل منحه بطاقة انتخابية في المحافظة، للتأكد من أصالة تابعيته لها. لكن المفوضية، بسبب ميول بعض موظفيها التابعين لأحزاب سياسية، لا تطبّق ذلك بدقة. راهناً، هناك آلاف الناخبين (العرب) في مناطق بلكانة ودبس وسركران، رغم أن هذه المناطق كانت تاريخياً كردية تماماً، وجميع الإخوة العرب الحاصلين على هذه البطاقات هم من المستقدمين أثناء عمليات التعريب، وهذا يخلق صراعاً وحساسية سياسية وشعبية".
وهددت الأطراف السياسية الكردية باللجوء إلى طلب تأجيل الانتخابات في المحافظة إلى حين إجراء تدقيق واضح لسجلات الناخبين، بمراقبة مختلف الجهات الرقابية والسياسية. واتهم المركز الانتخابي في الاتحاد الوطني الكردستاني السلطات المشرفة على المحافظة بالسماح لآلاف المستقدمين بالحصول على بطاقات انتخابية، خصوصاً بعد عام 2017، حينما استُبعدت قوات البيشمركة الكردية من الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظة، مطالباً بالعودة إلى سجلات عام 1957 لتكون أساساً لمنح البطاقات الانتخابية.

حرق لوحات إعلانية خاصة بمرشح الحزب الديموقراطي الكردستاني في محافظة نينوى النائب محما خليل. (وسائل تواصل اجتماعي)

وفي سياق موازٍ، تعرض مكتب النائب والمرشح عن الحزب الديموقراطي الكردستاني محما خليل للحرق في قضاء سنجار شمال غرب محافظة نينوى (الموصل). التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الحريق وقع بفعل فاعل. وقال النائب المرشح لوسائل إعلام محلية إن المكتب خدميٌّ لكل سكان القضاء ويعمل منذ سنوات. من جهته، أفاد المكتب الإعلامي للحزب بأن عدداً كبيراً من لوحات مرشحيه تعرضت للحرق والتخريب، وجاء في بيان رسمي: "قامت مجموعة من العناصر المجهولة التي تحمل ثقافة داعشية بحرق البوسترات واللوحات الانتخابية الخاصة بمرشح الحزب الديموقراطي الكردستاني في محافظة نينوى، النائب محما خليل علي آغا، في باحة مكتبه بقضاء سنجار".
الجدير بالذكر أن قضاء سنجار من أكثر مناطق محافظة نينوى حساسية، إذ تتقاسم السيطرة عليه فصائل قريبة من حزب العمال الكردستاني والحشد الشعبي، وهما طرفان مناهضان سياسياً وأمنياً للحزب الديموقراطي الكردستاني. وتعود الحساسيات في القضاء بشكل مستدام إلى عودة آلاف المتهمين بالمشاركة في المجازر التي طاولت أبناء الديانة الإيزيدية هناك. فسنجار هي جزء من المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، التي تضم أيضاً محافظة كركوك وأجزاء واسعة من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين.