المشرق-العربي 07-10-2025 | 06:05

عامان من الحرب في غزة... "حماس" المنهكة تتكيّف وسط القتال والفوضى

السؤال الذي يُطرح حالياً هو ما مدى قوة "حماس" بعد مرور عامين على هجمات 7 أكتوبر؟
عامان من الحرب في غزة... "حماس" المنهكة تتكيّف وسط القتال والفوضى
عناصر من "حماس" (وكالات).
Smaller Bigger

بعد عامين على الحرب في غزة، لا تزال حركة "حماس" قوة قائمة رغم الضربات الإسرائيلية القاسية. وبينما تقلصت قدراتها، استعادت بعض قوتها بينما لا يزال الجيش الإسرائيلي يتمتع بتفوّق كبير.


نجحت "حماس" في الاحتفاظ بالرهائن الإسرائيليين الباقين، والحفاظ على بعض القدرة على مواصلة قتال القوات الإسرائيلية، وتجنيد أعضاء جدد، والبقاء القوة المهيمنة داخل غزة، بحسب قناة "إيه بي سي نيوز". والسؤال الذي يُطرح حالياً هو ما مدى قوة "حماس" بعد مرور عامين على هجمات 7 أكتوبر؟

 


عدد المقاتلين

قبل اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان يُقدَّر أن الجماعة المسلحة تضمّ ما بين 25,000 و30,000 مقاتل. على مدى العامين الماضيين، أفادت مصادر أمنية إسرائيلية أنها قتلت حوالى 17,000 من هؤلاء المقاتلين. لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي دليل قاطع على عدد مقاتلي "حماس" الذين قُتلوا، ويشير العديد من المراقبين إلى أن العدد قد يكون أقل بكثير.

وأظهرت قاعدة بيانات إسرائيلية سرّية، استشهدت بها وسائل إعلام بريطانية وإسرائيلية، أنه حتى أيار/مايو 2025، لم يُقتل أو "يُعتقد أنه قُتل" سوى 8,900 مقاتل معروف من "حماس" أو حليفتها "الجهاد الإسلامي". وهذا يعني أن أكثر من 80% من حصيلة القتلى في غزة هم من المدنيين. ورغم أن عدد مقاتلي "حماس" قد يكون موضع نقاش، هناك أمر واحد واضح: لقد قتلت إسرائيل معظم قيادات الجماعة العليا.


الآلاف من المجندين


أفاد مركز مراقبة الصراعات المتمركز في الولايات المتحدة (Armed Conflict Location and Event Data) أو ACLED بأن "حماس" ربما تكون جنّدت المزيد من المقاتلين خلال العامين الماضيين.

في وقت سابق من هذا العام، قال مسؤولو المخابرات الأميركية لوكالة "رويترز" إنهم يعتقدون أن الحركة الفلسطينية ربما تكون جندت ما بين 10,000 و15,000 مقاتل جديد.

وقالت مجلة "فورين أفيرز" في شهر آب/أغسطس إن "هناك مؤشرات، بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أن أعداداً متزايدة من الشباب الفلسطينيين الذين لم يتلقوا تدريباً سابقاً ينضمّون إلى "كتائب القسام" (الجناح العسكري لحماس) ويقومون بأعمال حرب عصابات".

 

ويقول الكاتب والصحافي المختص بالشأن الاسرائيلي نهاد أبو غوش لـ"النهار" إن "حماس تمكنت من تجديد صفوفها بآلاف المقاتلين على الرغم من خسارتها آلافاً غيرهم، بحسب تقارير أمنية إسرائيلية"، ويضيف أن ذلك "يعزز المنهج الصفري الذي يوجّه عمليات الجيش الإسرائيلي والذي لا يترك للفلسطينيين خياراً سوى المقاومة". 

 

مقاتلو حماس، (وكالات).
مقاتلو حماس، (وكالات).

 

وكشفت صحيفة "التلغراف" أن الجيش الإسرائيلي يواجه جيلاً جديداً من مقاتلي "حماس" في غزة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع لم تفصح عن هويته وصفه لمقاتلي "حماس" من الجيل الجديد بأنهم "يقاتلون بضراوة، ويعملون كمنظومة واحدة" رغم افتقارهم إلى الخبرة والمهارات التكتيكية التي تمتع بها أسلافهم. 

