كيديّات وأجندات ومقاومات!

يبدو أن ملف السلاح الإيراني في لبنان والعراق وُضع على نار حامية، والقرار اللبناني الجدي اليوم بشأن سلاح حزب الله المتفلت من كل عقال يحشر حكومة السوداني العراقية، مع مراعاة اختلافات جوهرية في علاقة إيران بكل من لبنان والعراق، واختلافات جوهرية أخرى في علاقة مجتمعي البلدين بمسألة السلاح.
"توكسيك" جداً علاقة اللبنانيين بـ"حزب الله"، إلى درجة مفاضلة أنصار الحزب بين وجهين من وجوه الممانعة: كان شارع حافظ الأسد آخر خيط يربط لبنان إسمياً بشعارات المقاومة، وأثار قرار الحكومة اللبنانية تسمية الشارع نفسه باسم الراحل حديثاً زياد الرحباني حفيظة بيئة المقاومة، مع أن الرحباني كان شيوعياً موالياً جداً لـ"حزب الله". الأدهى أن أحد القرّيبين من حزب إيران وصف القرار اللبناني بأنه "كيدية سياسية"، متهماً رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بأنه ينفذ "أجندة أميركية".
في عُرف "حزب الله"، بثّ خطاب شيخه نعيم قاسم وخلفه صورة ضابط إيراني مقتول، في التوقيت نفسه لجلسة الحكومة لمناقشة سحب سلاحه، ليس كيدية سياسية ولا تنفيذاً لأجندة إيرانية، إنما مقاومة؛ والشغب الذي يشنه على اللبنانيين بمسيرات تحمل أعلاماً إيرانية ليس كيدية سياسية وتنفيذاً لأجندة إيرانية، إنما مقاومة. وكلام عراقجي – ولايتي عن منع لبنان والعراق من جمع السلاح غير الشرعي ليس كيدية سياسية، وفرضاً على البلدين أجندة إيرانية، إنما مقاومة. وفي عرف اللبنانيين أن هذه كلها ليست إلا "فرفرة ديك مذبوح" ستصمت عاجلاً.
في عرف "حزب الله"، لبنان إيراني الهوى، تماماً كما كانت الحال حين ظنّ حافظ الأسد ونجله بشار أن لبنان محافظة سورية، وفي عرف اللبنانيين أنهم ما ميّزوا يوماً بين إيران وسوريا الأسد من جهة وإسرائيل من جهة، فكلهم يريدون موت لبنان ليعيشوا، ولا يفرقون اليوم أيضاً، مع اختلاف بسيط: ولّت سوريا الأسد... وكلهم بها لاحقون!