لا ضمانات مكتوبة رسمية لـ"حماس"... الثقة في ترامب!

المشرق-العربي 10-10-2025 | 23:49

لا ضمانات مكتوبة رسمية لـ"حماس"... الثقة في ترامب!

أعلن ترامب خطّته الشاملة في 29 أيلول/سبتمبر خلال زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، وأعطت "حماس" موافقتها المشروطة بعد 4 أيام، وهو ما اعتبره الرئيس الأميركي ضوءاً أخضر.
لا ضمانات مكتوبة رسمية لـ"حماس"... الثقة في ترامب!
دونالد ترامب. (أ ف ب)
Smaller Bigger

وصفت حركة "حماس" الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّه عنصري "ووصفة للفوضى" ورجل ذو رؤية عبثية لغزة.

وقال مسؤولان فلسطينيان إن اتّصالاً هاتفياً غير عادي الشهر الماضي ساعد في إقناع "حماس" بأن الرئيس الأميركي قد يُجبر إسرائيل على قبول اتّفاق سلام حتّى لو سلّمت الحركة كافة الأسرى الذين يمنحونها نفوذاً في الحرب في غزة.

وفي المكالمة التي تداولتها وسائل إعلام في ذلك الوقت، طلب ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماع في البيت الأبيض في أيلول/سبتمبر، إجراء اتصال للاعتذار لرئيس الوزراء القطري عن الغارة الإسرائيلية على مجمع سكني يضم قادة سياسيين لـ"حماس" في العاصمة القطرية الدوحة.

وذكر المسؤولان أن تعامل ترامب مع الهجوم على قطر، الذي لم يؤتِ ثماره في استهداف مسؤولي "حماس"، بمن فيهم كبير المفاوضين خليل الحية، أعطى الحركة مزيداً من الثقة حيال قدرته على الوقوف في وجه نتنياهو وأنّه جاد بشأن إنهاء الحرب في غزة.

والآن، بعد التوقيع على وقف إطلاق النار الذي توسّط فيه ترامب يوم الأربعاء، وضعت الحركة المسلّحة المزيد من الثقة في رجل اقترح خلال العام الجاري فقط طرد الفلسطينيين من غزة وإعادة بنائها لتصبح منتجعاً شاطئياً تسيطر عليه الولايات المتحدة.

وبموجب الاتّفاق، الذي دخل حيّز التنفيذ اليوم الجمعة، وافقت "حماس" على الإفراج عن الأسرى من دون التوصّل لاتّفاق على الانسحاب الكامل لإسرائيل. وأقرّ مسؤولان آخران من "حماس" بأن هذه مجازفة محفوفة بالمخاطر، وتعوّل على مدى حرص الرئيس الأميركي على إتمام الصفقة وعدم السماح بفشلها.

ولفت أحد مسؤولي "حماس" إلى أن قادة الحركة يدركون جيّداً أن مجازفتهم قد تأتي بنتائج عكسية. ويخشون من أنّه بمجرد إطلاق سراح الأسرى، قد تستأنف إسرائيل حملتها العسكرية، كما حدث بعد وقف إطلاق النار في كانون الثاني/يناير، والذي شارك فيه فريق ترامب عن كثب.

ولكن "حماس"، التي اجتمعت لإجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل في مركز مؤتمرات بمدينة شرم الشيخ المصرية المطلّة على البحر الأحمر، لمست ما يكفي من التطمينات نظراً لوجود شخصيات مقرّبة من ترامب وقوى إقليمية للتوقيع على وقف إطلاق النار على الرغم من أنّه لم يضع حلّاً لعدد من المطالب الأساسية للحركة، من بينها السعي لإقامة دولة فلسطينية.

 

صورة جوية لقطاع غزة. (أ ف ب)
صورة جوية لقطاع غزة. (أ ف ب)

 

وأشار أحد مسؤولي "حماس" لـ"رويترز" إلى أن رغبة ترامب كانت محسوسة "للغاية" في مركز المؤتمرات. وذكر مسؤول أميركي كبير أن ترامب اتّصل شخصياً 3 مرّات خلال الجلسة الماراثونية، بينما كان صهره جاريد كوشنر والمبعوث ستيف ويتكوف يتنقلان بين المفاوضين الإسرائيليين والقطريين.

غموض المراحل اللاحقة
في الوقت الذي يمهّد فيه هذا الاتّفاق الطريق نحو إنهاء الحرب، التي اندلعت بهجوم "حماس" على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإنّه لم يتّضح بعد مدى إمكان تحقّق المراحل اللاحقة التي تصوّرها ترامب في خطّة غزة المكوّنة من 20 نقطة.

