معاليه أدوميم تتمدّد... والتهجير يلاحق بدو القدس

المشرق-العربي 29-08-2025 | 06:06

معاليه أدوميم تتمدّد... والتهجير يلاحق بدو القدس

يقول ممثل "تجمع البابا" عطالله الجهالين، لـ"النهار": "إسرائيل اليوم تعيد استنساخ النكبة. فبعد أن هجرتنا من النقب، ها هي تعيد التاريخ مرة أخرى بعد 77 عاماً".
معاليه أدوميم تتمدّد... والتهجير يلاحق بدو القدس
مدرسة قرية الخان الأحمر. (النهار)
Smaller Bigger

يقع تجمع الخان الأحمر في الجنوب الشرقي من مدينة القدس، على بُعد 16 كيلومتراً على طريق القدس-أريحا، بالقرب من مستوطنات "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم" و"ميشور أدوميم". تبلغ مساحة القرية 40 دونماً. تحدها من الشمال بلدة عناتا، ومن الغرب العيسوية، ومن الجنوب الغربي العيزرية وأبوديس، ومن الجنوب عرب بن عبيد، ومن الشرق عرب السواحرة.


عُرفت قرية الخان الأحمر قديماً باسم "مار أفتيميوس"، وسميت بالخان الأحمر نسبة إلى اللون الأحمر المستخرج من حجر الجير المكسوّ بأكسيد الحديد، المكوّن للتلال الحمراء المحيطة.

 


تسكنها اليوم نحو 45 عائلة من عشيرتي أبو داهوك والجهالين، المهجّرتين من النقب في العام 1952. يعيش السكان في حالة من القلق والخوف والترقب، فهم من جهة لا يمكنهم التفكير في تحسين أوضاعهم المعيشية؛ لأنهم منذ عام 2000 يواجهون تهديدات تراوح ما بين تقييد الدخول إلى القرية وقرارات الهدم بحجة البناء غير المرخص، وصولاً إلى الهدم الكامل للقرية، علماً بأن البيوت تتكون من الصفيح والخيام. ومن جهة أخرى، هم بانتظار أوامر الإخلاء القسري في أي وقت بعدما تبنت الحكومة الإسرائيلية المشروع الاستيطاني، وكأن ظروف حياتهم القاسية أصلاً لا تكفي.

 

 

لافتة تشير إلى مستوطنة معاليه أدوميم. (النهار)
لافتة تشير إلى مستوطنة معاليه أدوميم. (النهار)

 

التقت "النهار" في الخان الأحمر خميس عيد الجهالين، الناطق باسم بدو شرقي القدس، الذي وصف وضع القرية بأنه مشابه لوضع غزة، "وما ينقص فقط هو القصف الجوي، فهي محاصرة تماماً بالمستوطنات التي تخنقها من كل الاتجاهات".


يوضح خميس بأن هدف المشروع الاستيطاني "إي 1" هو الاستيلاء على مناطق "سي"، وتحويل مدن أريحا وبيت لحم إلى كانتونات. لكن الخطر الأكبر سيطال مدينة القدس؛ فـ"بعدما أُغلقت من الشمال والجنوب لم يبقَ للفلسطينيين إلا الجهة الشرقية، التي سيُفرّغونها من التجمعات الفلسطينية لربط المستوطنات بالقدس مباشرة وعزلها عن محيطها الفلسطيني، وتقسيم الضفة الغربية إلى شمالية وجنوبية وتحويل كل محافظة إلى سجن كبير".


وعن مصيرهم المحتمل، يقول: "سيكون كمصير بدو الكعابنة، إذ قام الجيش بإخلائهم من تجمعهم السكاني قبل أقل من شهرين، وألقى بقسم منهم قرب رام الله والآخر في محافظة أريحا مستخدماً الشاحنات. بالنسبة إلينا، ربما سيقومون بإلقاء بعضنا في بلدة العيزرية المكتظة أصلاً، والقسم الآخر في أريحا. نحن بانتظار المجهول".

 


يعتبر خميس أن الهدف اليوم بات واضحاً، وهو تهجير الضفة من أهلها. فالمدن "باتت هدفاً لهم"، متسائلاً: "كيف سيتمكن التاجر من الخليل من الوصول إلى رام الله أو نابلس؟ كيف سيتمكن الطبيب من التنقل بين مستشفيات الضفة؟ كل ذلك سيدفع الناس إلى الهجرة".

 

مستوطنة قتلت نسيج حياة الفلسطينيين

على الطريق بين الخان الأحمر وجبل البابا تجثم مستوطنة معاليه أدوميم، التي أُقيمت على أراضي بلدات العيزرية وأبوديس والطور. وتحولت اليوم إلى أحد أكبر ثلاثة تجمعات استيطانية في الضفة الغربية، إضافة إلى غوش عتصيون شمالي الخليل، وأريئيل قرب سلفيت، وأكثرها توسعاً منذ تأسيسها في العام 1975. يعيش فيها أكثر من 40 ألف مستوطن على مساحة 30 كيلومتراً مربعاً، والأرقام مرشحة للازدياد في ظل تنامي المخططات الاستيطانية التوسعية.