 

تكتيكات حرب العصابات

قتل الجيش الإسرائيلي آلاف مقاتلي "حماس" في غزة، ودمّر مخزونها من الأسلحة، وقضى على معظم شبكة أنفاقها تحت الأرض. وأجبر الهجوم الإسرائيلي الجناح العسكري المنهك للحركة على التغيير لتتحوّل من جيش منظم إلى مجموعات متفرقة من المقاتلين، تركز على التحصّن والبقاء على قيد الحياة خلال الحرب، مع شنّ كمائن على الجنود الإسرائيليين.

وبالفعل، على مدى العامين الماضيين، غيّرت "حماس" تكتيكاتها. فهي تعمل الآن كجماعة لامركزية وتعتمد بنحو متزايد على حرب العصابات وتكتيكات الكرّ والفرّ والكمائن باستخدام المتفجرات، وفقاً لمنظمة ACLED، بدلاً من الانخراط في قتال مباشر مع الجنود الإسرائيليين.


ويقول أبو غوش لـ"النهار": "في ما يتعلق بعمليات الفصائل بحد ذاتها، من الواضح أنها تمكنت من ابتكار وسائل وأساليب من مجريات الحرب ذاتها: الخروج المفاجئ من الأنفاق ومن بين الركام، الجرأة الفردية لتعويض فارق القوة المادية الهائل، معرفة نقاط ضعف الآليات الإسرائيلية، انتظار خروج الجنود الإسرائيليين من آلياتهم، بالإضافة إلى ما راكمته الحركة من خبرات على مدار السنوات الماضية". 

ويشير إلى أن "من الواضح أنها ما زالت تملك مشاغل ومخارط لتصنيع العبوات عميقاً في الأنفاق التي تقدّر إسرائيل أنها بحاجة إلى سنوات من أجل القضاء عليها، المسألة الرئيسية التي لا تستطيع إسرائيل حسمها بالقوة العسكرية".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن المدير التنفيذي السابق لقناة "الأقصى" وسام عفيفة قوله: "على الأرض، لم يعد هناك معاقل ثابتة لحماس بالمعنى العسكري التقليدي. ما بقي اليوم هو خلايا مقاومة صغيرة متنقلة تقاتل بأسلوب حرب العصابات".


الحكم المدني في غزة

منذ عام 2007، كانت "حماس" تتولى زمام الأمور في غزة، وكانت مسؤولة عن الحكم المدني في القطاع. ويقول بعض المراقبين إن الجناح المدني للجماعة قد تكيّف مع الوضع. ولكن الجيش الإسرائيلي يستهدف بنحو متزايد "الأفراد والمرافق المرتبطة بحكم حماس والبلديات وقوات الشرطة" في محاولة لإضعاف سيطرة الحركة المدنية على غزة.

وفي أواخر أيلول/سبتمبر، قال مسؤول في وكالة إغاثة لصحيفة "الغارديان" البريطانية إنهم لم يتلقوا أي أخبار من "حماس" منذ آذار/مارس، وإنهم يتعاملون بدلاً من ذلك مع مجموعات مجتمعية أخرى. تواجه "حماس" أيضاً منافسة داخلية متزايدة، حيث تشير تقارير حديثة إلى أن إسرائيل زادت عمداً من دعمها للجماعات المناهضة لها في غزة.

وقال محللون في مركز الأبحاث "إنترناشونال كراسيس غروب" في وقت سابق: "يفيد الفلسطينيون بأن مسؤولي حماس تغيّبوا أكثر فأكثر عن أداء مهامهم العامة، بما في ذلك مهام الأمن، منذ استئناف الحرب، ويرجع ذلك جزئياً إلى الفوضى الناجمة عن القصف، ولكن أيضاً إلى الخوف من استهداف إسرائيل الصريح لهياكل الحكم".

وقال ضابط سابق في قوات الأمن الداخلي في غزة لـ"بي بي سي" إن "حماس" فقدت السيطرة على معظم أنحاء غزة. وأضاف في تصريحات للمحطة البريطانية أن العصابات الإجرامية والعشائر تملأ الفراغ الأمني، قائلاً إن المجتمع انهار تماماً في غزة.


بعد عامين من الحرب الطاحنة، تُظهر "حماس" مرونة لافتة، فبرغم الضربات القاسية، احتفظت بفاعلية ميدانية تجعل استئصالها أمراً بالغ التعقيد.

 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.