وقال المسؤولان الفلسطينيان ومصدر آخر مطّلع على المحادثات إن تعامل ترامب مع الغارات على قطر ووقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً إسرائيلية استمرّت 12 يوماً مع إيران في حزيران/يونيو منح مفاوضي "حماس" الثقة في أن الرئيس الأميركي لن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال بمجرّد إطلاق سراح الأسرى.

وكان هؤلاء المسؤولون ضمن 5 مسؤولين فلسطينيين، من بينهم 3 من "حماس"، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين كبيرين و5 مصادر أخرى مطّلعة على المحادثات تحدّثت إلى "رويترز" بشأن هذه القصّة.

وذكر مصدر مطّلع في واشنطن أن مساعدي ترامب انتهزوا فرصة تنفيذ نتنياهو غارة على قطر لتحويل غضب ترامب على الزعيم الإسرائيلي إلى ضغوط لقبول إطار عمل لإنهاء حرب غزة.

وأوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض أن ترامب، الذي وطّد العلاقات مع دول الخليج، يعتبر أمير قطر صديقاً ولم يكن يحب رؤية صور الغارات على التلفزيون، ووصفها بأنّها نقطة تحوّل مهمّة جمعت العالم العربي.

وقال مسؤول فلسطيني في غزة مطّلع على المحادثات وجهود الوساطة إن الوعد العلني الذي قطعه ترامب بعدم تكرار مثل هذه الهجمات الإسرائيلية على قطر منحه مصداقية في نظر "حماس" وغيرها من الجهّات الفاعلة في المنطقة.

وذكر جوناثان راينهولد من قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان في إسرائيل "حقيقة أنّه (ترامب) قدّم لقطر ضمانة أمنية بأن إسرائيل لن تهاجمها مرّة أخرى، عزّزت من ثقة حماس في أن وقف إطلاق النار سيظل قائماً".

وأوضح المسؤول الفلسطيني في غزة أن "حماس" على علم بالأمر العلني الذي أصدره ترامب لإيران وإسرائيل بوقف الأعمال القتالية، في إشارة إلى طلب ترامب عبر منصّته "تروث سوشيال" بأن "تتراجع الطائرات الإسرائيلية" من غارة جوية كانت مزمعة على إيران بعد ساعات من إعلانه وقف إطلاق النار في الحرب بينهما.

وأضاف المسؤول أنّه على الرغم من طابع ترامب الاستعراضي فإنّه يفعل ما يقوله، مشيراً إلى أن ذلك أظهر استعداد ترامب لإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار.

 

جمود المحادثات
أعلن ترامب خطّته الشاملة في 29 أيلول/سبتمبر خلال زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، وأعطت "حماس" موافقتها المشروطة بعد 4 أيام، وهو ما اعتبره الرئيس الأميركي ضوءاً أخضر.

وقال مسؤول مطّلع على المحادثات لـ"رويترز" إنّه حتّى يوم الثلاثاء الماضي بدت المحادثات المرتبطة بسبل تنفيذ الخطّة متعثّرة بسبب قضايا من بينها سرعة ومدى انسحاب القوّات الإسرائيلية من غزة للسماح لـ"حماس" بجمع الأسرى وإطلاق سراحهم. وأضاف المصدر أن وسطاء من قطر ومصر وتركيا لم يتمكّنوا من تحريك الأمور.

وأوضح المصدر أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قرّر يوم الثلاثاء السفر إلى شرم الشيخ لكسر هذا الجمود بينما وصل ويتكوف وكوشنر صباح الأربعاء، لتُستأنف المحادثات قرب ظهر اليوم نفسه.

وكان حضور رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين مهمّاً أيضاً بسبب علاقات أنقرة القويّة مع "حماس" ولقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الآونة الأخيرة مع الرئيس الأميركي، والذي قال بعده إن ترامب طلب منه المساعدة في إقناع "حماس" بقبول الخطّة.

وتصرّ "حماس" منذ عامين على عدم إطلاق سراح الاسرى إلا مقابل انسحاب إسرائيلي كامل وإنهاء الصراع بشكل نهائي في حين تقول إسرائيل إنّها لن توقف القتال إلا عند عودة الأسرى والقضاء على الحركة.

