شرم الشيخ تؤسس لمرحلة جديدة: نهاية نفوذ إيران وبداية الدور العربي

مشهد جديد رسمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط. قمّة شرم الشيخ نقطة التحوّل الأبرز في المنطقة منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر و7 تشرين الأول/أكتوبر. مشهد ذات توازنات جديدة ومنظومة عمل إقليمية بأطراف مختلفة، سيتراجع فيها الدور الإيراني ويتقدّم على حسابه الدوران التركي والعربي، مع فائض قوّة إسرائيلي وعودة أميركية مباشرة.
قد تكون قمّة شرم الشيخ نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة. نهاية حرب غزّة ومعها بداية نهاية حرب إسرائيل مع إيران وحلفائها في المنطقة، مع ترجيح جولات قتال مستقبلية بين تل أبيب وطهران كجزء من هذه النهاية. وبداية مرحلة جديدة لا مقاعد لـ"حماس" وإيران فيها، بل دور تركي متقدّم في سوريا وعربي بارز في غزّة والضفة الغربية، وصفقات أبراهام جديدة وتسويات إقليمية مفصلية.
ويوصّف الكاتب والمحلل السياسي عبد اللطيف المناوي الحدث في شرم الشيخ، فيقول لـ"النهار" إنها "مشهدية شديدة الأهمية، محورية ومفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي". يسمّي الصفقة "اتفاق الضرورة"، كون الأطراف باعتقاده وصلت إليها "مرغمة" بعدما شعرت بـ"إجهاد وضغط"، وأرادت إيجاد فرصة لإعادة ترتيب أوراقها، الأمر الذي دفعها للبحث عن "نقطة توقف".
هل يصمد الاتفاق؟
قد يكون السؤال الأبرز عن احتمالات صمود الاتفاق ووقف الحرب نهائياً في غزّة، كون تجارب إسرائيل مع الصفقات والتسويات غير مشجّعة، وعادت إلى الحرب بعد هدنة كانون الثاني/يناير 2025 بعد وقف للنار رعاه ترامب. لكن يسود اعتقاد بأن الصفقة هذه المرّة مغايرة لجملة من المعايير، منها تدمير قدرات "حماس"، وضغط ترامب لإنهاء الحرب، وفتح باب المواجهة المباشرة مع إيران والتفرّغ لها.
ويقول المناوي إن هذه النقطة رئيسية وتعتمد على "قدرة" الأطراف على "الحفاظ" على ما تم التوصّل إليه في شرم الشيخ. لكنه يسأل: "نتنياهو توقف تحت وطأة الضغوط الشديدة، لكن هل يدفعه هذا الواقع إلى العودة (للحرب) لضمان موقعه ومستقبله؟ "حماس" مُنيت بخسائر كبيرة، لكن هل يدفعها ذلك إلى تحويل المشهدية إلى حرب شوارع (كحال مخيّمات الضفة الغربية) لإعاقة مسار الاتفاق؟
لا أجوبة واضحة على هذه الأسئلة بعد، فإسرائيل لم تعدل عن مشاريعها التوسعية والجنوب السوري يشهد توغلات وسيطرة إسرائيلية عميقة تتطوّر باستمرار. و"حماس" فصيل عسكري يتغذّى على الصراعات وقد لا يجد في الصفقة مستقبلاً فيلجأ إلى الفوضى بعدما فقد قدرته على الحرب، لكن المناوي يشير إلى قدرة الأطراف العربية على إيجاد صيغة تعاون ويعوّل عليها لضمان نجاح الاتفاق.
في المحصّلة، فإن ما بعد قمّة شرم الشيخ لن يكون كما قبله. انتهاء حرب 7 أكتوبر في غزّة سيفتح الباب أمام مستقبل القطاع ودوره الاقتصادي في المنطقة بظل مشاريع "ريفييرا" وغيرها. لكن عدم القدرة على تهجير الفلسطينيين أو نقلهم إلى مناطق أخرى قد يعيق هذا المسار. وتبقى العين مفتوحة على حروب إسرائيل في الإقليم، لا سيما إيران وجنوب لبنان، ومصيرها بعد انتهاء حرب غزّة.