قمّة عربية - إسلامية في الولايات المتحدة... وهوس ترامب بـ"السلام"
يعيش الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هوس تحقيق إنجازات على مستوى السياسة الخارجية، لرسم صورة "رجل السلام" عن نفسه، وربما حصد جائزة "نوبل" للسلام لاحقاً. وعد ترامب بإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، ووقف النار في غزّة، لكنه فشل في المهمتين، ما دفعه لإنزال المزيد من الضغوط بهدف تحقيق خرق يذكر.
هذه الضغوط ستتمثّل بالقمّة العربية – الإسلامية التي سيعقدها في البيت الأبيض مع السعودية، الإمارات، قطر، مصر، الأردن وتركيا، وفق "أكسيوس". سيكون الملف الفلسطيني أبرز القضايا المطروحة على جدول الأعمال. وتتزامن هذه القمّة مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزّة من جهة، وتزايد عمليات الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جهة أخرى.
ثمّة أسئلة كثيرة تُطرح حيال القمّة ومدى قدرتها على تحقيق خرق فعلي بالملف الفلسطيني، أكان لجهة التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، أو حتى ما هو أبعد من ذلك، كالنقاش في مستقبل فلسطين وحل الدولتين. لكن ما هو لافت أن القمّة تغيّب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وبالتالي المحادثات ستكون ضاغطة ودافعة نحو إيجاد الحلول، لكنها لن تفرز حلولاً واقعية.
دوافع القمّة
يريد ترامب استغلال قمّة الأمم المتحدة في نيويورك لعقد محادثات على هامشها تفضي إلى تحقيق إنجازات، أو على الأقل خروقات، في ميدان السياسة الخارجية. في هذا السياق، تقول كبيرة محللي الشؤون الفلسطينية في "مجموعة الأزمات الدولية" تهاني مصطفى إن الرئيس الأميركي يريد تحقيق الإنجازات، السعي لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وتهدئة التوترات مع مجلس التعاون الخليجي.

التطبيع السعودي – الإسرائيلي يشكّل الإنجاز المحتمل الأكبر لسياسة ترامب الخارجية، وإن تمكّن من تحقيقه فإنّه بذلك يكون قد قطع شوطاً كبيراً في الشرق الأوسط. لكن التطبيع يستوجب تسوية الملف الفلسطيني، لأن السعودية تشترط إنهاء الحرب وتشييد دولة فلسطينية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، واحتمالات موافقة الولايات المتحدة على دولة فلسطينية ليست واقعية في المدى المنظور.
ماذا عن النتائج؟
في السياق نفسه، لا يتوقع المحللون نتائج فعلية وواقعية للقمّة العربية – الإسلامية. تذكّر مصطفى خلال حديثها مع "النهار" بسلسلة القمم الدولية التي عُقدت ولم تؤدِّ إلى نتائج، وتقول إن المخرج الوحيد الذي قد يترك آثاراً ملموسة هو محاولة "كبح جماح الممارسات الإسرائيلية على الأرض، سواء في الضفة الغربية أو غزة".
ثمّة محللون يشيرون إلى أن الأطراف العربية والإسلامية في القمّة قد تطالب بحل شامل للقضية الفلسطينية خلال القمّة مع ترامب، لكن الأخير يسعى لحلول قصيرة الأمد، لأن تحقيقها أسهل نسبياً، ويحقق له هدف الإنجاز في السياسة الخارجية. تهاني ترى أن ترامب "أكثر اهتماماً" بالنتائج الملموسة والحلول السريعة مثل وقف النار، وملفات كإقامة دولة فلسطينية وإنهاء التوسّع الإسرائيلي أمور طويلة المدى.
في المحصّلة، فإن القمّة العربية – الإسلامية المنتظرة لن تُعلّق عليها آمال عالية، والأرجح أنها ستضاف إلى سجلات القمم والمباحثات التي عُقدت في السابق ولم تنتج عنها حلول فعلية، إلّا إذا جرت مقاربة الملف من زاوية أخرى، وهي وضع حدود للحركة الإسرائيلية في فلسطين والمنطقة عموماً، تؤسس لحلول مستدامة.
نبض