ولم تحصل أي منهما على ما تريده بالكامل إذ ستُبقي إسرائيل سيطرتها على نحو نصف قطاع غزة لمدّة غير محدّدة بينما ستظل "حماس" منظّمة. ولم يُحسم بعد موعد نزع سلاح "حماس" الذي نصّت عليه خطّة ترامب. وقال مصدر مطّلع على المحادثات إن هذه الآلية في حد ذاتها، مع حاجة الطرفين إلى مزيد من النتائج، ربما تساعد في دفع المحادثات إلى الأمام.

وأعلن المسؤول الأميركي الكبير والمصدر الفلسطيني في غزة أن من التطوّرات المهمّة خلال المحادثات نجاح الوسطاء في إقناع "حماس" بأن استمرارها في احتجاز الأسرى صار عبئاً عليها بدلاً من أن يكون ورقة ضغط.

وقال المسؤول الفلسطيني إن "حماس" اقتنعت بوجهة نظر مفادها أن استمرار احتجاز الأسرى يقوّض الدعم العالمي للفلسطينيين وإنّه بدونهم لن يكون لإسرائيل مصداقية لاستئناف القتال.

ولفت مسؤولان من "حماس" لـ"رويترز" إلى أن الحركة لم تتلقَ أي ضمانات رسمية مكتوبة مدعومة بآليات تنفيذ محدّدة بأن المرحلة الأولى التي تشمل الإفراج عن الأسرى والانسحاب الإسرائيلي الجزئي ووقف القتال ستمضي قدماً نحو تصوّر لاتّفاق أوسع نطاقاً ينهي الحرب.

وأضاف المصدران من "حماس" ومسؤولان آخران مطلعان على المحادثات أن الحركة قبلت تأكيدات شفهية من الولايات المتحدة والوسطاء -مصر وقطر وتركيا- بأن ترامب سيحرص على إتمام الاتّفاق وعدم السماح لإسرائيل باستئناف حملتها العسكرية بمجرّد تحرير الأسرى.

وقال أحد مسؤولي "حماس": "بالنسبة لنا هذا الاتفاق يعني أن الحرب قد انتهت".

المقامرة قد تأتي بنتائج عكسية
رأى المسؤول في "حماس" أن قادة الحركة يدركون جيّداً أن مقامرتهم قد تأتي بنتائج عكسية.

فعلى الرغم من اتّفاق سابق على إطلاق سراح الاسرى على مراحل بالتزامن مع انسحاب إسرائيلي بعد وقف إطلاق النار في كانون الثاني/يناير، فقد أعلن ترامب خلال إحدى مراحل تلك العملية أن على "حماس" تحرير جميع الأسرى دفعة واحدة وإلّا فإنّه سيلغي الاتّفاق وهدّد بأن "أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها".

وانهار الاتّفاق بعد أسابيع وأدّى استمرار الحرب إلى زيادة عدد القتلى الفلسطينيين بأكثر من 16 ألفاً، وفقاً للسلطات الصحية في غزة. وبعد حظر إسرائيلي للمساعدات أعلن مرصد عالمي معني بمراقبة الجوع وجود مجاعة في القطاع.

وقال أحد الدبلوماسيين في المنطقة إن إسرائيل قد تستغل الفرصة لمواصلة توجيه ضربات لـ"حماس"، وخصوصاً إذا ما شنّت الجماعة المسلّحة أو حلفاؤها هجمات مثل إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

واعتبر أحد مسؤولي "حماس" أن الأمور تبدو مختلفة هذه المرّة مقارنة بوقف إطلاق النار السابق. وأضاف المسؤول أن الحركة شعرت بأن الإسرائيليين قادمون بجدّية للتوصّل إلى اتّفاق وأن ضغوط مصر وقطر وتركيا والأميركيين على الجانبين تؤتي ثمارها.

وأشار مصدر مطّلع على المحادثات إلى أن زيارة ترامب المتوقّعة للشرق الأوسط اعتباراً من يوم الأحد ستساعد على ضمان استمرار الاتّفاق حتى مع عدم التوافق على بعض التفاصيل الصعبة، واصفاً دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنّها "خطوة ذكية جدّاً".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/10/2025 8:28:00 AM
أثار الفيديو المتداول تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي
اقتصاد وأعمال 10/8/2025 7:17:00 PM
ما هو الذهب الصافي الصلب الصيني، ولماذا هو منافس قوي للذهب التقليدي، وكيف سيغير مستقبل صناعة المجوهرات عالمياً، وأهم مزاياه، وبماذا ينصح الخبراء المشترين؟
اسرائيليات 10/9/2025 3:20:00 PM
جلس في أحد المقاهي البيروتية واحتسى فنجان قهوة بين الزوار المحليين.