في العام 1996 وعد رئيس بلدية المستوطنة، بيني كاشريئيل، بربط المستوطنة بمدينة القدس واعتبارها جزءاً منها، ووعد بتغيير الصورة الحالية التي يرى فيها المسافر على الطريق مناطق فارغة وقرى فلسطينية "معادية"، إلى صورة أخرى من الأحياء والفنادق، إضافة إلى مضاعفة أعداد المستوطنين.


وعند الوصول إلى جبل البابا بدا جلياً مدى تغير جغرافية المنطقة خلال السنوات الماضية، وكيف بدأت آثار التوسع الاستيطاني تظهر للعلن، وكيف تعاني بلدتا العيزرية وأبوديس، وهما المدخل الوحيد للجبل، من الاكتظاظ السكاني والحصار الذي سببه جدار الفصل العنصري. وتحولت المستوطنة إلى أخطبوط كبير يسيطر على ما تبقى من أراضٍ.

 


يطل جبل البابا على بيت عنيا والبحر الميت. وقد أُهدي إلى البابا بولس السادس خلال زيارته الأرض المقدسة عام 1964. ويعيش معظم البدو على أراضٍ مملوكة للفاتيكان وبمباركته.

 

لافة تشير إلى منطقة
لافة تشير إلى منطقة

 

خلال السنوات الماضية تعرّض سكان التجمع لمضايقات بدأت بشق الطريق الواصلة بين المستوطنة والقدس، إذ طُرد عدد منهم وحوصروا في المنطقة التي يقطنون فيها حالياً. ثم حُرموا من استخدام نبع المياه القريب من الجبل بعد حفر بئر ارتوازية إلى جواره وضخّ المياه إلى المستوطنة.


إلى جانب ذلك، تعرّض الرعاة ومواشيهم لاعتداءات، كما قُلّصت المساحات المتاحة للرعي والتنقل، مما دفع الكثيرين إلى بيع مواشيهم بعدما كانت مصدر رزقهم الأساسي. كما قُلّصت مساحة الأراضي التي كانت تزرع بالقمح، وأصبح ممنوعاً الوصول إليها بحجة أن المستوطنين يستخدمونها لإقامة الاحتفالات بذكرى "الاستقلال"، علماً بأنها غنية بآبار المياه التي تُستخدم لريّ المزروعات.


يقول ممثل "تجمع البابا" عطالله الجهالين، لـ"النهار"، إن "سلطات الاحتلال ممثلة بالإدارة المدنية وزّعت الأسبوع الماضي أوامر هدم وتهجير جديدة، "والهجمة شرسة هذه المرة، ونحن نقف أمام مصير مجهول".
ويضيف الجهالين أن المستوطنة منذ إنشائها وهي تمتد يوماً بعد يوم باتجاه مدينة القدس، و"نحن بقينا وحدنا بين مدينة القدس وهذه المستوطنة".

 

ممثل
ممثل

 

يرى عطالله أن أخطر ما في المشروع الاستيطاني الجديد هو أنه سيحدّ من إمكانية تطور البلدات الفلسطينية من جراء مصادرة آلاف الدونمات، كما سيؤدّي إلى تهجير وعزل البدو سكان المنطقة.


ويختم ممثل "تجمع البابا" حديثه بالقول: "إسرائيل اليوم تعيد استنساخ النكبة. فبعد أن هجرتنا من النقب، ها هي تعيد التاريخ مرة أخرى بعد 77 عاماً".

 

 

رأي
مرال قطينة
مشروع "إي 1"... إسرائيل تُسابق الزمن لطمس الدولة الفلسطينية
يُعتبر مشروع الاستيطان المعروف بـ" إي 1" (E1) أخطر حلقات مخطط تقسيم الضفة الغربية، إذ يهدد بإجهاض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً.


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 6:32:00 AM
تلقّى اتصالاً من قيادته الإيرانيّة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2024، أي قبل ثلاثة أيام من سقوط الحكم السابق، طلبت منه فيه التوجّه إلى مقرّ العمليات في حيّ المزة فيلات شرقية في العاصمة صباح الجمعة في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2024 بسبب "أمر هام".
المشرق-العربي 12/8/2025 7:07:00 AM
ألقى الشرع كلمة قصيرة بعد الصلاة قال فيها: "سنعيد بناء سوريا بطاعة الله عز وجل، وبنصرة المستضعفين، والعدالة بين الناس"
سياسة 12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً