التحقيق الدولي في السويداء... هل يكون الخطوة الأولى نحو الحلّ؟
وقت قصير يفصل السويداء عن انطلاق التحقيق الأممي بالأحداث الدموية التي شهدتها المحافظة السورية الجنوبية بين فصائل محلية درزية والقوات الحكومية قبل أكثر من شهر. تحقيق قد يشكّل خطوة محورية في إطار ترميم العلاقة بين السويداء ودمشق، بعدما تراجعت فرص تشييد كيان درزي ذي حكم ذاتي، كون المشروع غير موافق عليه من قبل الولايات المتحدة القلقة من عودة إيران من بوابة تقسيم سوريا.
إذ وفق المعلومات، من المفترض أن تباشر لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة المخصّصة لسوريا خلال وقت قصير عملها في السويداء، وتحقق بالانتهاكات التي حصلت من قبل الطرفين، وليس الحكومة فقط، كون ثمّة جرائم ارتكبتها الفصائل الدرزية أيضاً بحق عشائر البدو التي تقطن في السويداء، على أن تقدّم تقريرها وتحدّد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة.
خط لجنة التحقيق الأممية عمل عليه الحزب "التقدمي الاشتراكي" اللبناني ورئيسه السابق وليد جنبلاط. وجرى تواصل بين الحزب ومكاتب الأمم المتحدة في لبنان، وبالتحديد ممثلة الأمم المتحدة في لبنان جينين بلاسخارت والممثل الإقليمي لمكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مازن شقورة، وطالب الحزب بتحقيق دولي شفاف ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

تسأل "النهار" مصدراً في الحزب "التقدمي الاشتراكي" عن أهمية هذه الخطوة وسبب إصرار جنبلاط عليها، فيعود خلال حديثه إلى خريطة الحل الذي تحدّث عنها جنبلاط سابقاً، والتي تبدأ بالتحقيق وتحديد المسؤوليات بالتوازي مع العمل على ملف المخطوفين وإعادتهم بأسرع وقت، تمهيداً لبدء خطوات الحوار وصولاً إلى المصالحة.
خطوة التحقيق "حلقة محورية" ودونها لا يمكن أن تكتمل حلقات الحل، وفق ما يقول المصدر، لأن ثمّة جرائم ارتُكبت لا يمكن الهروب من المحاسبة عليها. وأي تلكؤ بهذا الصدد "لن يخدم مساعي التهدئة والحوار"، كون العدالة "أساساً لتخفيف الاحتقان وتخطي قضايا الثأر وكل ما يعرقل المصالحة"، وباباً نحو ردم هوّة الثقة بين السويداء ودمشق.
مصادر أخرى في السويداء تبدي ارتياحها لعمل لجنة التحقيق الدولية، باعتبارها لجنة محايدة، ولأن المحافظة كانت قد طالبت بتحقيق دولي. وتنتظر منها تحقيقاً "شفافاً وعادلاً" يعطي أهالي السويداء حقهم لجهة تحديد المسؤوليات. لكنها تشدّد على وجوب محاسبة المسؤولين الذين يظهر تقرير لجنة التحقيق مسؤوليتهم، وإلّا تبقى الخطوة الأممية ناقصة.
في المحصّلة، فإن الفجوة بين السويداء ودمشق عميقة، وخطوات كثيرة مطلوبة لإعادة الثقة، أولاها إرساء مبدأي العدالة والمحاسبة، على أن يستكمل المسار بحوار ومصالحة ثم ترسيخ للوجود الدرزي في السلطات والحكم من خلال آليات دستورية، وهي إجراءات تحتاج للوقت والجهد، ولكن الأهم تفادي تكرار سيناريو تمّوز الماضي.
نبض