الكلاب الضالة في الأردن… رعب مستمر وحوادث أليمة وسط غياب الحلول

رغم أن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة وسط الأحياء السكنية في الأردن وما تسببه من قلق مجتمعي يشمل مختلف محافظات المملكة ليست جديدة، إلا أنها سرعان ما تتجدد وتعود لتسيطر على حديث الأردنيين واهتماماتهم، وذلك مع وقوع حوادث مؤسفة بين الفترة والأخرى.

آخر تلك الحوادث والتي أثارت استياءً واسعاً بين الأردنيين، تتمثل بتعرض طالبات مدرسة لهجوم قطيع كلاب ضالة في مدينة الرمثا شمالي المملكة، حيث تعرضت إحداهن لإصابة بالغة، وتم تداول صور إصابتها على نطاق واسع مرفقة بتعليقات غاضبة تطالب بضرورة إيجاد حلول لمشكلة الانتشار الكبير للكلاب الضالة في مختلف المناطق.

 

الطالبة المصابة جراء هجوم كلاب ضالة (الرمثا نت)

 

وظاهرة الكلاب الضالة تعد واحدة من أعقد الملفات التي تتعامل معها الجهات الرسمية، في ظل عدم توفر مخصصات مالية كافية لدى البلديات لمواجهة انتشارها بالطرق العلمية السليمة، وكذلك وسط تشريعات أصبحت تمنع وتحت طائلة العقوبات، التعرض لتلك الكلاب بإطلاق النار عليها أو تسميمها كما كان يحدث سابقاً.

وبحسب ما ذكرت صفحة "الرمثا نت" التي نشرت صور إصابة الطالبة، فإن "الطالبة طفلة في الصف الرابع الابتدائي وتدعى مرح محمود، وذكرت والدتها، التي تعمل ممرضة في قسم الكلى بمستشفى الرمثا، أنها تلقت اتصالاً من ابنتها الثانية يفيد بتعرض مرح للعقر. وتم نقل الطفلة إلى المستشفى حيث تلقت العلاجات اللازمة".

وأضافت الصفحة "الأم ناشدت الجهات المعنية بضرورة العمل على حماية الأطفال والطلبة من انتشار الكلاب الضالة، وخاصة في ساعات الصباح الباكر، لضمان سلامتهم وتجنب تكرار مثل هذه الحوادث". 

وفي أعقاب الحادثة، أكدت مستشارة شؤون البيئة في وزارة الإدارة المحلية، أسماء الغزاوي، أن "الحلول المتوفرة حالياً لدى الوزارة والبلديات لمواجهة ظاهرة الكلاب الضالة تقتصر على عمليات التطعيم والتعقيم"، مشددة على أن "الأساليب الأخرى مثل إطلاق النار عليها أو التسميم ممنوعة قانونياً".

وأشارت خلال حديثها لقناة "المملكة" الرسمية، إلى أن "الوزارة، بالتعاون مع البلديات، تبذل جهوداً كبيرة للحد من انتشار الكلاب الضالة، وهناك خطة لإنشاء مراكز للسيطرة على توالدها".

 

 

وأضافت الغزاوي أن "نقابة الأطباء البيطريين قدمت خطة طوارئ لأمانة عمّان، تهدف إلى التعاون مع البلديات والعيادات البيطرية المرخصة من القطاع الخاص، لمعالجة الظاهرة ضمن آلية تضمن حقوق جميع الأطراف"، موضحة أن "ضعف الموازنات البلدية ساهم في تأخير إنشاء مراكز متخصصة للسيطرة على تكاثر الكلاب الضالة، نظراً لحاجتها إلى تمويلات مرتفعة وكلف مالية عالية".

من جهته، يقول الصحافي عبد العزيز محمديين لـ"النهار" إن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في الأحياء السكنية بات تشكل مصدر قلق ورعب للأردنيين أكثر من أي وقت مضى، لا سيما بالنسبة للأطفال والنساء، وذلك في ظل عجز رسمي عن التصدي لتلك الظاهرة.

ولا يؤيد محمديين المطالب التي تدعو للسماح بقتل الكلاب الضالة، لكنه في الوقت ذاته، يشدد على وجوب توفر بديل من قبل السلطات يحد من الظاهرة أو ينهيها، بحيث لا يترك الناس في مواجهة الأمر بلا أي أدوات مواجهة.

أما عضو أحد المجالس البلدية السابقة وسيم فواز، فيقول لـ"النهار" إن "بلديات المملكة بشكل عام تعاني من أزمات مالية، ولديها مسؤوليات كبيرة تتعلق بالجانبين الخدمي والتنموي، وبعض البلديات موازنتها بالكاد تكفي لتقديم خدمات البنية التحتية الأساسية، فلا تجد ما يسعفها من مال للتحرك بشكل فعال للتعامل مع الكلاب الضالة".

 

إلى ذلك، قال مدير مديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة محمد الحوارات، في تصريحات سابقة له، إنه جرى تسجيل وفاتين بعقر الكلاب و5605 حالات عقر منذ بداية العام الحالي غالبيتها من الكلاب بنسبة 60-70%، فيما جرى تسجيل 9401 حالة عقر عام 2024.

وأضاف أن ما يقارب 4-5 ملايين دينار تخصص سنويا من موازنة الوزارة لتوفير مصل لعلاج عقر الكلاب. وشرح الحوارات آلية التعامل مع الشخص الذي يتعرض للعقر، مشيرا إلى أنه يجري إعطاء مطعوم خاص بناء على وزن الشخص.

وقال إن "الشخص الواحد تكلفته من 400-450 دينار بحال كان وزنه على سبيل المثال 70 كغم ما بين مصل و4 جرعات من المطعوم".